منتدى العمق

حروب لا فائدة منها‎

ليس هناك حروب دينية و لكن هناك صراعات من أجل السلطة و النفوذ، فالأديان الغير مغرضة تنبذ العنف، و الإسلام جاء رحمة ترتكز على العدل، فإما الإحتكام إلى القانون أو الصراعات الدموية فيها القاتل و المقتول- من المتحاربين – في النار. إن منظري النزاعات الطائفية و المذهبية ليسوا إلا ” سياسيين” يعيثون في الأرض فسادا يجيشون جماعات من السذج و اليائسين و ضحايا التسلط و المشاكل الإجتماعية بهدف استغلالهم سياسيا تحت شعارات مذهبية. إن القوى الإنتهازية لن يذكر لها ذكر داخليا إلا بتهييج المذهبية و الركوب عليها، و القوى الخارجية ترى في إذكاء الفتن داخل المجتمعات المتخلفة تحريكا إيجابيا لبورصاتها و ضمانا ضد إفلاس شركاتها المتخصصة في صناعة الأسلحة، و كذلك عاملا لإبتزاز الدول الضعيفة عسكريا و الغنية بتروليا.

إن الدول العظمى مرشحة أكثر من غيرها للتفكك الداخلي، فالصين مثلا ستبلغ قريبا المليار و النصف مليار نسمة، و تتكون من 22 مقاطعة ،و خمس مناطق ذاتية الحكم و اثنتان عالية الحكم الذاتي، و بها 55 أقلية قومية كل واحدة من هذه الأقليات لها ثقافتها و لهجتها الخاصة بها، بالإضافة إلى اللغة الرسمية و لهجات أخرى، لكن الصينيين أيقنوا بأن الصراعات العرقية و الإثنية ستقدف بهم خارج التاريخ البشري، و من شدة حرصهم على التقدم و الإستقرار فإن القضاء الصيني يعرض المسؤولين حديثي التعيين على المسؤولين السابقين القابعين في السجون بسبب جرائم الفساد، و ذلك من أجل العبرة و الإذغان للقانون. و من أكبر التهديدات التي بدأت تفتك بالمجتمعات العربية و الإسلامية هي الصراعات السنية-الشيعية، و في هذا الإطار فلا الشيعة يستطيعون أن يجبروا السنة على على اعتناق معتقاداتهم، ولا السنة يستطيعون أن يفرضوا آرائهم على الشيعة، و الحل الوحيد و الأوحد هو الحوار الذي يميز الإنسان عن باقي المخلوقات، كما أن المتطرفين من الجانبين يجب أن يعتبروا من الأمم المتقدمة و الراقية التي استفادت من تاريخ حروبها الدينية.

فقد شهدت أوروبا في القرنين السادس عشر و السابع عشر حروبا دينية دامت بصورة متعاقبة أكثر من 130 سنة، كانت تذكى بمباركة رجال الدين ضد كل من يهدد مصالحهم أو يتمرد على حلفائهم من أباطرة الفساد، معتبرين المتمردين على كنائسهم أعداء لله فوق الأرض، و يدخل في هذا السياق الحروب التي وقعت بين الكاثوليك والبروتستانت التي لم تخلف إلا هلاك النسل و الحرث، و الأمراض و المجاعات و المشاكل الإجتماعية و الإقتصادية، وهذه الحروب نراها تتجلى بتالوث الهلاك ( التسلط، الجهل والطائفية) بسوريا و اليمن و تهدد دولا أخرى. ان الصراعات الطائفية لم و لن يكون فيها منتصرا و منهزما، وإنما دمارا و تخلفا و مستنقعا يغري القوى الخارجية بالتدخل بهدف تكريس سياساتها الإستعمارية الجديدة. فيا أمة بكت…وضحكت من جهلها الأمم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *