أخبار الساعة، سياسة، مجتمع

21 هيئة حقوقية تكشف نتائج لجن تقصي الحقائق حول أحداث جرادة

كشف الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، عن نتائج “تقرير لجن التقصي حول أحداث وحراك مدينة جرادة”، خلال شهري مارس وأبريل 2018، وذلك بعد الاحتجاجات التي شهدها المنطقة منذ دجنبر الماضي.

وأوضح الائتلاف الذي يضم 21 هيئة حقوقية في عضويته، خلال ندوة صحفية بالرباط أمس الجمعة، إن اللجنة التي أشرفت على تقصي الحقائق حول أحداث جرادة، شاركت فيها ثلاث منظمات هي العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والهيئة المغربية لحقوق الإنسان.

وأضاف الائتلاف في تقرير تفصيلي لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن من أهم أسباب حراك جرادة هو تصفية شركة مفاحم المغرب، وإغلاق أغلب المناجم في جرادة، وبذلك فقد المواطنون بالمدينة أهم مصادر عيشهم.

وأشار التقرير أن “ساكنة جرادة وجدت نفسها مع إغلاق المناجم في فقر مدقع، خاصة أن الوعود التي قدمت لها لم تنفذ على أرض الواقع، ومازاد في تعقيد الأمور هو اغتناء الكثير من بارونات الفحم على حسابهم، فالعديد من شباب المدينة يشتغلون في ظروف مزرية تحت الأرض بساندريات الفحم في عمق قد يصل إلى 90 مترا، لكي يبيعوا الفحم بمبلغ زهيد يصل إلى 60 درهم في حين أن بارونات الفحم يبيعونه ب 1000 درهم للقنطار”.

واعتبر الائتلاف أن “الدولة كانت تعرف الاستغلال الكبير الذي يقوم به بارونات الفحم بالمدينة لأنها هي من أعطتهم تراخيص استغلال هذه المادة، لكن مع ذلك لم تتحرك، وبالتالي هي متواطئة بما جرى في المدينة”.

وأوضح التقرير، أن “سبب اندلاع المواجهات في المدينة يوم 14 مارس المنصرم وما رافقها من اعتقالات ومداهمات للبيوت، هو اعتقال 3 وجوه من أهم نشطاء الحراك، هم مصطفى ادعنين وأمين مقلش وعزيز بودشيش، بتاريخ 10 مارس، فعند عودتهم من مدينة وجدة ليلا تعرضوا لحادثة سير، وبالرغم من أن الحادث وقع في غابة تبعد عن جرادة 120 كلم، وأنها لم تخلف أي ضحايا حتى تستلزم الاعتقال، تم القبض عليهم، ووجهت لهم تهم ملفقة”.

ولفت المصدر ذاته إلى أن “اعتقال النشطاء الثلاث دفع سكان المدينة للرفع من أشكالهم الاحتجاجية والمطالبة بإطلاق سراحهم، لكن السلطات وبدل التجاوب معهم، عممت قرارا بمنع التظاهر في المدينة، بعد ذلك لثلاثة ايام وأمام هذا المنع عمد المحتجون إلى تحدي هذا القرار بالتظاهر خارج المدينة في أحد الغابات، ومع ذلك تبعتهم قوات الأمن وجرت مناوشات بين الطرفين تطورت للمواجهات التي رأيناها في 14 مارس، وبذلك كان اعتقال النشطاء الثلاث وقرار منع التظاهر هما من فجرا الأوضاع بالمدينة”.

وأصدرت لجنة تقصي الحقائق عدة توصيات من أجل وضع حد لحالة الاحتقان التي تعرفها المدينة، من بينها إسقاط كافة المتابعات والتهم والأحكام، المرتبطة بالملف، وجبر الأضرار المادية والمعنوية التي أصابت ساكنة المدينة جراء التدخل الأمني، وفتح تحقيق عاجل في عملية الدهس التي تعرض لها الطفل “عبد المولى زعيقر”.

وطالبت بفتح تحقيق في مزاعم التعذيب والاعتداء على المنازل والمداهمات الليلية، وفي رخص الاستغلال الغير قانوني والاغتناء الغير مشروع لبارونات الفحم على حساب مآسي الآم ضحايا آبار الفحم ودعت اللجنة إلى خلق فرص شغل بالمدينة، وتحقيق التنمية والبديل الاقتصادي، وتسطير برنامج تنموي للمنطقة يأخذ بعين الاعتبار خصوصيتها الجغرافية والتاريخية، وتأهيل المنطقة على مستوى البنيات التحتية وجلب الاستثمارات الصناعية لها.

وفي ما يلي النص الكامل لتقرير لجن التقصي حول أحداث وحراك مدينة جرادة:

1) السياق :

في إطار مهامها ورسالتها لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها،

وانطلاقا من مسؤولياتها في متابعة الانتهاكات وفضحها والتصدي لها،والعمل على وقفها، والمطالبة بمساءلة مرتكبيها وإنصاف ضحاياها؛

وأمام ما شهده إقليم جرادةمنذ 22 دجنبر 2017، وتحديدا منذ واقعة وفاة شابين من عائلة واحدة في بئر للاستخراجالمعيشي للفحم؛

واستجابة للنداءات التي وجهتها الساكنة والهيئات المحلية المدنية، للضمائر الحية في بلادنا من أجل التحرك للوقوف على ما يجري من تطورات وصلت حد الاعتداءعلى الحق في التظاهر السلمي، وما رافق ذلك من اعتقالات ومحاكمات؛

واستنادا إلى القواعد التي راكمتها الحركة الحقوقية المغربية في مجال تقصي الحقائق، وكتابة التقارير، وبناء عناصر الترافع في القضايا الحقوقية؛

قرر كل من المكتبين المركزيينللعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والمكتب التنفيذي للهيئة المغربية لحقوق الإنسان إيفاد ثلاث لجنمستقلة عن بعضها للوقوف على الأوضاع بمدينة جرادة التي عاشت على وقع احتجاجات سلمية واسعة لمدة ثلاثة أشهر بمطالب اجتماعية واقتصادية واضحة أقر الجميع بمشروعيتها.

وذلك لفهم ماجرى ويجري بالمنطقة، والوقوف على الحقائق بعين المكانبخصوص الوضعية الحقوقية بالمدينة والإقليم، ولتحديد المسؤوليات في ذلكوفي التدخل العنيف للقوات العمومية لفض المعتصم الاحتجاجي الذي أقامه نشطاء الحراك بالغابة المجاورة لفيلاج يوسف يوم الأربعاء 14 مارس 2018، على إثر قرار السلطات بمنع “جميع التظاهرات غير المرخص لها بالشوارع والطرق العمومية…”، وهو التدخل الذي مس بشكل واضح الحق في التظاهر السلمي وقلب الأوضاع بالمدينة ونتجت عنه إصابات واعتقالات عديدة.

ثم بعد ذلك، عمل الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان على صياغة تقرير تركيبي، من أجل تبنّيه وتقديمه باسم الائتلاف لإطلاع الرأي العام الوطني والدولي على الحقيقة الكاملة، وصياغة عناصر الترافع من أجل دفع الدولة نحوالكفّ عن المقاربة الأمنية، والاستجابة بشكل شامل للمطالب العادلة والمشروعة للساكنة.

فيما اعتذر المكتب التنفيذي للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف عن المشاركة أو التوقيع على أي من الوثائق التي تصدر عن الائتلاف إلى حين الانتهاء من محطة المؤتمر وانتخاب أجهزة المنتدى المقررة.

v الأهداف:

– مؤازرة الضحايا والمعتقلين وعائلاتهم

– التدقيق في الموقف الحقوقي بخصوص الحراك ومطالبه وتعامل السلطات معه

– إطلاع الرأي العام الوطني والدولي على حقيقة الأشياء من وجهة النظر الحقوقية

– الترافع من أجل الاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة للساكنة، بدل تغليب الهاجس الأمني والمقاربة الأمنية، في مواجهة احتجاجات المواطنين ومطالبهم.

v المهام والصلاحيات

– الانتقال إلى إقليم جرادة قصد التقصي والبحث في أسباب وجذور الوقائع والأوضاع ودوافع المواجهات بين الساكنة والقوات العمومية بتاريخ 14 مارس 2018 (ما سمي بالأربعاء الأسود) وما خلفه كل ذلك من آثار على عموم الساكنة والمنطقة، وخاصة جريمة دهس الطفل عبد المولى زعيقر؛

– التقصي في أسباب انقلاب السلطات على المقاربة السابقة والحوار،والتأكد من استعمال القوات العمومية للعنف والقنابل المسيلة للدموع، لمواجهة المحتجين ومدى تناسبه مع طبيعة الاحتجاج؛

– التأكد من مدى استعمال الحركات الاحتجاجية للعنف أو ما شابهه؛

– جمع المعلومات والمعطيات والوثائق والشهادات والإفادات والصور، وكل ما له علاقة بالتطورات التي تعرفها المنطقة منذ قرار إغلاق المناجم بجرادة وسيدي بوبكر وتصفية شركة مفاحم المغرب؛

– إجراء المعاينات لأماكن الأحداث وللضحايا وعائلات المعتقلين، والوقوف على حجم الأضرار التي مسّت المساكن والمنشآت العمومية والخاصة؛

– الاتصال بمختلف المكونات المجتمعية المعنية بالأحداث والمتابعة لها بالإقليم، والاستماع كذلك إلى المواطنين والفئات الاجتماعية بالمدينة؛

– الاتصال والاستماع لبعض المشاركين في الاحتجاجات والمسيرات بمن فيهم المصابون وبأفراد عائلاتهم وعائلات النشطاء الحقوقيين والجمعويين المعتقلين؛

– طلب عقد جلسات عمل مع مختلف السلطات من ممثلي وزارة الداخلية كالولاية والعمالة والأمن الوطني والقوات المساعدة،ومع الدرك وممثلي السلطة القضائية وممثلي مصالح أخرى من صحة ورؤساء المستشفيات ورؤساء المجالس الجماعية.

v منهجية الاشتغال:كل لجنة من اللجان الثلاثة عقدت اجتماعات بين أعضائها لتحديد منهجية اشتغالها والتدقيق فيها، وعملت على تقسيم المهام بين عضواتها وأعضائها في إطار لجيناتللقيام بعمليتي المعاينة والاستماع إلى الجهات التي استجابت لطلب لقائها من بين المسؤولين الآتين:

– المسؤولين الإداريين والقضائيين والأمنيين الجهويين بوجدة والمحليين بجرادة؛

– الضحايا والمحتجين وأسرهم

– النشطاء السياسيين والنقابيين والحقوقيين؛

– اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان وجدة – فجيج؛

– ممثلي السكان في المجالس البلدية والقروية؛

– كل من قدّرت اللجنة أنه سيكون مفيدا لها في إجلاء الحقيقة عن مجمل الأوضاع بالمنطقة؛

– معاينة الأحياء التي تعرضت للتدخل الأمني، ومعاينة المنازل التي تضررت بفعل ذلك التدخل؛

– معاينة الغابات المحيطة بالمدينة والتي بها آبار التنقيب عن الفحم (الساندريات)

– بعض ممثلي وسائل الإعلام الورقية والإلكترونية.

v وسائل العمل:

– اعتماد جلسات استماع مباشرة سواء في أماكن عمومية أو في مقرات الجهات الحكومية أو في مقرات الهيآت أو المؤسسات؛

– استعمال وسائل التوثيق الإلكتروني لجمع المعطيات والمشاهد والمعلومات والشهادات والحوارات والإفادات؛

– جمع كل ما يمكن أن يكون مفيدا من آثار مادية تصلح للاقتناع والتحليل والمواجهة والإثبات (صور، شهادات مصورة…).

– تحديد فترة عمل اللجن: من 18 مارس إلى فاتح أبريل 2018 بالنسبة للعصبة، أيام 20، 21، 22 مارس بالنسبة للجمعية…

– تغطية مصاريف التنقل من الرباط إلى جرادة والتغذية لكل لجنة من طرف الهيئة المعنية؛

– تغطية مصاريف الندوة الصحفية والتقرير المشترك من طرف الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان.

v قواعد العمل:

– التأكيد على سرية أعمال اللجن والامتناع عن الإدلاء بأي تصريح إلى حين تقديم التقريرالنهائي؛

– الالتزام بالحياد والموضوعية والابتعاد عن الأحكام المسبقة؛

– إخبار الأطراف المستمع لها، أفرادا وهيآت رسمية وغير رسمية بأن عمل اللجنة سيتم نشره بكل معطياته ووضعه رهن إشارة كل الأطراف بما في ذلك مكونات السلطة؛

– احترام إرادة الضحايا ومن تم الاستماع إليهم في ذكر أو عدم ذكر أسمائهم، أو نشر صورهم أو شهادتهم المصورة؛

– اعتبار كل وثائق لجنة تقصي الحقائق المسجلة أو المكتوبة أو السمعية أو البصرية والتي توفرت منذ بداية عمل اللجنة إلى نهايتها ملكا للائتلاف والهيئات العضوة فيه؛

– إعداد التقرير النهائي ومراجعته من طرف أعضاء اللجن، قبل الصياغة النهائية له من طرف الائتلاف؛

– إعداد تصريح صحفي لتقديم التقرير لوسائل الإعلام وكل المهتمين في ندوة صحفية.

2) مونوغرافيا وتاريخ مدينة جرادة

إقليم جرادة، الذي عرف تحولا وتطورا وبروزا على الساحة الوطنية والدولية، خاصة على مستوى النشاط الاقتصادي الذي كان يرتكز بالأساس على المناجم، لعب دورا هاما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير الطاقة الكهربائية للوطن بصفة عامة، والجهة الشرقية بصفة خاصة؛ كما ساهم في خلق وعي نقابي وسياسي وإشعاع ثقافي بالمدينة لا زالت آثاره مستمرة إلى اليوم.

إلا أن تسريح الآلاف من العمال وإغلاق مناجم الفحم بجرادة ومركز واد الحيمر لصهر الرصاص وتصفيته، والذي كان يعتمد في تموين أفرانه بالمادة الأولية (مركّز الرصاص) على منجمسيدي بوبكر وتويسيتالذي بدوره أغلق سنة 2003، جعل من مدن الإقليم، مدنا أشباحا بسبب ما خلفه من ركود اقتصادي وتجاري وارتفاع نسبة الهجرة والبطالة والفقر، ولجوء المواطنين إلى استخراج المعادن بطرق عشوائية وغير آمنة تنعدم فيها شروط السلامة من أجل اكتساب مصدر للعيش، مع ما صاحب استغلال المناجم من تلوث بيئي وأضرار بالسكان ومعاناة العمال من الأمراض كالساتورنيزموالسيليكوز، ومن حوادث الشغل المميتة أو العاهات المستديمة، الشيء الذي قلص معدل الحياة للعمال وخلف وضعا اجتماعيا حرجا لأسر الأيتام والأرامل والأشخاص في وضعية إعاقة دون تعويضات ملائمة. وزاد ذلك الركود الاقتصادي حدة بعد إغلاق الحدود الجزائريةالمغربية، ومع مليلية المحتلة، وغياب مشاريع اقتصادية تنموية ملائمة للمنطقة.

جغرافيا، تقع مدينة جرادة في الشمال الشرقي للمغرب، وتبلغ مساحتها الإجمالية 40 كلم2 وعدد سكانها حاليا 43.000 نسمة، فيما مساحة الإقليم تصل إلى 9300 كلم مربع، وعدد سكانه 108.727 حسب إحصاء 2014؛ وتبعد جنوبا عن مدينة وجدة ب 60 كلم.

قبل اكتشاف الفحم، كان سكانها من الرحل الذين كان نشاطهم يدور حول الرعي بجبال المنطقة حيث كانت عبارة عن غابات وأراضي غير زراعية.

وقد ظهرت مدينة جرادة إلى الواجهة بعد اكتشاف الفحم الحجري سنة 1908 عن طريق الجيولوجي الفرنسي “لويس جونتيل”، الذي اكتشف العلامات الأولى لوجوده، ليتم إجراء دراسة سنة 1927 من طرف إحدى الشركات، فتأكد وجود حوض الفحم بها عام 1936، وقدرت احتياطاته ب 180 مليون طن.

بعد البدء في استغلال مناجم الفحم،ولأجل استقطاب وتشجيع اليد العاملة على الاستقرار، عملت شركة المفاحم على إنشاء أحياء تضم مساكن عماليةوتوفيرالماء والكهرباء لها…، ودكاكين، وأماكن للتسلية، وأخرى للعبادة.فتطور عدد العمال ليصل إلى 6000 عاملا، منهم 5300 عاملا مغربياو 700 أوروبيا،بينهم عدد من السجناء الذينكانوا يخيرّون بين الحياة داخل السجن أو العمل بمناجم جرادة…فتزايد عدد سكان المدينة بفعل هجرة الوافدين إليها من مختلفمناطق المغرب.وهو ما خلق ارتفاعا ملحوظا في نسب الإنتاج حيث وصل سنة 1953 إلى 350 ألف طن…وأصبح النشاط المنجمييشكل المنبع الأهم، إن لم يكن الوحيد لفرص الشغل.

وقد كان من تداعيات هذه الحركية الاقتصادية أن شهد النمو الديموغرافي تطورا صاروخيا، نتج عنه اتساع رقعة المدينة… وانتقل عدد السكان من 500 نسمة سنة 1930 إلى 6200 سنة 1952، ثم إلى 30644 سنة 1971 ليبلغ 59367 نسمة سنة 1994.

كما تحول نمط عيش السكان جذريا، وأصبحت سوقا استهلاكية مهمّة بفعل الأنشطة الاقتصادية والخدماتية المرتبطة بالحاجات الاستهلاكية للعمال وعائلاتهم. وأضحت جرادة تمثل رابع تجمع بشري بالمنطقة الشرقية وثاني مدينة عمالية ومنجمية بالمغرب بعد خريبكة، تزخر بالعديد من الأطر المناضلة النقابية والسياسية والجمعوية.

وقد ساهم في تعزيز مكانة جرادة هاته، إنجاز ثلاث وحدات للمركز الحراري قائمة على استهلاك الفحم المحلي، والتي أصبحت جاهزة لإنتاج الطاقة الكهربائية في أبريل 1971 وشتنبر 1972. وأصبحت قدرة المركز الحراري بجرادة عند تشغيله بكل طاقته 165 ميكاواط باستهلاك يصل إلى 800 م3 من الماء في الساعة؛ وأصبح المركز الحراري للمدينة ينتج ثلث الإنتاج العام للكهرباء بالمغرب وذلك ما بين سنتي 1973 و 1978.

وفي المقابلكانتمناجم جرادةتعدمن أخطر المناجم في المغرب، إذ أن حوادث الشغل بها، وخاصة المميتة منها،شكلت 37 في المائة من مجموع حوادث الشغل في القطاع المعدني بالمغرب. إضافة إلى الأمراض المهنية بالقطاع المنجمي “داء السيليكوز”، الذي يدمر الجهاز التنفسي للعامل ويجعله غير قادر على مقاومة الأمراض الموسمية مثل الزكام، ويعاني ضيقا وآلاما حادة عند التنفس.

إلا أن شركة المفاحم، وبعد عقود من خلق الثروة والرواج الاقتصادي وإنتاج الطاقة الكهربائية، أصبحتمنذ نهاية الثمانينات تشكلعبئا على الدولة لضمان توازناتها المالية، خاصة بعد فشل مشروع “المنجم رقم 3” الذي كان من المقرر أن تنطلق الأشغال به سنة 1990، وكان سيشغّل أيضا 7000 عاملا؛ وذلك بسبب نضوب مخزون الفحم وارتفاع الكلفة ـ حسب المبررات الرسمية ـ ؛إضافة إلىسياق دولي كان يتجه نحو إغلاق المناجم اعتباراللإكراهات البيئية (إنجلترا وفرنسا…) أواخر الثمانينات من القرن الماضي.واحتدت أزمة الشركة بداية التسعينات نظرا لتراكم الديون عليها التي بلغت مليار درهم بسبب اقتراضها لمبلغ 27 مليار درهم من البنك الدولي، من أجل تطوير وتجديد تجهيزات المناجم والرفع من الإنتاجية،حسب تصريحات المسؤولين. فأقبلت على تسريح 2000 عامل على إثر الإضراب الذي خاضه حوالي 7000 عاملا، ابتداء من يوم 19 دجنبر 1989 واستمر لمدة شهرين احتجاجا على المشاكل التي كانوا يعانونمنها.

فاتجه مسؤولو الشركة والدولة نحو اتخاذ قرار تصفية شركة مفاحم المغرب، بكل ما يحمله ذلك من آثار مدمرة على مدينة جرادة وسكانها، بدل البحث في الأسباب الحقيقية للأزمة ومساءلة السياسة التدبيرية، وهو ما نتج عنه جريمة تسريح العمال والمستخدمين والأطر المنجمية، بمبرر ارتفاع وغلاء كلفة الإنتاج وظروف السلامة وغيرها من المبررات، التي يكذّبها حجم الثروات التي راكمها ولا زال يراكمها بارونات الفحم بالمنطقة، بعد أن تمت تصفية الشركة وتدمير وتبديد تجهيزاتها وآلياتها وممتلكاتها …

تم الاتفاق على إغلاق شركة المفاحم والتوقيع على “الاتفاقية الاجتماعية” التي تضمنت بنودا من أهمها تسريح العمال مع تخصيص ميزانية لتعويضهم، بالإضافة إلى عدة توافقات اجتماعية معهم وممثليهم، فيما تم إغفال الشق الاقتصادي وبدائل إغلاق المناجم، والاكتفاء بتقديم مشروع برنامج يضم مجموعة اقتراحات وتدابير كقاعدة للتدارس والبحث من طرف الشركاء المعنيين بإشكالية تنمية إقليم جرادة، دون وضع برنامج واضح وتوفير التمويل والميزانيات اللازمة له.

بعد إغلاق المنجم، توجه المركز الحراري،الذي كان الزبون الأول لشركة المفاحم، نحو الاستيراد الخارجي الكلي للفحم من أجل تشغيله والاستمرار في إنتاج الطاقة الكهربائية. فدخلت المدينة العمالية في ركود اقتصادي مميت؛ أدى من بين ما أدى إليه إلى هجرة أكثر من 800 أسرة حسب الإحصائيات الرسمية؛ وهاجر الكثير من الشباب نحو إسبانيا عبر قوارب الموت. لكن تأثير الأزمة العالمية التي اشتدت على دولة إسبانيا سنة 2008 زادت من تفاقم الظروف المعيشية السيئة للكثير من الأسر التي كانت تعتمد على الدعم الأسري لأبنائها في الخارج.

وأمام انعدام فرص شغل بديلة، ومعاناة ووفاة العديد من معيلي الأسر بسبب مرض السيليكوز، ارتفعت نسبة البطالة وسط الشباب بشكل صاروخي. مما دفع بالعديد من العمال المنجميين السابقين وبعض الشباب إلى ركوب مخاطر استخراج الفحم من باطن الأرض بوسائل بدائية وفي ظروف مأساوية، لبيعه بأثمنة زهيدة (ما بين 60 و 80 درهم للقنطار) لأصحاب رخص التنقيب المعدني، الذين يسوّقونه لفائدة شركات ووزارات ومؤسسات بعشرة أضعاف ثمن شرائه من عمال الساندريات. وكل ذلك أمام أعين السلطات المعنية وبمباركتها… وهو ما حقق لأصحاب الرخص ـ أو “بارونات الشربون” كما يسميهم سكان جرادة ـ غناء فاحشا وسريعا وسلطة مطلقة على حساب مآسي العمال وأرواحهم، حيث تم تسجيل 44 حالة وفاة داخل الآبار ما بين سنة 1998 وفاتح فبراير 2018 تاريخ آخر حادثة مميتة في صفوف عمال الساندريات.

أما المحطة الحرارية، والتي كانت تغطي ما يقارب ثلث حاجيات المغرب من الطاقة الكهربائية… فلم يتجاوز عدد العاملين بها 550، منهم 250 مستخدما؛تقلص عددهمحاليا إلى 100 مستخدم. علاوة لما تحدثه من تلوث بمختلف أنواعه للسكان، خاصة في الأحياء القريبة من المحطة الحرارية، كالأدخنة والغبار والضجيج…

3) السياق العام لحراك جرادة

يأتي سياق الحراك الاجتماعي الذي تعرفه مدينة جرادة منذ حوالي أربعة أشهر، على خلفية الوضعية المتردية التي تعرفها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمدينة، منذ اتخاذ الدولة قرار إغلاق المنجم بتاريخ 17 فبراير 1998، الذي جرى تطبيقه سنة 2001؛ وبعده إغلاق مناجم الرصاص بسيدي بوبكر ومحطة واد الحيمر لصهر الرصاص سنة 2003.

ولقد عرفت المدينة،طيلة المدة التي تلت قرار الإغلاق، عدة حركات احتجاجية للشباب المعطلين، وعمال المناجم السابقين المصابين بداء السيليكوز. وتراكم الفعل الاحتجاجي إلى أن أخذ مجرى ومدى الحراك الحالي.

كرونولوجيا الأحداث:

· بداية شهر دجنبر 2017: شهدت مجموعة من أحياء المدينة احتجاجات سلمية على غلاء أسعار فواتير الماء والكهرباء، وقد عرفت هذه الاحتجاجات تدخلا للقوات العمومية واعتقالات في صفوف بعض المحتجين، بعد عدم سماح المحتجين لمستخدمي المكتب الوطني للكهرباء من نزع العداد الكهربائي لأحد المواطنين.

· 22 دجنبر 2017: وفاة شابين في بئر عشوائية للاستخراج المعيشي للفحم الحجري “الساندريات”، ويتعلق الأمر بالأخوين “حسين دعيوي 30 سنة” و “جدواندعيوي 23 سنة”. وقد خلفت ظروف وفاة هذين الشابين غضباكبيرا لدى المواطنين/الذين تجمعوا في مكان الوفاة، وذلك بسبب انعدام الإمكانيات اللوجستيكية لأفراد الوقاية المدنية للقيام باستخراج الشابين من البئر (حيث ظلا هناك أزيد من 24 ساعة)، ليقوم باستخراجهما بعض عمال آبار الفحم (الساندريات).

· 24 دجنبر 2017: خروج العديد من المواطنين/ت في مسيرة عارمة طافت أحياء المدينة بعد استخراج الجثتين، ليتم وضعهما بمستودع الأموات، حيث سيلتحق المواطنون/ت ليلا من أجل منع عملية الدفن التي كانت تعتزم السلطات القيام بها، لتنطلق بعد ذلك موجة من الاحتجاجات اليومية والأسبوعية.

· 02 يناير 2018: مساءلة وزير الطاقة والمعادن داخل قبة البرلمان حول أوضاع مدينة جرادة.

· 03 يناير 2018: زيارة وزير الطاقة والمعادن والوفد المرافق له لعمالة جرادة ولقاؤه مع فعاليات الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني وتمثيلية عن حراك جرادة والمنتخبين ورؤساء الجماعات.

· 04 يناير 2018: إصدار البلاغ الرسمي للحكومة حول تجاوبها وردّها عن أحداث جرادة.

· 16 يناير 2018: إعلان السلطات في شخص الوالي عن خطاطة تجاوب الحكومة مع مطالب الحراك.

· 17 يناير 2018: عودة الاحتجاجات من جديد بعد عدم اقتناع الساكنة بمقترحات والي الجهة.

· 19 يناير 2018: زيارة وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والوفد المرافق له، ولقاؤه مع عدد من المسؤولين المحليين بالمدينة، وعدد من فعاليات الأحزاب والنقابات ورؤساء الجماعات بالإقليم.

· 01 فبراير 2018: حالة وفاة أخرى داخل آبار الفحم، ويتعلق الأمر ب “عبد الرحمان زكريا” وقد اتهمت وزارة الداخلية، خلال هاته الحادثة أشخاصا بعرقلة تدخل السلطات العمومية ومنعها من تقديم المساعدة لشخص في وضعية خطر.

· 02 فبراير 2018: عودة الاحتجاجات من جديد وبقوة، وتظاهر الآلاف في شوارع المدينة.

· 10 فبراير 2018: زيارة رئيس الحكومة لعاصمة الجهة الشرقية وإعلانه من هناك عن حزمة من القرارات تخص مدينة جرادة وخصوصا السحب الفوري لخمس رخص استغلال المناجم بالإقليم.

· 02 مارس 2018: وفاة شاب بمنطقة سيدي بوبكر التابع لإقليم جرادة نتيجة صعقة كهربائية من محول كان يستعين به في عملية التنقيب عن معدن الرصاص بأحد الآبار المهجورة.

ولقد استمرت الاحتجاجات اليومية والأسبوعية، واتسمت جميعها بما فيها المسيرة التي نظمت في اتجاه العيون الشرقية التي تبعد بحوالي 50 كلم عن مدينة جرادة مشيا على الأقدام، بطابعها السلمي، وبمشاركة فئات واسعة من المواطنين/ت (رجال، نساء، أطفال، شيوخ، معاقين…)، حيث كان المحتجون يخرجون حاملين لافتات معبرة عن مطالبهم والأعلام المغربية، ومرددين النشيد الوطني ومختلف الشعارات المعبرة عن مطالبهم (ملحق الملف المطلبي للحراك). كما عرف الحراك تضامن ساكنة الإقليم (عين بني مطهر وكنفودة وواد الحيمروتكفايت وغيرها) تمثل في حضورها الاحتجاجات بجرادة قادمة من مدنها مشيا على الأقدام. أما المطالب فقد تمت بلورتها من طرف الساكنة في تجمعات أطّر ها نشطاء ولجان الأحياء.

كما قامت السلطات الإقليمية والجهوية والحكومية ممثلة في والي الجهة الشرقية، ووزير الطاقة والمعادن، ووزير الفلاحة، ورئيس الحكومة، بزيارات متتالية للمدينة والمنطقة الشرقية، وذلك للقاء مختلف الفاعلين من برلمانيين، ومنتخبين، وممثلي الأحزاب السياسية، والنقابات، وهيئات المجتمع المدني ونشطاء الحراك، قصد تدارس الوضعية وعرض الحلول المقدمة من طرف الدولة (ملحق روابط إلكترونية لمقالات عن الحوارات)، هذه المقترحات التي تمت مناقشتها من طرف نشطاء الحراك، وعبر المواطنون/ت عن عدم ارتياحهم لها، لكونها لا تلبي ملفهم المطلبي بالكامل (ملحق رابط إلكتروني لبلاغ عمالة إقليم جرادة).

· 10 مارس 2018: اعتقال الناشط مصطفى ادعينينبمبرر تسببه في حادثة سير: ويمكن اعتبار هذا الحدث منعطفا أساسيا في أحداث جرادة وسلوكا أمنيا متعمدا لاستفزاز الحراك السلمي والساكنة. لأن مصطفى ادعينين (المزداد في 28/2/1990 بجرادة ومهنته حلاق) هو أول ناشط يتم اعتقاله في ساحة عامة (أمام مقهى المحطة بساحة المحطة الطرقية بمدينة جرادة)، وهو ناشط معروف في الحراك، حيث برّرت السلطات سبب اعتقاله على خلفية اكتشافها، يوم 9 مارس 2018، لسيارة من نوع رونو 19 لدى مطّال بها أضرار ناجمة عن حادثة سير تسببت في أضرار همت منشآت عامة. وحسب محضر الشرطة القضائية، فإنه كان يسوق السيارة المعنية يوم 7 مارس 2018، ويقول المحضر إنه كان في حالة سكر، وتسبب حادث اصطدامه بشجرة على مستوى “مزغنان ” على الطريق الرابطة بين مدينتي وجدة وجرادة، في خسائر مادية لحقت ملك الدولة، وعمل على محو آثارها للتملص من المسؤولية وعرقلة سير العدالة، حسب محاضر المتابعة…

وقد أقدمت السلطات الأمنية على اعتقال مصطفى ادعينين دون استدعائه لسماع إفادته كما هو معمول به في المساطر المشابهة للحالة.

وبشكل متسرع وانفعالي عملت السلطات على إصدار مذكرة بحث في حقه، واعتقاله من طرف رجال أمن بلباس مدني وبعضهم بزي رسمي بشكل مستفز، أمام جموع من المحتجين، وفي ساحة عامة بتاريخ 10 مارس 2018 على الساعة 12 والنصف (بعد الزوال) ، ما جعل الساكنة والناشطين الذين كانوا في المنطقة يتضامنون معه، لتتطور وتتعقد الأمور وتقدم السلطات على خطوة انفعالية أخرى تجلت في اعتقال المتضامنين مع الناشط ادعينين، واعتبار موقفهم إهانة لموظفين عموميين وعصيانا ومقاومة لأشغال أمرت بها السلطات، وتجمهرا وتهديدا وغيرها…

كما تم إثر هذا الحادث اعتقال الناشطين عبد العزيز بودشيش وأمين لمقلش، ثم طارق عامري؛ ما أجج الاحتجاجات، وجعل الساكنة تقدم على تنظيم اعتصام يوم جلسة المحاكمة وهو اليوم الذي عرف لدى الرأي العام الوطني بالأربعاء الأسود الذي يوافق يوم الأربعاء 14 مارس 2018.

· 13 مارس 2018، سيصدر باشا المدينة قرارا يقضي بمنع جميع التظاهرات غير المرخص لها بالشوارع والطرق العمومية، وهو القرار الذي ستتبناه الوزارة في بلاغاتها وتصريحات مسؤوليها (ملحق نسخة من قرار المنع).

· 14 مارس 2018 “الأربعاء الأسود”: وكرد فعل على منع الاحتجاج بمضمون بلاغ وزارة الداخلية، نأت الساكنة بالاحتجاج إلى منطقة الساندريات بالغابة المجاورة لفيلاج يوسف، والتابعة لنفوذ الدرك لخوض اعتصام جزئي، احتجاجا على منعها من حقها في المطالبة بالتحقيق والبديل الاقتصادي؛نظم خلاله العديد من عمال آبار الفحم (الساندريات)، اعتصاما بالآبار الموجودة بالغابة.ليلتحق بهمالعشرات من المواطنين/ت من بينهم نساء وأطفال، خاصة بعد شيوع خبر قيام بعض المحتجين برمي أنفسهم في بعض الآبار المنتشرة عشوائيا بالغابة، والتي يفوق عمق بعضها 80م.

فاغتنمها المسؤولون فرصة للانقضاض على الحراك وجره إلى مستنقع العنف في أفق إخماد لهيبه الذي شكل قلقا للمتسترين على الفساد وانزعاجا بسبب الامتداد الإعلامي للملف. فكانت جميع أصناف القوة العمومية جاهزة بعد إعطاء التعليمات للتدخل الفاحش والمفرط في استعمال القوة والبطش الذي لم يسلم منه النساء والمسنون والشباب والأطفال وحاملو الإعاقات.

ولقد أدى التدخل الأمني للقوات العمومية لفض المعتصم بالعنف والقوة إلى تبادل الرشق بالحجارة، وانقلب بعد ذلك الاحتجاج السلمي إلى مواجهة بين المحتجين ومختلف أنواع عناصر القوات العمومية (الدرك الملكي، القوات المساعدة، الشرطة…) في محيط الساحة المحاذية لفيلاج يوسف. وقامت القوات العمومية باستخدام القوة المفرطة في فض التجمعات، وإطلاق القنابل المسيلة للدموع، واقتحام البيوت، ودهس المواطنين/ت، والرشق بالحجارة، كما أصيب عدد من عناصر القوات العمومية أثناء الأحداث، وتم حرق مجموعة من آلياتها (6 مركبات حسب بلاغ لوزارة الداخلية).

ومن بين الضحايا الذين تعرضوا لإصابات بليغة إثر تعرضهم للدهس بسيارات قوات التدخل الأمني، نجد الطفل عبد المولى زعيقر الذي تعرض للدهس من طرف سيارة القوات المساعدة وتم حمله من طرف القوات الأمنية بطريقة غير سليمة (كما هو موثق بشريط الفيديو المنشور على صفحات التواصل الاجتماعي وببعض المواقع الإلكترونية والقنوات التلفزية الدولية)؛وأصيب بعدة كسور على مستوى العمود الفقري وباقي أطراف جسمه، مما نتج عنه إصابته بعاهة مستديمة، بحسب ما صرحت به والدته التي كانت برفقته بالمستشفى الجامعي بوجدة، حيث صرحت أن ابنها يحتاج إلى ست عمليات جراحية خطيرة جدا، وقد لا ينجو منها، وذلك عندما تمت زيارتها بالمستشفى المذكور.

وبالرجوع إلى عملية التدخل التي أقدمت عليها قوات الأمن فإن حالة الذعر التي كان عليها المواطنون المحتجون، وكذا عملية الفرار التي عرفها مكان الاحتجاج، وخوفهم من الدهس، دفعهم للجوءلبعض المنازل المجاورة لمسرح الأحداث، لتواجههم قوات الأمن بأن قامت بانتهاك حرمة تلك المنازل، وزرعت الرعب بين أصحابها الذين فوجئوا بقوات الأمن وهي تكسّر أبواب البيوت ونوافذها، وتقتحمها، وتحطم الأثاث والأواني، وتستولي على بعض الممتلكات.

ومن بين الشهادات التي تم استقاؤها من عين المكان، شهادة السيدة المسنة المسماة (فاطمة ن)، التي تم توثيق تصريحاتها بفيديو تؤكد فيها العنف الذي تعرضت له من قبل القوات الأمنية التي انتهكت حرمة مسكنها وعاثت فيه فسادا.

كما شهدت المدينة في الأيام الموالية ليوم الأربعاء 14 مارس 2018، اعتقالات واسعة في صفوف العديد من المواطنين/ت والنشطاء، فاقت60 معتقلا من بينهم قاصرون/ت ومختل عقلي، منهممن أحيلواعلى الجلسات في ملف “جنحي تلبسي”،وتم الحكم بالسجن النافذ على أربعة نشطاء (مصطفى ادعيتيت، أمين لمقلش، عزيز بودشيش، وطارق العامري) تم اعتقالهم قبل يوم الأحداث، وعلى 7 بالسجن موقوف التنفيذ (اثنان بسنة موقوفة التنفيذ و5 بأربعة أشهر موقوفة التنفيذ مع غرامة 500 درهم)، ولا زالالباقون محالين على التحقيق.

كما تعرف المدينة حسب الشهادات المتوصل لها والمعاينات الميدانية مداهمات للبيوت بشكل شبه يومي وفي أوقات مختلفة (ليلا وفجرا…) في العديد من أحياء المدينة (حي المسيرة، حاسي بلال، المنار…)، كما تشهد هذه الأحياء حضورا مكثفا لعناصر القوات العمومية خاصة في نقط الاحتجاج حيث يتم محاصرتها هناك، ومنعها من الالتحاق بباقي الاحتجاجات وبوسط المدينة وأحيانا يتم فضها بالقوة.

4) ملف الاعتقال والمحاكمات

– الاعتقال

قادت السلطات الأمنية بداية من يوم الأربعاء الدامي حملة عشوائية، وانتقائية في نفس الوقت، طالت نشطاء الحراك ومعهم بعض المواطنين (5 قاصرين) ومواطنة قاصرة (أفرج عنها فيما بعد)، ومواطن في وضعية إعاقة عقلية (أفرج عنه يوم 16/4/2018 من مستشفى الأمراض النفسية والعقلية بوجدة بعد أن أحيل عليه سلفا من طرف النيابة العامة).

وتميزت التوقيفات والاعتقالات ـ حسب الشهادات ـ بعدم احترام القانون، من خلال مداهمة البيوت ليلا، وإشهار السلاح الوظيفي، والتهديد والتنكيل بساكنتها، والعبث بأغراض المنازل وأثاثه، مع الإفراط في العنف والتعذيب المادي والنفسي، سواء لحظة الإيقاف أو خلال مدة الحراسة النظرية لدى الضابطة القضائية والدرك، أو من خلال وضعيات المعتقلين بالسجن وعزلهم في زنازين انفرادية وحرمانهم من أبسط الحقوق.

ويتابع غالبية المعتقلين بتهم ثقيلة ومتعوّد عليها وعلى سماعها كلما كنا إزاء المحاكمات الانتقامية مثل: إهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بمهامهم”، “ارتكاب العنف في حقهم والمشاركة في ارتكابه”، “العصيان ومقاومة أشغال أمرت بها السلطة العامة والاعتراض عليها بواسطة التجمهر والتهديد”، “إضرام النار والضرب والجرح”، “التحريض” … هذا فضلا عن ما بات يعرف بحادثة السير العجيبة، التي تم تبرير اعتقال النشطاء الأٍربعة بسببها.

فيما يخص ظروف التوقيف، صرح المواطنون والعائلات الذين تم الاستماع إليهم، أن توقيف المعتقلين يتم دون سابق إعلام، ويتم مداهمة البيوت والدواوير والقرى المجاورة بإنزالات أمنية مكثفة مفزعة للأطفال والنساء.

أما بالنسبة للحراسة النظرية بمخافر الشرطة والدرك: وإن تم احترام المدة القانونية للوضع تحت الحراسة النظرية، فهي تتم بدون إخبار العائلة في كثير من الأحيان مع التعريض للإهانة والعنف اللفظي والمادي. ولا يتم إخبار الموقوفين بالتهم ويحرمون من انتداب الدفاع، ويوقعون بالبصم في دفتر التصريحات لدى الدرك مما يجعل المحاضر غير نظامية. كما لا يطّلع المعتقلون ـ وفق تصريحاتهم ـ على المحاضر، والأغرب هو استقدام ضباط الشرطة القضائية من مدن أخرى (مكناس…) في تناف مع وجوب ـ قانونا ـ ارتباط ضابط الشرطة القضائية بالمجال الترابي لمقر عمله.

– المحاكمات:

مظاهر المحاكمة العادلة يفندها: عسكرة فضاء المحكمة ونصب متاريس أمنية تحول دون ولوج قاعة الجلسات بمن فيهم عائلات المعتقلين؛

اعتقال ناشط بالحراك من أمام ساحة المحكمة ومن داخل وقفة احتجاجية لعائلات المعتقلين؛

تشبث المحكمة بمحاضر الضابطة القضائية كاملة بالرغم من الدفوعات الشكلية التي عبر عنها محامو الدفاع في مختلف مرافعاتهم؛

إصدار أحكام قاسية في حق مجموعة دعنين مصطفى 10 أشهر، عزيز بوتشيش 12 شهرا، امينلمقلش 18 شهرا ـ طارق عامري 6 أشهر)

اعتقال الطالبة سلمى بردي من داخل المحكمة وتفتيش أغراضها والاحتفاظ بها يومين لدى الأمن قبل تقديمها أمام الوكيل وإخلاء سبيلها…

5) التوصيات

التوصيات الاستعجالية

1. العمل على وضع حد لحالة الاحتقان التي لازال يشهدها إقليم جرادة، وسن تدابير وإجراءات مستعجلة، مدخلها الرئيسي إطلاق سراح جميع معتقلي الحراك، قصد إعادة مد جسور الثقة والحوار بين مختلف أطراف التوتر بالمنطقة.

2. إسقاط المتابعات والتهم والأحكام وإلغاء كل المتابعات المرتبطة بملف مظاهرات جرادة.

3. العمل على فتح حوار مسؤول مع ساكنة المدينة والقطع مع المقاربة الأمنية واعتماد المقاربة التشاركية وإيجاد الحلول للمشاكل المطروحة، والاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة للساكنة.

4. فتح تحقيق قضائي حول ما جاء في هذا التقرير من انتهاكات في حق ساكنة إقليم جرادة، وترتيب كافة الجزاءات القانونية اللازمة حتى لا يتكرر ما جرى.

5. جبر الأضرار المادية والمعنوية التي أصابت ساكنة المدينة جراء الإهمال وكذا التدخل الأمني.

6. رفع العسكرة وجوّ الرعب عن المدينة والساكنة؛

7. فتح تحقيق عاجل في عملية الدهس التي راح ضحيتها الطفل عبد المولى زعيقر

8. فتح تحقيق في مزاعم التعذيب والاعتداء على المنازل والمداهمات الليلية

9. فتح تحقيق في الاستغلال غير القانوني للرخص، والاغتناء غير المشروع من مأسي وآلام وضحايا آبار الموت (الساندريات)

10. فتح تحقيق في التدمير الذي لحق الغابات

11. فتح تحقيق في مآل تجهيزات وممتلكات شركة مفاحم المغرب

12. معالجة الآثار البيئية لمناجم الفحم

13. فتح تحقيق في المشاريع المنفذة وجدواها، خاصة المرافق والمنشآت التي لم تشتغل؛

14. العودة لأسلوب الحوار، واحترام الحق في التظاهر السلمي

توصيات على المدى المتوسط

1. إخراج الآلية المتعلقة بالوقاية من التعذيب إلى حيز الوجود مع التأكيد على توفير جميع الضمانات لتقوم بدورها باستقلالية.

2. تفعيل الفصل 71 من الدستور، عبر إصدار قانون تنظيمي، يمكن البرلمان من الاضطلاع بمهمته في مجال العفو.

3. مراجعة القانون المنظم للحريات العامة وخاصة قانون حرية التجمع.

4. إعادة الاعتبار للعمل السياسي والمدني، عبر رفع كل أشكال التضييق والاحتواء، ليتمكنا من لعب أدوارهما في تأطير المواطنين والمواطنات، وفي إدارة الشأن العام بصور ة ديمقراطية.

5. وضع حد لهيمنة الدولة على وسائل الإعلام العمومي، وجعله خدمة اجتماعية، وظيفتها نقل الخبر والمعلومة بكيفية محايدة ونزيهة.

6. الحد من سياسة الإفلات من العقاب، ووضع الاستراتيجية الوطنية لمناهضة الإفلات من العقاب موضع التنفيذ.

7. إصدار قانون يهم الطب الشرعي، يستجيب لمعايير حقوق الإنسان (اتفاقية استطنبول).

8. إصلاح القانون الجنائي بما يمكنه من خدمة حقوق الإنسان.

9. تطبيق الاتفاقية الاجتماعية الخاصة بتسريح عمال مناجم الفحم.

10. تنفيذ الالتزامات السابقة خاصة في شقها الاقتصادي الذي يفضي إلى خلق فرص الشغل وتحقيق عناصر التنمية والبديل الاقتصادي،وتسطير برنامج تنموي للمنطقة، يأخذ بعين الاعتبار خصوصياتها الجغرافية والتاريخية والثقافية.

11. تأهيل المنطقة على مستوى البنيات التحتية، وجلب الاستثمارات الصناعية لها؛

12. تسطير برامج لتأهيل الشباب للانخراط في المشاريع التنموية والاستثمارية.

13. تأهيل القطاعين الحيويين: التعليم والصحة؛ وذلك بتوفير البنيات التحتية والموارد البشرية الكفيلة بالاستجابة لحاجيات الساكنة.

14. العمل من أجل تأمين المؤسسات والمركبات الثقافية والفنية والرياضية، لتلبية متطلبات الشباب في التثقيف والترفيه.

توصيات تخص المجتمع المدني

1. مؤازرة الضحايا وجبر الأضرار

2. مؤازرة المعتقلين وتقوية التضامن مع الساكنة والمدينة لرفع العسكرة عنها

3. تقوية وتطوير العمل بين الجمعيات والمنظمات الحقوقية بما يعزز الدفاع عن حقوق الإنسان والمساهمة في البناء الديمقراطي.

4. تسطير برامج من أجل تفعيل الميثاق الوطني لحقوق الإنسان وتطوير هذا الأخير وجعله أرضية للتشبيك بين الجمعيات على المستوى الجهوي والمحلي.

5. تقوية الشبكات والمنتديات المحلية والجهوية والوطنية وجعلها فضاءات للحوار وتلاقي نضالات الحركات الاجتماعية وكل الحركات المدنية.

6. اعتماد عمل القرب مع المواطنات والمواطنين ومرافقتهم في نضالاتهم من أجل حقوقهم المشروعة.

7. تقوية شبكات الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية محليا، وجهويا ووطنيا.

8. تطوير عمل الجمعيات من أجل خلق بدائل تستجيب لحاجيات وتطلعات المواطنات والمواطنين للعيش بكرامة.

9. وبخصوص المجتمع المدني بجرادة نحيي جهوده، ونحيي المرأة والشباب ولكن لا يعفينا هذا من القول بأن هناك حاجة إلى تظافر الجهود للنضال الوحدوي من أجل دولة حقوق الإنسان وكرامة المواطنات والمواطنين.

6) الخلاصة العامة

بالاستماع للمواطنين والمناضلين بالمدينة، خلصنا إلى أن أسباب الاحتقان والاحتجاجات تعود أساسا إلى قرار تصفية شركة مفاحم جرادة وغلق المنجم ونتائجه. حيث أن المواطنين فقدوا مصدر العيش الذي ربطهم بمدينة جرادة، ووجدوا أنفسهم في حالة فقر مدقع ومهددين بالمجاعة؛ ويحسون بالظلم أمام الوعود التي قدمها المسؤولون خاصة في الشق الاقتصادي ولم يتم تنفيذها، حيث أن الندوات التي كانوا يحضرونها كانت تتحدث عن وحدات صناعية وأنشطة بديلة ستحقق التنمية والاستقرار للمدينة وسكانها. في حين يتابعون باستغراب وغضب الاغتناء والثروات التي يحققها بارونات الاستغلال غير الشرعي لرخص التنقيب المعدني على ظهر مآسي وآلام وضحايا الساندريات من ذلك الفحم الذي قيل لهم إنه لم يعد مجديا ولا مربحا.

وينظرون بكثير من الاستغراب إلى الثروات والطاقة التي تنتجها مدينة جرادة، دون أن يستفيد منها مواطنوها وسكانها، ومن هنا مطلب التسعيرة التفضيلية.

ومن غير العودة إلى هذه الأسباب، وإلى الوعود التي قدمت للسكان، والاستماع للمطالب، ومناقشتها بجدية وتسطير أجندة لتنفيذ الوعود والالتزامات والإسراع بها، والابتعاد عن المراوغة والتسويف والمقاربة الأمنية، لا يمكن الاطمئنان إلى مستقبل المدينة واستقرارها.

ملحوظة: خلال مدة توجه اللجنة من مدينة وجدة في اتجاه مدينة جرادة، تم توقيفنا عند كل نقط المراقبة القضائية ومراقبة وثائقنا. ولم تفارقنا سيارة بها ثلاثة أشخاص طيلة مدة تواجدنا بمدينة جرادة. كانت تسير وراء سيارتينا أو تقف تنتظر ونحن نقوم بزيارة المدينة وآبار الساندريات أو نعقد لقاءات مع أعضاء الجمعية بالمدينة أو بالمقهى خلال استقبال بعض عائلات المعتقلين، حتى أن السيارة رافقتنا لمسافة 20 كلم ونحن نغادر المدينة…كما لاحظنا ضعف صبيب شبكة الأنترنيت بالمدينة…

الرباط في 26 أبريل 2018

7) الملاحق:

· التصريحات والشهادات والروايات:

A. لجنة العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان:

1. المؤسسات الرسمية:

– الاتصال بالسيد والي الجهة الشرقية:

باشرنا خلال المرحلة التي خصصناها للاستماع إلى الجهات الرسمية، اتصالنا بالسيد والي الجهة الشرقية، معاد اليعقوبي، وقد جوبه طلبنا باعتذار غير مبرر، إلا أنه وبعد إخطار رئيس العصبة الأستاذ عبد الرزاق بوغنبور، الذي دعانا إلى إتمام المهمة وتضمين الاعتذار في التقرير، جدد السيد الوالي اتصاله برئيس العصبة، وذلك بعد انتهاء مهمة اللجنة، واعتذر له عن عدم استقبالنا لانشغاله باجتماعات طارئة، وتعبيره عن استعداده استقبالنا في فرصة أخرى.

– الاتصال بالسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بوجده:

في لقاء جمعنا بالسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بوجدة، ساءلناه عن الأحداث السالف ذكرها، ليصرح لنا أنها تندرج في إطار المساس بالأمن العام وأن جميع المعتقلين هم جناة حقيقيون ومخرّبون، ويهددون سلامة المواطنين مستدلا على ذلك بعدد الضحايا في صفوف قوات الأمن، حيث بلغت عدد الإصابات حوالي 200 فردا، وتخريب عدة سيارات تابعة للقوات المساعدة والدرك الملكي والأمن الوطني.

أما في ما يخص حادثة الطفل المدعو عبد المولى زعيقر، فقد أكد السيد الوكيل العام للملك بأن أفراد القوات المساعدة لم يتعمدوا دهسه وأن سائق السيارة لم يره نظرا للغبار الكثيف الذي حجب الرؤية خلال مواجهات المتظاهرين مع القوات الأمنية، كما شدد على أن من حق أسرة الضحية رفع دعوى قضائية من أجل المطالبة بالتعويض ومحاكمة من تسبب في هذه الحادثة.

– اللقاء بالطبيب رئيس قسم الإنعاش بالمستشفى الجامعي بوجدة:

خلال تواجدنا بالمستشفى الجامعي، حيث يرقد الطفل المدعو عبد المولى زعيقر، وخلال الحوار الذي دار بيننا وبين والدة الطفل تدخل أحد المسؤولين على قسم الإنعاش وطلب منا عدم تصوير الضحية وأخذ تصريح من والدته، بحجة أنه لا يحق لنا التصوير داخل مؤسسة عمومية، إلا بترخيص، وعندما أطلعناه على صفتنا ومهمتنا، المتجلية في زيارة الطفل، اصطحبنا إلى قسم الإنعاش حيث قام كل من الأخ مراد زبوح، والأخ عبد الصمد بلعزيز بالدخول إلى قسم الإنعاش بغية الاطمئنان على وضعية الطفل، حيث وجداه في وضعية يرثى لها سواء على مستوى العامل النفسي أو من حيث الوضعية الجسدية؛ وطلبنا من السيد رئيس قسم الإنعاش تقريرا طبيا مفصلا لحالة الطفل فأجابنا بعدم جاهزية هذا التقرير نظرا للحالة التي يوجد عليها والتي تستوجب عدة فحوصات من طرف الأطباء الاختصاصين في جراحة العظام والنخاع الشوكي وحتى الطب النفسي .

2. المكونات المجتمعية غير الرسمية:

خلال زيارتنا لإقليم جرادة قابلنا بعض الفاعلين الجمعويين والحقوقيين بالمدينة، الذين عبروا لنا عن الوضع الذي تعيشه المدينة خصوصا منذ بداية الحراك حتى يوم اللقاء، حيث صرحوا لنا بأن ما يجري في المدينة لا يخدم لا الساكنة ولا القوات الأمنية ولا أي جهة ما.

وبحسب ما جاء في تصريح أحد الفاعلين، فإن مدينة جرادة تعيش أزمة حقيقية على جميع الأصعدة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، أمام عجز الفاعلين السياسيين عن حل الأزمة.

3. أم الطفل عبد المولى زعيقر:

صرحت والدة الطفل عبد المولى، الذي تعرض لدهس خطير من طرف إحدى سيارات القوات المساعدة التي كانت تطارد وتفرق المتظاهرين،والتي (الأم) كانت برفقة ابنها بالمستشفى الجامعي بوجدة، أن ابنها يحتاج إلى ست عمليات جراحية خطيرة جدا، وقد لا ينجو منها، وذلك عندما تمت زيارتها بالمستشفى المذكور.

تصريحات الأم التي تم توثيقها في تسجيل مصور، عبرت من خلالها عن المأساة التي تعيشها هي وابنها، خصوصا وأنها تشتكي من الإهمال الذي تعرضتله من طرف جميع المسؤولين بما في ذلكداخل المستشفى، ولم يحد من هذا الإهمال الممنهج ـ حسب الأم ـ سوى ضغط الرأي العام، بعد أن تسربت بعض الأشرطة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي توثق لحالتها وحالة ابنها، مما جعل الطاقم الطبي بالمستشفى يوليهما شيئا من العناية.

وحول وضعية الطفل الضحية أكدت الأم أن “جميع الأطباء الأخصائيين في الجراحة التي يحتاج لها ابنها صرحوا لها أنهم غير قادرين على إجراء العملية الجراحية لابنها خوفا من تحمّل مسؤولية نتائجها”.

B. لجنة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان

1. اللقاء مع عائلات المعتقلين:

الزمكان: جرادةـ، صباح يوم السبت 24 مارس 2018

– الاستماع للسيد رضوان الإسماعيلي، أخ المعتقل يحيىالإسماعيلي.

الإسماعيلي يحي تم اعتقاله حوالي الساعة السابعة مساء بفيلاج يوسف، عمره حوالي 30 سنة أعزب، يشتغل في محلبة ومؤذن بأحد المساجد بالمدينة. كان قادما من المسجد وذاهبا إلى المنزل حيث يقطن بحي الانطلاق مارا عبر فيلاج يوسف، حيث وجد أربعة شبان ثلاثة إخوة وشاب يعاني من الإعاقة يتحدثون فيما بينهم. قبل أن يداهمهم عناصر من القوات العمومية، فلجأوا إلى منزل عائلة الشبان الثلاثة الذي كان قريبا من الحدث.وقد قامت القوات العمومية بمداهمة المنزل بعد تكسير الباب، ثم تعنيف الجميع واعتقال الخمسة من داخل المنزل ضمنهم الإسماعيلي يحي والإخوة الثلاثة والشخص المعاق، واستعمال العنف والضرب خلال المداهمة.

لم يتم إخبارنا بالاعتقال من طرف الجهات الرسمية بل من خلال العلاقات الخاصة، حيث علمنا باعتقال يحيى والآخرين من طرف سائق سيارة الإسعاف الذي تعرّف على أخي خلال نقله الجرحى إلى المستشفى الإقليمي بالعوينات. ومن ثم لمستشفى الفارابي بمدينة وجدة، حيث تمكنا من الاتصال به، ولم يترك لنا سوى بعض دقائق حيث عاينّا علامات الضرب والكدمات قرب العين وأخرى في الرأس. كما أن الشرطة كانت تقف إلى جانبنا (الأب + الأخ + الأخت) خلال الزيارة ولم يسمح لنا بالانفراد مع المعتقل.

تم تقديمه إلى قاضي التحقيق يوم الجمعة 23 مارس 2018.

هذا الصباح (السبت 24 مارس 2018) قام أبوه بالذهاب إلى وجدة قصد محاولة طلب الزيارة.

– الاستماع إلى محمدهلاوي أخ المعتقل أحمدهلاوي، 39 سنة،صباغ،متزوج، له طفل وطفلة. تم اعتقاله يوم الأربعاء 14 مارس 2018 من طرف الدرك حوالي الساعة 12 زوالا، ولم يتم إخبارنا من طرف السلطات العمومية باعتقاله. ذهبنا إلى وجدة صباح الخميس 15 مارس 2018 إلى مركز الدرك واكتفينا بتسليم بعض الأغذية للدرك.

قامت زوجته بزيارته في السجن المدني بوجدة يوم الجمعة 23 مارس 2018 حيث يقبع مع 24 سجين آخرين.

– الاستماع إلى إبراهيم بهية من عائلة المعتقل محمد بهية بائع الحلوى المتجول المزداد سنة 1985 يسكن بحي أولاد مزيان، متزوج، له طفلان.

كان مارا من فيلاج يوسف مسرح الأحداث حيث يوجد روض للأطفال، وكان ذاهبا لجلب ابنه من الروض.فطلب منه أفراد من الشرطة (بفعل معرفتهم به) التدخل والمساهمة في التوسط مع المتظاهرين في تهدئة الأوضاع مع المواطنين خلال المواجهات، ومن أفراد الشرطة الذين طلبوا ذلك الضابط زهير والشرطي عطا علي.

وقد استجاب لطلبهم وقام بالمحاولة، وعند تركه الأحداث والرجوع تم اعتقاله قبل الوصول إلى الروض.

من خلال تتبعي للأخبار الرائجة استنتجت أنه ربما تم اعتقاله فاتصلت بالشرطة الذين أكدوا أنه غير موجود، ثم اتصلنا بالدرك وأكدوا لي اعتقاله.

الضابط زهير ذهب معهم إلى الدرك لتأكيد شهادته لكن لم تنفع في شيء.

تم نقله إلى وجدة، وتمت زيارته في مركز الدرك بوجدة يوم الخميس 15 مارس 2018 على الساعة العاشرة ليلا.

اعترف للعائلة أنه تعرض للضرب والعنف.

كما تمت زيارته بالسجن يوم الإثنين 19 مارس 2018 من طرف العائلة (الأب والابن والأخ) حيث أكد لهم أن اعتقاله تم من طرف القوات المساعدة التي سلمته للدرك. حسب تصريحه يوجد مع 26 من معتقلي جرادة تم عزلهم عن المعتقلين الأربعة لما قبل يوم الأربعاء 14 مارس 2018.

الجلسة يوم 26 مارس 2018 الملف جنحي تلبسي. يبدو أن التهم والمحاضر كانت جاهزة من خلال…

– الاستماع للسيد إبراهيم الإبراهيمي أب المعتقل الطفل طه الإبراهيمي المزداد في 28 أكتوبر 2001، تلميذ الثانوي الإعدادي مستوى الثالثة بمعهد التأهيل المهني، كان خرج من المدرسة على الساعة 11 نظرا لتغيب الأستاذ، عند خروجه توقف عند حادثة سير قريبة من المركز حيث سمع الناس يتكلمون عن وفيات في الساندريات في غابة فيلاج يوسف، رجع إلى المنزل وترك المحفظة، ثم عاد إلى المنزل وقد طلبت منه عدم الخروج على الساعة الثالثة والنصف، ومكنته من هاتفي الشخصي للاتصال.

تم اعتقاله من الشارع من طرف أجهزة الشرطة بالزي غير الرسمي (05 أشخاص) يوم الأحد على الساعة الرابعة والنصف، وقد أخبرني صاحب دكان بكون ابني قد تم اعتقاله.

اتصلت بالشرطة ثم الدرك فتأكد لي وجوده لدى الدرك بوجدة.

لقد كنت أخرج في الحراك بطريقة سلمية مع ابني.

لقد تم الاتصال بي من طرف الدرك قبل يوم أحداث 14 مارس وطلب مني بعض الصور باعتباري جنديا سابقا.

ذهبت إلى الدرك بوجدة يوم الإثنين 19 مارس 2018، حيث رأيت طفلي في حالة ذعر كبير.

تمت تلاوة المحضر علي، ولأن المحضر ينسب صورة كنت قد التقطتها أنا من هاتفي للقوات العمومية لطفلي رفضت التوقيع عليه. وأكدت أنني أنا الذي التقطت الصورة وأن الطفل نسب ذلك لنفسه لحماية الأب.

تم إطلاع الأب على مجموعة من فيديوهات الأحداث في مركز الدرك.

كان هناك شخص آخر له ابن معتقل (مول كاران) صرح أن ابنه تعرض للتعذيب والضرب.

يوم الثلاثاء رجعت لزيارة ابني، وقد تم إعادة الأسئلة والتهم التي في المحضر.

الطفل كان يجيب بنعم على كل الأسئلة والاتهامات بما فيها الصورة التي التقطتها أنا للقوات العمومية بهدف تحذير ابني من الذهاب إلى الساحة.

أكدت للدرك بأننا نشارك في الحراك بشكل سلمي ولا علاقة لنا بالشغب.

أثناء تقديم ابني أمامالوكيل العام ثم وكيل الملك تمت تلاوة الاتهامات وطرح أسئلة بما فيها توريط عزيز الرش وقاسمي محمد بالتحريض، علما أني على يقين أن ابني لم يسبق له أن التقى الشخصين ولا يعرفهما. وفي ختام طرح الأسئلة تم سؤاله إن كان يعرف المادة 66 من القانون الجنائي المتعلقة بحقه فيالتزام الصمت خلال الاستنطاق.

وقّعت على المحضر لاعتقادي بأن هناك محاضر جاهزة، وليس بإمكاني تغيير أي شيء.

طالبت بهاتفي،فكان الرد أنه تم توجيهه إلى الرباط لتحليل ما يحمله من معطيات، وسيبقى كمحجوز عند وكيل الملك.

خلال زيارتي لابنيفي السجن، لم تترك لي فرصة التحدث إليه بمفردي، وقد كان هناك حارس يتنصت علينا ويشاركنا الحوار من خلال أسئلة أو ملاحظات موجهة لابني.

أكد لي ابني أنه تعرض للضرب من طرف الدرك مستعملا كلمة (دكدكوني)

– الاستماع لعائلة المعتقل عبد الصمد الحبشي: صباح يوم السبت 24 مارس 2018 حوالي العاشرة والربع، تم استقبال أعضاء من اللجنة بمنزل عائلة المعتقل عبد الصمد الحبشي. وكان الاستقبال من طرف والد المعتقل الحسين حباشي. وبعد تقديم أعضاء اللجنة والمهمة التي من أجلها هم في زيارة مدينة جرادة، صرح السيد الحسين حباشي بكون ابنه عبد الصمد تم اعتقاله وهو عائد من عمله يوم 14 مارس 2018 حوالي الساعة الثامنة مساء عند نقطة المراقبة القضائية (باراج)، وأنه مناضل نقابي في صفوف الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، ولم يكن حاضرا بالمعتصم يوم 14 مارس 2018، ولم يكن من قادة الحراك؛ وشارك في الجلسات الحوارية إلى جانب نشطاء آخرين بصفته النقابية. كما صرح السيد الحسين حباشي أن الأشخاص الذين اعتقلوا ابنه هم رجال أمن بالزي المدني، ولم يتم إخبار العائلة بالاعتقال، وأن تهمة التحريض الموجهة إليه غير صحيحة وأن أسباب اعتقاله هي انتقامية لرفضه التعاون مع الأجهزة الأمنية. ويضيف الأب أن ابنه مناضل نقابي وحقوقي ويوجد رهن التحقيق بمحكمة الاستئناف بوجدة.

– زيارة والد المعتقل مصطفي ادعينين بالمستشفى الإقليمي بجرادة: من المعلوم أ، مصطفى الدعينين تم اعتقاله قبل أحداث 14 مارس 2018 بتهمة خيالية وعبثية: حادثة سير نتج عنها اصطدام شجرة بالغابة على الطريق الرابطة بين وجدة وجرادة على بعد 20 كلم تقريبا من المدينة. وحسب مسؤولي الجمعية فليست هناك أية خسائر حتى بالنسبة للشجرة المعنية. وتبين فيما بعد أن الاعتقال كان بسبب دوره في الحراك نظرا للتهم التي تمت إضافتها إلى التصريحات الأولى للسلطات الأمنية للعائلة.

خلال تواجدنا بمدينة جرادة كان والد المعتقل مصطفى الدعينين يخضع للعلاج بقسم مرض السيليكوز بالمستشفى الإقليمي بجرادة، وقمنا بزيارة له، ووجدناه في حالة صحية مقلقة بسبب ضيق التنفس. وصرح لنا أنه اشتد عليه المرض وهو يتنقل بين مدينتي جرادة ووجدة وبين مختلف المصالح والإدارات بعد اعتقال ابنه، إلى أن أصبح في حالة ضيق تنفس صعبة. وهو على سرير المرض، لا يوجد من يمكن عيادته أو زيارته بالمستشفى لأن زوجته منشغلة بقضية ابنهما…كما صرح أنه متقاعد منذ سنة 2013، بعد أن قضى 16 سنة كعامل بمناجم الفحم قبل أن يتم إغلاقها. واشتكى من قيمة المعاش الهزيلة التي تصرف له، وهي حالة العديد من العمال أمثاله. حيث أن الخبرة الطبية الأولى قدرت نسبة العجز الذي أصابه بسبب مرض السيليكوز 100 في 100، وتم تعويضه في البداية على أساسها، لتتم مراجعتها لتصبح 65 في 100، إضافة إلى أن العديد من العمال يعتبرون عدد أيام العمل التي على أساسها تم تحديد قيمة المعاش بها أخطاء…

بعض الملاحظات الحقوقية:

ü عدم إخبار العائلات باعتقال أبنائها

ü التعرض للضرب والعنف والتعذيب في عين المكان وخلال الاعتقال بمقر الدرك

ü الإيحاء بالأجوبة المطلوبة لتوريط أشخاص ومعتقلين آخرين

ü جاهزية بعض التهم

ü عدم الإخبار بالحق في التزام الصمت خلال الاستنطاق، أو الإخبار بذلك بعد الاستنطاق.

ü التنصت على التواصل بين المعتقلين وعائلاتهم خلال الزيارة في السجن.

ü خلق جو من الرعب النفسي خلال الاعتقال لدفع المعتقلين للتوقيع على المحاضر …

ü شهادات وتصريحات لبعض المواطنين من مختلف الأعمار…

2. التواصل مع مجموعة من المواطنين المسنين كانوا يمارسون رياضة المشي في الغابة مسرح الأحداث قرب فيلاج يوسف، من بينهم من له مستوى تعليمي جيد أو عمل في أسلاك الوظيفة العمومية، وبعد تكسير الجليد، حسب إفادتهم: الشباب ضايع، و الناس لم تجد لقمة العيش، وجرادة منسية، كثرة الأرامل اللواتي يعلن أبناءهن، الدولة خص دير عقلها ويديرو لهم بديل، علاش يتبعوا الشباب للغابة ؟ الناس دخلو لهم الخوف، الشباب خصوا يقرا ويوعا ويخدم …

3. بعض الشباب والمواطنين الساكنين بالقرب من فيلاج يوسف حاصلين على شواهد عليا: أكدوا لنا أن المشهد كان مروعا خلال يوم الأربعاء 14 مارس 2018، ولم يعطونا شهادتهم التفصيلية، وصرحوا بأنهم أصبحوا يخافون من الذهاب إلى السوق أو التجول في المدينة، كما أكدوا لنا بأن الحراك كان سلميا ومطالبه بسيطة وأن أي دولة كان عليها أن تفرح حين يطالب المواطنون بالتنمية لا أن تتدخل بتلك الصورة.

4. الزيارات الميدانية بعين المكان:

· الساندريات : زار الوفد عدة نماذج من الساندريات / االآبار(les descenderies) سواء في حاسي بلال أو في طريق لعيون أو في الغابة المجاورة لفيلاج يوسف حيث وقعت الأحداث، حيث عاين الفريق عمق هذه الساندريات الذي يصل إلى حوالي 80 متر عمقا أو أكثر أحيانا، ويشكل عمقها وانتشارها في مواقع مظلمة من الغابة خطورة على الراجلين خصوصا الأطفال أو الناس الذين ليس لهم فكرة عن الساندريات، وتنتشر أغلب هذه الآبار بدون تسييج مما يهددبوقوع حوادث (هناك طفلة سبق أن سقطت وتوفيت في إحدى الساندريات، وربما هناك حالات أخرى حسب إفادات المواطنين). تم الوقوف على الساندريات التي حاول بعض المواطنين الاعتصام بها يوم 14 مارس، وهي مواقع خطيرة جدا الارتماء فيها يؤدي إلى الموت المحقق (80 متر عمقا).

· لاحظنا وصرح لنا مناضلون نقابيون وحقوقيون أن مرضى السيليكوز العاملين في الساندريات لا يسمح لهم بولوج المستشفى الخاص بمرضى السيليكوز بدعوى عدم توفرهم على بطاقة خاصة، تعطى لمرضى السيليكوز العاملين في المنجم قبل الإغلاق.

· الغابة: تتعرضالغابة للاجتثاث العشوائي، خصوصا في منطقة تتعرض لتلوث الهواء، حيث أكد لنا سكان الأحياء المجاورة للمعمل الحراري أن الدخان في الكثير من الأحيان يشكل سحابة من الغبار الضار صحيا الشيء الذي يجعل الملابس والمنازل متسخة دوما (حي المسيرة الأكثر تضررا من الضجيج والدخان)،(اتهام مسؤولي المياه والغابات والسلطات المحليةبالتواطؤ والتستر على اجتثاث أشجار الغابة، وغض الطرف على خروقات بارونات الفحم)

· ساحة أحداث 14 مارس 2018: عاين الفريق ساحة تدخل القوات العمومية (الدرك الحربي + القوات المساعدة + الشرطة بالزي المدني…) حيث لا تزال معالم تدل على وقوع أحداث مواجهة، كما يدل تكسير زجاج منازل بعيدة عن الساحة نسبيا على استهدافهالمنعساكنيها من التصوير أو إنقاذ المواطنين، وأكد الأمر شهادات عائلات بعض المعتقلين من المنازل التي تعرضت للمداهمات من طرف عناصر بالزي المدني. الدرك لم يحترم مساطر التدخلات الأمنية(التدخل المباشر)، الشرطة قامت بإخبار المواطنين بفض التجمعات.

· إفادات بعض الشهادات: استعمال المسدسات للتهديد والعصي الكهربائية استعمالا فعليا / ترهيب وتخويف الأطفال والشباب والمواطنين عامة. واستفزاز المواطنين (تم ضرب صاحب تريبورتر قرب مقهى روايال، مما جعل المواطنين يحتجون، كما تم تكسير العديد من تجهيزات مقهى وسط المدينة أمام أعين المارة)

· مواطنة أكدت لفرع جرادة أن رجال القوات العمومية اقتحموا منزلها وسرقوا ممتلكاتها من ذهب وغيره.

· تكسير النوافذ والدخول عبر السطوح.

· آيت ريموش: مواطن معاق ذهنيا (له ملف طبي) تم اعتقاله من الحي الأوروبي.

· توباغ : معاق ذهنيا ( ليس له ملف طبي ) معتقل لأنه كان يصاحب الحراك ويحمل العلم .

· -تم تكسير سيارة رونو 19 (هناك فيديو لها حسب إفادة نقابيين) + تكسير سيارة للسلع.

· – الكوميسير طلب الهدنة خلال المواجهة وتم توزيع الماء على الجميع.

· لجأ بعض رجال الشرطة إلى المنازل للتزود بالماء وتم إعطاؤهم الماء.

· – هناك احتمال شائع بجرادة أن المصابين بدهس السيارة قد يصل إلى 03 مصابين …بالإضافة إلى الإصابات الماسة بالسلامة البدنية الأقل خطورة.

· المراكز الثقافية والرياضية: عاين الفريق كون كل المراكز الثقافية والرياضية أصبحت محتلة من طرف القوات العمومية (الدرك + القوات المساعدة + الشرطة …) مثل المركز الثقافي + القاعة المغطاة + مؤسسة الأعمال الاجتماعية لموظفي العمالة + مركز الاستقبال للشبيبة والرياضة + دار الشباب حاسي بلال + دار الشباب جرادة …) مما يشل وظيفة ودور هذه المؤسسات العمومية ويجعل المدينة محاصرة أمنيا ومعسكرة… وتنعدم فيها معالم الحياة العادية.

· المنشآت التي تم إنجازها بدون أن تشتغل (بدون جدوى) مثل: المحطة الطرقية + السوق الأسبوعي +المجزرة البلدية + المسبح البلدي … مما يدل على هدر المال العام بدون التأكد من جدوى هذه المشاريع …

· زيارة تويسيت وسيدي بوبكر والنزول إلى الغار: مدن شبه مندرسة(villes fantômes) تتميز بقلة السكان الحضريين وتتميز بأنشطة فلاحية وظهر أن الرواجالاقتصادي بها ضعيف للغاية كما أن المنشآت الحضرية في الماضي لم تعد تشتغل (النادي + السينما) أو أصبح نشاطها منعدما أو جد محدود كالمركز الثقافي.

تمت الزيارة لغار سيدي بوبكر حيث عاين الفريق عملية الحفر وإخراج المعدن (الرصاص + الفضة + النحاس + معادن أخرى مختلفة…) يتم ملؤها في أكياس ويتم إخراج المعدن على ظهر الدواب، ويتم بيعه لأناس يتكلفون بنقله إلى الدار البيضاء لبيعه هناك لوسطاء آخرين حتى يصل إلى الوحدات الإنتاجية بالمغرب أو خارجه… وتقدر المسافة التي يقطعها هؤلاء العمال للوصول إلى نهاية الغار حيث المعدن أكثر من ست كلمترات، وتستغرق مدة السير داخل الغار حوالي ساعتين ذهابا وساعتين إيابا.

وأكد بعض العاملين في المنجم أن وفيات عدة وقعت داخل “الغار”، وعرفت سنة 2017 حالتي وفاة.

5. وضعية النساء في جرادة

تعاني نساء جرادة بالإضافة إلى العقلية الذكورية، الفقر والتهميش والبطالة؛ فحسب بيانات المندوبية السامية للتخطيط، فالبطالة في الجهة الشرقية التي تنتمي إليها جرادة تتجاوز نسبة 37 في المائة، حيث تعيش 19489 مواطنة دون دخل. كما تشير الجماعة الترابية جرادة، أن نسبة البطالة تصل بالمدينة إلى 37.8 %، أي ضعف المعدل الوطني 4 مرات، وتبلغ 63.1 % لدى النساء.

وبما أن المدينة كان اقتصادها مبنيا على مناجم الفحم حيث كانت مصدر عيش الساكنة، فقد انهار مستوى عيشهم بإغلاقها؛ وهذا كان انعكاسه مضاعفا بالنسبة للنساء لأن وضعهن هش مما اضطرهن للخروج إلى العمل من أجل العيش ولم يكن لهن من اختيار سوى الالتحاق بالعمل في آبار استخراج الفحم الحجري “الساندريات” حيث يقدّر عدد العاملات فيها 500 امرأة.

بناء على تصريحات بعض الفاعلين الحقوقيين والنقابيين من أبناء جرادة حول وضعية اشتغال النساء في الساندريات،تعتبر جد مزرية لما يحفها من مخاطر سواء المعنوية أو الصحية وتتجلي فيما يلي:

الوضعية العائلية للمشتغلات في الساندريات: أرملات، مطلقات وقاصرات

مجال الاشتغال: غربلة ما يستخرج من فحم من الساندريات وتصنيف الصخور التي تبقى في الغربال عن ما يسقط من غبار وحبيبات صغيرة من الفحم وتعبئتها في أكياس.

بالإضافةإلى النساء العاملات في الساندريات، هناك النساء اللواتي ينقّبن على صخور فحمية في النفايات المتواجدة في المعامل التي أغلقت.

ساعات العمل: من السابعة صباحا إلى غروب الشمس

الأجر اليومي لا يتجاوز 60 درهما

ظروف العمل غير لائقة: غياب وسائل الوقاية والحماية في أماكن العمل، وغياب تاملأي تغطية صحية من المرض المهني السيليكوز.

نسبة النساء الأرامل مرتفعة نظرا لوفيات الأزواج بمرض السيليكوز.

ونظرا لوضعهن المتردي من جراء ارتفاع نسب الفقر والتهميش والبطالة، وعدم قدرتهن الولوج إلى الغذاء، كانت النساء في جرادة في مقدمة التظاهرات التي عرفها ولازال حراك جرادة، لأنهن الأكثر تضررا من الوضعية الاقتصادية التي تعرفها المدينة، وكذلك لجسامة المهام الملقاة على عاتقهن في ظل الاعتقالات في صفوف الأبناء والأزواج والإخوان.

إن هذه الوضعية الخطيرة والمزرية التي تعيشها ساكنة جرادة عامة والنساء بصفة خاصة،هي إحدى نتائج السياسات العمومية واختيارات الدولة المغربية، والتي تعكس حجم الانتهاكات التي تمس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين في غياب أية محاسبة، وبتشجيع ضمني لارتكاب الجرائم الاقتصادية والاجتماعية، وفي غياب تام لإرادة سياسية حقيقية لتأهيل المدينة وإيجاد بدائل اقتصادية تساهم في إحياء المدينة من جديد.

6. اللقاء مع الأكاديمي عبد الرحمان الحرادجي، أستاذ مادة الجغرافيا بجامعة محمد الأول بوجدة:

كانت الدولة قد أعلنت عن طلب عروض سنة 2011 لإنجاز دراسة “مشروع التخطيط الاستراتيجي الإقليمي لجرادة”، أوكلت القيام بها لمكتب دراسات فاز بالصفقة، وكان من المنتظر أن تفضي الدراسة إلى نتائج هامة على مستوى تصورات تنمية الإقليم، لكونه مشروعا نموذجيا يكون إقليم جرادة أول المستفيدين من المقاربة التي تبناها، وهي الدراسة التي غابت فيها الجدية والمسؤولية، مما جعله يتباطأ ويتعثر لعدة أسباب، وهو ما دفع بعض الطاقات والأطر التي انخرطت فيها تعلن عن انسحابها من ذات الدراسة، حسب تصريحات الأكاديمي. وقد تضرر المشروع وفشل، نظرا لعدم الجدية وضعف المواكبة والمحاسبة لدى الجهات المسؤولة؛ ليعرف مآل سابقيه من البرامج والمشاريع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *