منوعات، وجهة نظر

رحيق الكلام: المرآة

إلى أحمد بوزفور
هذا الصباح لست أدري كيف هاجمتني رغبة كبيرة أن أرى وجهي في المرآة، فقفزت من فراشي….. تقدمت نحو المرآة بيد أني وجدتها مكسرة إلى نصفين لم أر وجهي في المرآة منذ مدة طويلة , بدا لي هذا الصباح عبارة عن وجوه كثيرة،خلت أنها أقنعة,تناسلت الأسئلة في ذهني وانسابت كخيط حرير,وبدت الذكريات تهرب من أمامي كأرنب بري, هل تغيرت ملامحي لهذه الدرجة؟ أفعلت في السنون أفاعيلها؟ لماذا نعير آهتمامنا للمظاهر ونقصي الجوهر؟ و هل توجد مرآة نرى فيها قلوبنا، نرى فيها دواخلنا ولواعجنا، نرى فيها أحاسيسنا، نرى فيها أفعالنا وأعمالنا، طبعا سيكون ثمنها باهظا،… رن الهاتف رقم صديقي يتراقص على الشاشة، نسيت أن لي هذا الصباح موعدا مع وقفة أمام البرلمان للمطالبة بالإدماج المباشر في الوظيفة الحكومية، في طريقي امتطيت الحافلة، ثمة صداع في رأسي لم يزل عني ولو لحظة ، شغلني موضوع المرآة كثيرا، جموع من المعطلين من كل فج عميق تقترب من قبة البرلمان، شعارات تطالب بالإدماج الفوري، لافتات، صدريات، حناجر تصدح بصوت عال، في الجهة الأخرى من الرصيف عدد كثير من رجال “السيمي” على أهبة الاستعداد للانقضاض على الفريسة الطرية هذا الصباح، ترجلت إلى وسط الجموع أخدت مكبر الصوت تذكرت وجهي في المرآة، فقلت في نفسي هل الحكومة لها مرآة خاصة تزن بها أفعالها الحمقاء و قراراتها الجائرة؟ هل وزير التشغيل يتوفر على مرآة يرى فيها وجهه كل صباح إن كان له وجه وشغل معا؟، فجأة نزلت هراوة على رأسي كدت أن أسقط مغشيا علي, لذت بالفرار ثم إنزويت في زقاق ضيق وبسرعة هرولت مسرعا من هراوات قاتلة, رفعت رأسي أول ما رأيت مرآة كبيرة منتصبة وسط منزل يجتمع فيه الأصدقاء ,رأيت وجهي بوضوح لكن هذه المرة مخضبا بالدماء ومخططا بندوب جعلت منه خريطة لم أجد لي فيها موطئ قدم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *