سياسة

“العمق” تعيد تشكيل القصة الكاملة لاعتقال بوعشرين على لسان دفاعه (+فيديو)

أماطت هيئة دفاع مدير نشر جريدة “أخبار اليوم” توفيق بوعشرين اللثام عن القصة الكاملة لاعتقال أحد أشهر الصحافيين بالمغرب ومتابعتهم بفصول قانون الاتجار بالبشر الذي تصل عقوبته إلى 30 عاما سجنا، حيث سلط المحامون في ندوة صحافية بالرباط الضوء على أبرز خبايا هذا الملف الذي وصفه المحامي عبد الصمد الإدريسي بأنه “ملف القرن”.

كرونولوجيا

قبل الساعة الخامسة من مساء يوم الجمعة 23 فبراير كان كل شيء عاديا بمكتب أخبار اليوم في الطابق السابع عشر الواقع في عمارة “الحبوس” في شارع الجيش الملكي بالدار البيضاء، قبل أن يتفاجأ بعض العاملين بمقر الجريدة بعدد كبير من رجال الأمن بزي مدني يحاصرون الجريدة دون أن يستطيعوا أن يفهموا شيئا مما يحدث.

وفي الوقت الذي كان يهم مدير نشر الجريدة توفيق بوعشرين بمغادرة مكتبه، حوالي الساعة 17.15 دقيقة، عمد هؤلاء العناصر الذين بلغ عددهم 40 عنصرا، بحسب المحامي الإدريسي، إلى توقيف بوعشرين وهو بالمصعد أثناء خروجه من الجريدة، حيث أعادوه إلى المكتب وطلبوا منه القيام بجولة داخل مكاتب الجريدة، قبل أن يطلبوا منه الدخول معهم إلى مكتبه.

ووفق الإدريسي، الذي كان يتحدث أمس في ندوة صحفية لكشف تفاصيل اعتقال بوعشرين، فإنه بعد مرور حوالي 7 دقائق من تواجد العناصر الأمنية بالمكتب، قاموا بعرض بعض الكاميرات على بوعشرين قائلين له إنهم عثروا عليها داخل مكتبه، وهو الشيء الذي نفاه بوعشرين، مشددا على أنه لم يضع أي معدات للتصوير داخل مكتبه أو بباقي مكاتب الجريدة، متهما الفرقة الوطنية بـ”دس” تلك المعدات، رافضا التوقيع على محضر يتحدث عن وجودها بمكتبه، وهو الشيء الذي أكده أيضا تقني الجريدة، الذي نفى علمه بوجودها.

وأوضح الإدريسي أن مسطرة اعتقال بوعشرين عرفت خروقات منذ اللحظة الأولى لاعتقال مدير نشر أخبار اليوم، بدءً باقتحام المقر بدون إذن، مرورا بالتفتيش دون الحصول على ترخيص من طرف المعني بالأمر، وصولا إلى احتجاز مفاتيح مقر الجريدة والاحتفاظ بها لأكثر من 12 ساعة دون وجود قرار قضائي، معتبرا أن فترة احتجاز مفاتيح “أخبار اليوم” طيلة تلك الفترة تطرح عددا من الأسئلة.

ظروف الاعتقال

كشف المحامي الإدريسي أن أول شيء تم فعله بعد اعتقال موكله هو الحرص على إعداد غرفة بها تلفاز من أجل أن يشاهد بوعشرين اسمه وهو يُتداول في نشرات الأخبار بالقنوات العمومية، بهدف تحطيم معنوياته ودفعه إلى الانهيار، مشيرا أن تجهيز التلفاز سبق تجهيز الغرفة بسرير النوم والأغطية بغرض التشهير به وبعائلته وأطفاله، مبرزا أن بوعشرين أخبره بأنه ليس له مشكل في أن يتحدث عنه الإعلام العمومي، ولكن عليه أن ينتظر حتى يقول القضاء كلمته.

وأضاف المحامي أن إدارة السجون قامت بنقل بوعشرين من سجن عكاشة إلى سجن عين البرجة دون تقديم أي تبريرات رغم أن السجن المنقول إليه هو سجن صغير وفيه أيضا المعتقل ناصر الزفزافي، مشيرا أن إدارة السجن منعت بوعشرين من الحصول على الأوراق والقلم ومنعته أيضا من الفسحة، كما منعته من اقتناء الماء والحليب بماله الخاص، طالبة منه تقديم طلب من أجل تمكينه من ذلك.

وأوضح أن مدير نشر جريدة “أخبار اليوم” توفيق بوعشرين كان يعلم بمخطط الاطاحة به منذ أيام قبل اعتقاله، مشيرا أن هيئة الدفاع تفاجأت بأن بوعشرين كان يعرف تفاصيل ملفه بشكل جد دقيق رغم أنه كان رهن الحراسة النظرية وكان وراء أبواب مغلقة، مبرزا أن بوعشرين تلقى إشارات حول طبيعة ملفه حتى قبل اعتقاله، حيث طلبت منه جهة عدم الحديث نهائيا عن شخصيتين، واحدة يراد لها أن تُغتال سياسيا، وأخرى يراد لها أن تبرز، في إشارة لبنكيران وأخنوش.

وأشار المصدر ذاته أن بوعشرين “سخر” كثيرا من متابعته بقانون الاتجار بالبشر باعتباره أنه أول مغربي يتابع بهذا القانون، مبرزا أنه كان أيضا أول مغربي يُتابع بقانون إهانة العلم الوطني، معتبرا أن الهدف من اعتقاله ومحاكمته بفصول قانون تصل عقوبته إلى 30 سنة سجنا، هو ليس معاقبته هو فقط بل محاولة لاخافة الناس، في إطار التحضير لشيء كبير يتم تهيئه للمغرب، موضحا أن ملفه هو بداية فقط لما سيحدث.

حقيقة الشكايات

أكثر شيء أثار الغموض في ملف مدير جريدة “أخبار اليوم”، هو حقيقة المشتكين، وطبيعة الشكايات التي تقدم بها الأشخاص المفترضين، حيث أثار استدعاء الفرقة الوطنية لعدد من الصحافيات الجدل وسط الإعلاميين بسبب غياب أي معطيات واضحة بشأن المشتكين، وهو الأمر الذي استمر عدة أيام وذلك في ظل رفض من تم استدعائهم الحديث إلى وسائل الإعلام عن حقيقة الاستدعاء، وهل هم مشتكين أم شهود فقط.

وفي كشفه لحقيقة هذا الموضوع، أوضح المحامي الإدريسي أن عدد المشتكين هو 3 أشخاص، أحدهما مجهول الهوية وتقدم بالشكاية يوم 12 من الشهر الجاري، والأخريين هن “ن.ح” المستشارة بديوان كاتبة الدولة المكلفة بالسياحة وتقدمت بشكاية يوم 16 فبراير، و”خ.ج” الصحافية بموقع “اليوم24” الذي يملكه بوعشرين، وتقدمت بشكاية يوم 22 من الشهر ذاته، ليتم في اليوم الموالي (23 فبراير) اعتقاله بطريقة وصفت حينها بـ “الهوليودية”.

وأكد الإدريسي ضمن الندوة الصحافية ذاتها، أن الفتيات الثامني اللواتي ورد اسمهن في لائحة الاستدعاء هن مصرحات فقط، مشيرا أن بوعشرين عندما كان في ضيافة الفرقة الوطنية مرت أمامه فتاة فسألة أمني إن كان يعرفها فأجاب بالنفي، فأخبره أنها ضمن المشتكيات، رغم أن الأخيرة أكدت بدورها أنها لاتعرفه، معتبرا أن هذه الحالة تسجد حجم الخروقات الكبيرة التي طالت هذا الملف منذ بدايته.

ومن ضمن الخروقات التي تم تسجيلها من طرف دفاع بوعشرين، هو أن النيابة العامة أحالت بوعشرين على جلسة المحاكمة مباشرة دون احالته على قاضي التحقيق من أجل تمتيعه بحقه في الدفاع عن نفسه أمام التهمة الموجه إليه، ومواجهة المشتكيات بشكل مباشر، كما أشار الدفاع إلى أن إحدى المشتكيات قالت إنها تعرضت للاغتصاب من طرف بوعشرين يوم 24 أكتوبر من السنة الماضية، غير أنه بعد التحري تبين أن مدير “أخبار اليوم” كان يومها خارج أرض الوطن فتم حذف ذلك من المحاضر، كما تم حذف الإشارة إلى وجود شكاية من شخص مجهول، رغم أن أول شيء قيل لبوعشرين أن هناك شكاية ضده قُدمت من طرف مجهول يوم 12 فبراير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *