المغرب العميق، مجتمع

“ما تودة”.. وفاة من روت ظمأ المقاومين في معركة جبل “بوكافر”

ودعت ساكنة قرية “غليل” بإقليم تنغير، صباح اليوم الجمعة، المعمرة “تودة موح” التي شاركت في معركة ” بوكافر” سنة 1933، حيث كانت آنذاك في الثالثة عشر من عمرها، وكانت مكلفة بجلب الماء للمقاومين وللأطفال والعجزة، بجرتها الطينية التي كانت تحملها فوق كتفها الصغير وتصعد بها إلى قمم جبل بوكافر.

وتوفيت “تودة موح” التي تجاوز عمرها 100 سنة، بمنزل إحدى بناتها بمنطقة “غليل أمجيال”، بجماعة “تغزوت نايت عطى”، بإقليم تنغير، في الساعات الأولى من صباح اليوم، بعد صراع طويل مع المرض، حيث خلفت وفاتها حزنا شديدا بالمنطقة.
https://al3omk.com/wp-content/uploads/2018/01/ddddddddddddd600829ee653e60143ef9b10660148fc3ee186014aa7c51b16014ca8c80dad.jpg
وقال أحد أقربائها، إنه أثناء مرضها، جيء إليها بالطبيب كي يفحصها، وبعد أن أخبرتها ابنتها بالأمر، التفتت إلى الطبيب مبتسمة وبروح الدعابة التي لا تفارقها، قائلة: “أوا إسغورك دوا ن تاوسرت؟”، هل لديك دواء للشيخوخة، مضيفا أنه قبل يومين من وفاتها، رافقناها إلى الطبيب، وبعد أن سألتنا عن وجهتنا، أخبرتها ابنتها أننا ذاهبون بها إلى الطبيب، ابتسمت وقالت بالأمازيغية: “أضبيب أختار ربي ايتيكان”، الطبيب الكبير هو الله.

ويقول لحسن بوتسكاوين، وهو من سكان المنطقة، “ما تودة هي ذاكرة تاريخية غنية فقدناها للأسف دون أن يستفيد منها الباحثين”، مضيفا أنه برغم من صغر سنها إبان معركة بوكافر إلا أنها كان تحمل على كثفها جرة طينية، تملأها بالماء وتنطلق بسرعة البرق وبقدمين حافيتين صاعدة الجبل لتوصل جرعة ماء ممزوجة بالدماء إلى الأطفال الصغار والعجزة والرجال المقاومين فوق قمم بوكافر الشامخة.
https://al3omk.com/wp-content/uploads/2018/01/27292652_1874856312587587_198340758_6014ad99786e6014ce63a15d60180013f39d6.jpg
وأضاف بوتسكاوين، في حديث مع جريدة “العمق”، أن “ما تودة” كانت مرجعا لبعض الصحافيين ممن يزرون المنطقة أثناء الاحتفال بذكرى معركة بوكافر، لافتا إلى أنه قبل حوالي 20 سنة كان يزورها باحث فرنسي مهتم مهتم بتاريخ المعركة التي قادها المقاوم عسو بسلام ضد المستعمر الفرنسي.

ويسترسل المتحدث قائلا: “تودة موح مثال للمرأة الامازيغية الشجاعة، امرأة عطاوية من طينة خاصة، شاركت في معركة بوكافر بشهامة مثل نظيراتها العطاويات.. وشهدت وفاة

ويتذكر بوتسكاوين، أنه سألها ذات يوم “مَّا تودة أريد أن أعرف ماذا ربحتم من تلك المعركة؟ أنتم الخاسرون بأي حال من الأحوال. لا أنتم نزلتم من الجبل كما صعدتم إليه بأقاربكم الشهداء و بدوابكم وشياهكم وأغنامكم، ولا أنتم طردتم المستعمر الغاشم..”.
https://al3omk.com/wp-content/uploads/2018/01/27331993_1610438259052557_7361717584380622284_6014ad99786e6014ce63a15d60180013f39d6.jpg
وكانت إجابة “ما تودة”: “نحن لما صعدنا إلى الجبل وفضلنا الحرب على إغراءات الكفار أو النصارى المستعمرين لم نكن نأمل أن نحصل على مقابل ذي صبغة مادية، وإنما كنا نريد وراء ذلك مقابل معنويا وهو أن نبقى أحرارا شجعانا محافظين على تقاليدنا وعاداتنا التي ورثناها من أجدادنا وألا يتدخل أي كان في شؤوننا ولم نكن نريد لا الظفر بمنصب أو مال أو أي شيء أخر”.

“بنيّ، أنتم الآن لستم مثلنا، تغيرتم كثيرا وأصبحتم تخدمون من كنا نحاربه ومن قتل أجدادكم في ذلك الجبل بل وصلت بكم الحماقة و السماجة إلى المغامرة بأرواحكم للعبور إلى الضفة الأخرى لتجمعوا أزبالهم وخرداتهم”، تضيف المرحومة “تودة موح”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • تحية
    منذ 6 سنوات

    كلامها حق ونضالها حق وصبرها هبة من عند الله وذكاءها وقناعاتها ومبادءها انها المراة الحرة المتواضعة العاقلة والواعية الناضجة رحمة واسعة لها ولجميع الشهداء الاحرار والابرار اسكنها الله فسيح الجنات انا لله وانا اليه راجعون