مجتمع

سوسيولوجيون: التعليم بالمغرب يخرج شباب يعجزون عن استعمال عقولهم

قالت الجمعية المغربية لعلم الاجتماع إن التعليم في المغرب وصل اليوم لدرجة تخريج شباب يفتقدون لمهارات التفكير الأساسية، ويعجزون عن استعمال عقولهم بذكاء واستبصار، وهو ما يتمثل في الحجر على عقولهم خاصة خلال العقود الأخيرة، بحيث أصبحت المدرسة والجامعة، عبارة عن قاعة انتظار كبرى، يتم بين جدرانها سجن التلاميذ والطلاب، إلى حين بلوغهم سنا معينة، علما بأن الأطفال الذين ينشؤون في بيئة تسود فيها الأمية بأنواعها، الأبجدية والثقافية والحضارية، تضمحل لديهم الرغبة في طرح الأسئلة والجواب عنها، بكل وعي ومسؤولية.

وأضافت الجمعية في بلاغ لها اطلعت عليه جريدة “العمق”، أن معضلة منظومة التربية والتعليم في البلاد تتمثل في كونها تعلم الفكر ولا تعلم مهارات التفكير، وهو وضع لا يتماشى مع المهمة الأساسية للمدرسة والجامعة، المتمثلة في إنتاج مواطن منتج للمعارف والقيم، قادر على طرح الأسئلة الصحيحة، و الجواب عليها، في استقلال فكري عن الدوغمائيات والأصوليات التي تغزو العالم.

وأفادت الجمعية أن التلاميذ والطلبة يعجزون عن التفكير المنطقي السليم، ويفتقدون لمهارات التفكير النقدي، ويتملكهم الخوف من التفكير الذاتي المستقل في القضايا المطروحة عليهم، حيث يميلون بشدة إلى الاتكاء على أفكار و مواقف الغير والموافقة عليها، مهما كانت غير منطقية، والسبب يعود إلى أنهم لم يتعلموا في سن مبكرة كيفية طرح الأسئلة و الإجابة عنها بمجهوداتهم الشخصية.

وأشارت الجمعية المغربية لعلم الاجتماع إلى الخطإ الذي ارتكبه المسؤولون، عندما انصرفوا بتفكيرهم إلى المفاضلة بين العلوم التطبيقية والفنية كالطب والهندسة، و بين الآداب والعلوم الإنسانية، حيث جعلوا هذه الأخيرة بمثابة مرآب لاستقبال من يعتبرونهم معطوبين لفظتهم المنظومة التربوية، فضلا عن اعتبار الفلسفة والشعر والرسم والرقص و المسرح والسينما وغيرها، مما يدخل في باب الفنون و الآداب والفلسفة، ثقافة غير منتجة للقيمة، و هو ما يفرض تصحيح هذه النظرة المجحفة وإيلاء الفكر ما يستحقه من اهتمام.

وحول مصادقة الحكومة المغربية أخيرا على القانون الإطار المتعلق بالرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي( 2015- 2030)، أوضحت أن ورش الإصلاح الذي تعتزم الحكومة فتحه يجب أن يكون وطنيا حقيقيا، لا يخضع لنزوات وتصورات فردية، إيمانا منها بأنه يمثل الفرصة الأخيرة للانتصار على الخيبات.

و دافعت الجمعية عن حق التلاميذ في “التفلسف” منذ حداثة سنهم، باعتباره تفكيرا نقديا ينبني على التساؤل وإعمال العقل والتفكير، بهدف إنشاء مواطنين صالحين بعيدين عن التعصب والكراهية و الظلامية والتطرف، على اعتبار أن الجامعة فرصة متأخرة لتحفيز الأفراد على التفكير بطريقة منطقية سليمة.

و أوضح البلاغ ذاته، أن تدريس الفلسفة للأطفال ليس هو السفسطة، وأن أمرها يجب أن يوكل لمدرسين متمكنين من برامج تدريس الفلسفة للأطفال المعروفة عالميا منذ 1960، بحيث يكون الهدف هو جعلهم يستوعبون أساسيات المناقشة الفكري، كالإنصات الجيد و عدم التسرع في الرد والاستيعاب غير المشوش لما يقال، بالمعنى الذي يفيد تدريبهم على قواعد الحوار الصحيحة.

و خلص إلى أن تعزيز البحث العلمي في الجامعات المغربية حول تدريس الفلسفة للأطفال يمر عبر تنشئتهم على مهارات التفكير، من خلال مناقشة مواضيع ذات طبيعة مجردة، كالأمانة والصدق والعمل والعدل و المساواة، خاصة أن هاجسها كجمعية تهتم بمساءلة الواقع المغربي في تجلياته، هو الحاجة إلى هذه التنشئة الفكرية والثقافية في المجتمع المغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *