وجهة نظر

طريق 66 من شيكاغو بنت أمريكا ونظيرتها من العيون ستبني أفريقيا ..

كانت المسافة بين كشك بيع الجرائد بباب الحد ، وسط العاصمة الرباط ، ومقهى لا كوميدي المتاخمة لمقر وزارة الإعلام سابقا ، كافية لالتقاطي لتعليق الشاعر السوداني محمد مفتاح الفيتوري ، رحمة الله عليه ، يوم قال لي وهو يعدل قبعته المعقوفة إلى الأمام : ” يوم يلتفت المغرب إلى أمه إفريقيا ، سيصبح وطنا عظيما بمحركات دفع إيجابي لفائدة القارة السمراء ، وكل العالم”.

وفعلا تحقق حلم ” شاعر إفريقيا ” الذي اختار مغرب السلام وطنا يتسع لحلمه ، حتى دفن فيه ، رحمة الله عليه . وبالصدفة أو بغيرها ، وعى جلالة الملك محمد السادس يحفظه الله ، فكرة الفيتوري واستهدف عمقها بصبر وجلد ، وكانت البداية بأعاد الوطن إلى منظومته القارية ، رغم عقبات الحاسدين ، وعراقيل الحاقدين ، الذين أرادوا للمغرب تقهقرا وتخلفا ، ولإفريقيا وباء وتشتتا ، لكن الفاتح العظيم ، صاحب العمامة الموسومة بوسام الفتح المبين ، لم تصده تلك العراقيل ولا تلك العقبات التي يريد بها جار مريض ، شفاه الله وهداه ، جَورا وظلما ، رغم علمه أن في بلاد الأسود تكتفي الذئاب بالعواء.

لم تكن شهادة الراحل الفيتوري وحدها تستطيع دفع ساسة بلادي حينذاك ، منتصف التسعينيات من القرن الماضي ، والحرب الباردة ، وتطاحن المصالح والامتيازات ، كافية لجذب نظرهم إلى القارة السمراء ، بل كانوا مفتونين في غفلة عنها ، لدرجة لم تُحَمِّس فيهم الانفتاح القُطري على القاري ، لأن القُطري في علم السياسة فرداني ، أناني ، منغلق على ذاته بسبب خوف ، أو جشع أو طمع وعدم الثقة في النفس ، عكس القطري / القاري ، الذي يكون جماعيا متكاملا مع باقي الأقطار ، يشدها إليه بتفكير القناعة والشبع ، والتدبير الإنساني التضامني ، وبرامج التقدم والتنمية لفائدة الإنسان في كل الأقطار.

هذا تحليل ” مطلب ” ، شغلني به شاعر ليبي آخر ، للأسف طحنته ثورة الكبت الجماهيري في ليبيا ، مع من طحنت من أتباع العقيد القذافي ، غفر الله لنا وله ، وهو الشاعر محمد أبو سيف ، الذي أَسَرَّ لي يوما ، ونحن في طريقنا إلى مهرجان ” إمرقان ” بمدينة الناظور ، أن الزعيم الليبي الراحل ” أناني مجنون عظمة ، لا يستطيع قيادة الأقطار الإفريقية أكثر مما يستطيع أن يفرق بينها ” ، مبشرا إياي ، كما الفيتوري ، أن قائد القارة السمراء لن يكون إلا المغرب ” ، معلقا : ” وأن مشروع المملكة المغربية الإفريقية سيزهر لا محالة بغد سعيد غني بوحدة شعوب إفريقيا في ظل مغرب إنساني تضامني حكيم ” .

للشاعرين المُلْهَمَين الحق في الحلم الجميل ، فهما ينسجمان في حلمهما مع طموح سياسي يتملك حفيد سلطان إفريقيا الذي نفته فرنسا الإستعمار المستبد إلى عمقها البعيد في مدغشقر ، ملك التحرير المتجلي لشعبه مع ضوء القمر ، سيدي محمد الخامس ، طيب الله ثراه ، جلالة الملك محمد السادس وفقه الله ، الذي يتلاقى في فكره السياسي اتجاه إفريقيا ، مع ما كان يوما في الولايات المتحدة الأمريكية طموح أجيال أسست له ببناء طريق سيار يخترق أمريكا من شرقها إلى غربها ، يعرف بالطريق 66 Route ، الذي يمتد على مسافة 4000 كلم .

الطريق 66 الذي يمتد من الشارعين الرئيسيين آذمز وميشيغان في شيكاغو ، وينتهي في مرسى سانتا مونيكا لليخوت في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا ، مرورا بسبرينغفيلد ، مسقط رأس أبراهام لينكون ، الرئيس الذي استطاع قيادة الولايات المتحدة الأمريكية بنجاح وإعادتها إلى الاتحاد الذي كانت قد انفصلت عنه ، مثلما فعل جلالة الملك بإعادته المملكة إلى الاتحاد الإفريقي ، في انتظار إعطاء جلالته انطلاقة بناء طريق سيار باسم 75 يربط المغرب بأفريقيا انطلاقا من مدينة العيون نحو بوسوانا عبر نيجيريا ونايروبي ، وصولا إلى أفريقيا الجنوبية ، ثم العبور إلى منتجع السلام بمدغشقر عبر قنطرة الأخوة والوئام .//.

انتهى .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *