أخبار الساعة، خارج الحدود

سباق الرئاسة في مصر.. أمال الشعب بين رهان التغيير وضمان الاستمرارية

ينظر المصريون بكافة شرائحهم إلى انتخابات الرئاسة التي تجري في بلادهم، على مدى ثلاثة ايام، ابتداء من يوم غد الإثنين، بعين الأمل لإذكاء وازع التغيير وضمان الاستمرارية الكفيلة بتعزيز الأمن والاستقرار وتدعيم مسيرة التنمية والبناء.

ورغم أن هذا الاقتراع برأي العديد من المحللين يمثل تفويضا جديدا للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يطمح لولاية ثانية، بحكم ان نتيجته تبقى محسومة، إلا أنه يمثل بالنسبة للكثير من المصريين “رهانا متجددا لما بعد ثورة يونيو 2013 لتحقيق انتظاراتهم في تعزيز مسار البناء والتنمية ومواجهة التهديدات الإرهابية”.

كما أن هذه الاستشارة الشعبية وإن كانت بدون حس “تنافسي” كفيل بإعطائها عنصري التشويق والمفاجآة، بحكم وجود مرشحين اثنين فقط، السيسي وموسى مصطفى موسى رئيس حزب “الغد”، إلا أن معدل إقبال المصريين على صناديق الاقتراع بكثافة، سيمثل بكل تأكيد “رسالة واضحة”، تفيد بأنهم عاقدون العزم على دعم الإصلاحات الاقتصادية التي انخرطت فيها الحكومة، ومجابهة التحديات الجسيمة المتعلقة بمحاربة الإرهاب والتي تشكل “خيارا لا رجعة فيه” بالنسبة للدولة المصرية من اجل اجتثاث جذوره وحماية الأمن العام.

لكن في المقابل، تمثل هذه الاستحقاقات، بالنسبة لعدد من المراقبين، “استشارة شعبية”، لقياس درجة عدم الرضا أو الارتياح على سياسة الرئيس السيسي. ويؤكد هؤلاء أن احتدام المنافسة، كيفا وعددا، كان سيضفي على هذا الاقتراع جانب مهما وأساسيا من أجل تعزيز تجربة مصر الديمقراطية. وفي هذا الصدد، يرى المحلل السياسي مصطفى الفقي، أن طبيعة المرحلة التي تجتازها البلاد، تفرض وبشكل حتمي “فوز مرشح قوي قادر على رفع التحديات العظيمة التي تواجه البلاد”.

وأضاف الفقي، في لقاء تلفزي، أن السيسي “لا يقارن بغيره لقيادة البلاد في هذا الظرف الاستثنائي، بحكم عدم وجود مرشحين يتمتعون بكاريزما القائد وقادرين على مجابهة مختلف التحديات ذات الصلة”.

من جهته، قال المرشح الرئاسي المصري الأسبق عمرو موسى، إن الوضع في منطقة الشرق الأوسط يعتبر “حرجا للغاية في المرحلة الراهنة،” مؤكدا، ضرورة “يقظة شعوب المنطقة ضد أي تدخلات خارجية”.

وتوقع موسى الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، في تصريحات صحفية، فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بولاية رئاسية جديدة، قائلا إن ذلك سيسمح له بـ”قيادة مريحة” للبلاد خلال الفترة المقبلة.

وشدد موسى الذي شغل لسنوات منصب وزير خارجية مصر، على “خطورة التطرف والإرهاب على أمن المجتمعات في المنطقة”، مضيفا أن مصر “ستستطيع أن تأخذ موقعها الطبيعي في صدارة المشهد السياسي بشرط الحفاظ على الاستقرار”.

وبين هذا وذلك، يرى مراقبون آخرون، أن خلو هذا الاقتراع الرئاسي من مرشحين قادرين على منافسة السيسي، قد يولد الشعور لدى الناخبين في ظل منافسة تكاد تكون معدومة، بأن “السيسي فائز لا محالة في هذه الاقتراع ومن ثمة لا داعي للمشاركة فيه”..

لذلك، تبدو نسبة المشاركة في هذا الاقتراع، محكا حقيقيا للسلطات المصرية، بالنظر إلى كون المحدد الأساسي لتوجه الناخبين إلى مراكز التصويت، أيا كانت نوايا تصويتهم، هو تعزيز المشاركة السياسية في البلاد، خصوصا وأن نحو 5 ملايين شاب مصري، والذين كانوا لم يصلوا بعد إلى سن التصويت في انتخابات 2012، أصبح بمقدورهم ذلك، لإبداء موقفهم في الشأن العام.

وفي هذا الصدد، يعتبر الخبير في مركز (الأهرام) للدراسات الاستراتيجية، عاطف سعداوي، أن مؤشر نجاح أي انتخابات هو نسبة المشاركة، وهو ما يتحقق عندما تكون النتيجة غير محسومة عبر منافسة قوية بين المرشحين. .

ويؤكد الخبير المصري في تصريحات صحفية، أنه رغم أن النتيجة تبقى محسومة للسيسي بكل تأكيد كما حدث في 2014، إلا أن “اقبالا كثيفا للناخبين المصريين على صناديق الاقتراع سيعزز من شروط نجاح هذا الاستحقاق الانتخابي”.

من جهته يرى الكاتب المصري محمد الهواري ” أنه لا بديل للمصريين عن المشاركة والاحتشاد بكامل طوائفهم تحت شعار “مصلحة الوطن” أمام صناديق الإقتراع غدا الاثنين للإدلاء بأصواتهم..

وأشار إلى أن المشاركة في هذه الانتخابات “مهمة وطنية بطلها الشعب المصري، ومشاركته في العملية الانتخابية تعكس شعور المواطن بأن إقباله على صندوق الاقتراع واجب والتزام تجاة المجتمع”.

وينص قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية الذي أقر عام 2014 على ضرورة حصول الراغب في الترشح على تزكية 20 عضوا على الأقل من أعضاء مجلس النواب حتى تقبل أوراق ترشحه، أو أن يؤيده ما لا يقل عن 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في 15 محافظة على الأقل وبحد أدنى يصل إلى ألف مؤيد من كل محافظة. ولا يحق للنواب أو المواطنين التوقيع على توكيل لأكثر من مرشح واحد.

وكانت حملة الدعاية الانتخابية الممهدة لهذا الاستحقاق الرئاسي، قد بدأت يوم 24 فبراير الماضي، وانتهت اول أمس الجمعة 23 مارس الجاري.. ويسبق موعد الانتخابات فترة صمت مدتها يومين يحظر خلالها تماما أي شكل من أشكال الدعاية حتى يتوفر للناخب حرية التفكير دون مؤثرات أو ضغوط محيطة.

ويذكر أن عبد الفتاح السيسي فاز في الانتخابات الرئاسية المصرية التي جرت في 30 مايو 2014، بعد حصوله على 91,96 في المئة من الأصوات مقابل 3 في المئة تقريبا لمنافسه الوحيد القيادي اليساري حمدين صباحي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *