مجتمع

استحواذ المغاربة على المقاعد في القطارات .. أنانية أم حق مشروع؟

يعاني مستعملوا القطارت التي تقطع المسافات الطويلة من ظاهرة حجز بعض الأشخاص لأزيد من مقعد ليُسافروا في أريحية غير مبالين بالمسافرين الآخرين الواقفين الذين لا يجدون مقعدا لهم.

ويعمد بعض الأشخاص إلى الاستلقاء في 5 مقاعد مشتركة بغرف القطارات المقسمة مقصُوراتها إلى غرف مقفلة تتكون من 10 مقاعد “5 مقابل 5”.

وأكد أحد مراقبي القطارات القادمة من فاس نحو مراكش لأحد الركاب الذين استنكروا هذه التصرفات، أن المسافر عبر القطار حين يشتري تذكرته فهو يحصل على إمكانية السفر فقط دون شرط توفير المقعد، مضيفا أنه ليس مجبرا على إيجاد مقاعد للركاب، باستثناء مقصورات الدرجة الأولى التي يتم فيها حجز المقاعد بالترقيم.

ويظهر في الصورة أعلاه التي التقطتها جريدة “العمق” على متن قطار بين الرباط والدار البيضاء، رجل وزوجته حجزا لأنفسهما غرفة داخل القطار برفقة طفلتهما الصغيرة عن غير وجه حق، في الوقت الذي لا يجد فيه الكثير من الركاب مقعدا لهم.

وتجدر الإشارة إلى أن بعض القطارات مثل التي تربط بين مدينتي وجدة والدار البيضاء تتوفر على غرف خاصة بالنوم بتسعيرة خاصة بها، لكن الأغلبية تعمد في نفس القطارات أيضا إلى السباق نحو مقاعد الغرف وتحويلها لمكان للنوم غير آبهين للآخرين رغم طول المسافة.

وفي السياق ذاته استنكرت احدى السيدات هذا الوضع قائلة: “هؤلاء الناس أنانيين تنعدم فيهم الإنسانية ولا يعرفون معنى التعايش مع الآخر”، متسائلة: “كيف يعقل أن تختار السفر في القطار لأجل الذهاب في الوقت وبشكل مريح لتجد نفسك أمام التأخير والسفر واقفا”.

تصرف أناني وسرقة

وفي هذا السياق، اعتبر المختص في علم النفس الإجتماعي محسن بنزاكور أن الحديث عن الظاهرة يمكن حسمه في نقطتين، فمن الناحية النفسية تصرفات هؤلاء المسافرين هي تعبير عن الأنانية، وبالتالي هناك نماذج لم تتعلم معنى الحياة الاجتماعية التشاركية، مؤكدا أن هذه الظاهرة لا تقتصر على القطار، بل هي مجرد مثال يمكن أن نجده في إقامات السكن المشتركة، وعند الأطفال عندما يتسابقون ويتخاصمون عن مقعد الجلوس داخل القسم، وبين عامة الناس في صفوف الإنتظار.

وأضاف الدكتور الجامعي بنزاكور  في تصريح لجريدة “العمق”، أن عيوب الأنانية هذه، تأتي أساسا من التربية التي يتلقاها الطفل على حب التملك وعلى نوع من البحث عن الأسبقية على حساب الآخر، وهذا هو الخطير في المسألة، مبرزا أن إلغاء الآخر وإلغاء حقوق الآخر يبدأ بالظهور عندما تكون الحياة مشتركة.

وعبر بنزاكور عن اتفاقه مع تفسيرات بعض المحللين الذين يعتبرون أن تلك التصرفات بمثابة إفراز للضغوطات، مؤكدا أن المغربي عندما تتاح له الفرصة وتقدم له للظهور في مجال معين، فهو (المغربي) لا يظهرها على أساس أنه متوازن بل يظهرها على أساس إقصاء الآخر، مشيرا إلى أنه تمارس عليه ضغوطات وهو بدوره يمارسها على الآخر، مضيفا أنه عندما تتاح له الفرصة أحيانا لكي يتسيد، فهو يتسيد بدون حساب أو مراجعة أو أخلاق أو قيم وبدون أي مرجعية رابطا هذا البعد بالغريزة.

واعتبر المختص في علم النفس الاجتماعي في تصريحه لجريدة “العمق” أن الإشكال الخطير الذي يعرفه القطار، هو أن الإنسان عندما يصعد القطار يعرف أن لديه الحق في مقعد واحد، ومع ذلك يستحوذ أكثر من واحد، مما يجعل منطق الأنانية غير كافي للتفسير، بل يتعداه لعملية الاستحواذ والسرقة، لأن المسافر أدى ثمن تذكرة مقعد واحد ويأخذ مقعدين أو ثلاثة داخل القطار، علما أنه يعي بأنها سرقة ومع ذلك يقوم بالأمر.

وخلص المتحدث في تصريحه إلى أن المغربي شخص انتهازي “عزيز عليه الهمزة ايلا فلتت راه فلتت ايلا ما فلتتش راه يؤدي”، بحسب تعبيره، مبرزا أن ذلك يتمثل حتى من خلاله محاولات “السليت في التران مثلا”، وهذه كلها معطيات “يضيف بنزاكور” تؤكد على أنه ليس فقط البعد الأناني “البعد النفسي” بل حتى البعد الاجتماعي، مفهوم الضغوطات، مفهوم الثقافة الشعبية التي تداول بين الناس، مقدما أمثلة “الله يجعل الغفلة بين البايع والشاري” وكيف يترجمونها، “لي لقا الهمزة وما خداهاش كانبوا”، وغيرهم من المصطلحات التي تكون في المخيلة الشعبية وتتمثل حين تكون هناك حياة مشتركة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • محمد اشقيريبة
    منذ 6 سنوات

    صحح معلوماتك.لاتوجد مقصورات تحتوي على 10 مقاعد بل 8.ربما أنت لا تسافر بالقطار.والناس المستلقون على أكثر من مقعد يتركونها حالما يطلب منهم ذلك بكل روح التفاهم.ما لقيتي علاش تهدر؟...