حوارات

العوني: نخشى من استعمال المجلس الوطني للصحافة ضد حرية الإعلام

عبر محمد العوني رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير “حاتم”، عن تخوفه من أن يتم استعمال المجلس الوطني للصحافة ضد حرية الإعلام عوض أن يكون أداة لتحصينها.

وتحدث العوني في حوار أجرته معه جريدة “العمق”، عن واقع الصحافة الإلكترونية بالمغرب، حيث اعتبر أن “الإعلام والتواصل الالكتروني عامة هو فرصة كبيرة للمغرب للمساهمة في إنقاذ الإعلام في بلادنا، لكن هذه الفرصة تهدرها المقاربة الأمنية للإعلام الطاغية لدى السلطات في المغرب”.

وعلق رئيس منظمة “حاتم” في هذا الحوار أيضا على التقرير الأخير لمنظمة “مراسلون بلا حدود” حول حرية الصحافة بالمغرب، وكذا محاكمة الصحافي توفيق بوعشرين.

إليكم الحوار كاملا:

ينظر عدد من الصحافيين بعين عدم الرضا إلى طريقة التحضير لإخراج المجلس الوطني للصحافة إلى حيز الوجود لأن هناك اتجاه يحاول التمكين لصحافيين ينتمون لأحزاب سياسية من أجل السيطرة على المجلس.. كيف تنظرون للأمر؟

أعتبر أن القضية أكبر مِن مَن سيمثل الصحافيين، المسألة في صلاحيات هذا المجلس ومكوناته التي جاءت ناقصة ولا تحقق مقاصد وجود هذا المجلس وهو تطوير حماية الصحافيين من كل إمكانيات الاعتداء عليهم وتطوير إمكانية اشتغالهم وهذا لن يضمنه المجلس.

ونحن نخشى في منظمة “حاتم” أن يتم استعمال هذا المجلس ضد حرية الإعلام عوض أن يكون أداة لتحصين حرية الإعلام وما يجعلنا نعبر عن هذه الخشية هو التخلي وطي صفحة هيئة أخلاقيات المهنة وحرية التعبير التي ساهمتُ في تأسيسها بقرار من النقابة الوطنية للصحافة دون أن تمارس مهامها وهي كانت هيئة مدنية وبصيغة جادة وكان ينقصها شخص محترم الذي هو العلمي المشيشي، ولم يتم طرح أسباب توقيف هذه الهيئة وعدم ممارستها للعمل.

ونلاحظ أن المجلس لا يربط بين أخلاقيات المهنة وحرية التعبير من جهة، وهذه الهيئة كان لها هذا الربط الواضح، ومن جهة أخرى نطرح في منظمة “حاتم” الأخلاقيات بشكل مختلف عن تقليصها في مجال ربطها بالصحافيين، فنحن نطرح أخلاقيات الإعلام ونؤكد على الإعلام لأن الأخلاقيات ينبغي أن تمارسها المؤسسات الإعلامية أولا وينبغي أن تحترمها هي الأولى تُم الصحافيين.

لكن أخلاقيات الإعلام، تفرض على السلطات السياسية وعلى المجتمع أخلاقيات أيضا فالمعادلة لا ترتبط بواجبات الصحافي لأن هناك كذلك حقوق الصحافي التي تفرض واجبات على مختلف الأطراف المتدخلة في الإعلام بما فيها المتلقي.

إذن هكذا ننظر إلى الموضوع، فهو كبير ولا يرتبط بمن يمثل، وفي مسألة التمثيل لا ينبغي السقوط في محاولة اختلاق تصنيفات بين الصحافيين هذا حزبي وهذا غير حزبي وهي أمور أعتبرها جزئية جدا ولاينبغي تضخيمها.

صحيح ينبغي أن تكون طرق المنافسة شفافة ومفتوحة للجميع وشريفة، لكن ينبغي أن يطرح نفس الأمر بالنسبة لممثلي فدرالية الناشرين وبالنسبة للهيئات التي تمثل المجتمع، وعموما ملاحظاتنا في المنظمة تصب في أن هناك غيابا للإنصاف والتوازن في مكونات المجلس لأن الصحافيين عددهم قليل وبالتالي يجب أن يكون عددهم أكبر داخل المجلس.

كيف تقيمون واقع الصحافة الإلكترونية بالمغرب؟
أعتبر أن الإعلام والتواصل الالكتروني عامة هو فرصة كبيرة للمغرب للمساهمة في إنقاذ الإعلام في بلادنا، لكن هذه الفرصة تهدرها المقاربة الأمنية للإعلام الطاغية لدى السلطات في المغرب، حيث نجد أن هناك تخوفا وخشية من الإعلام أن يقوم بأدواره، مما يفقده مكانته، وعلى عكس هذا الاتجاه نجد في العالم تطورا وانتشارا لوسائل الإعلام والتي تساهم في الديمقراطية والتنمية والتقدم.

ونجد أنه في المغرب هناك تقلص لمساحة الإعلام كمًا؛ أولا لأنه في المغرب هناك تزايد في عدد السكان، لكن كمًا يتقلص عدد وسائل الإعلام، ثانيا من حيث المضمون بحيث أن هناك تقلص لمجال النقد داخل الإعلام عامة، وتقلص لمساحة الإعلام المستقل، وسؤال من يملك وسائل الإعلام في المغرب أصبح سؤلا كبيرا، ويطرح إجابات مخيفة لأن الأمر يمس الاستقلالية، والجانب الثالث يكمن في استمرار استهداف الصحافيين المستقلين.

إذن فالصحافة الالكترونية عوض أن يتم تركها للمجتمع ليستثمر فيها كمساحة واسعة للتعبير وأن تُشجع الجرائد الالكترونية الحقيقية التي تحترم شروط العمل الصحفي، نجد أن هناك إحياءً لصحافة الرصيف عَبر مواقع الضحالة والتشهير التي يتم تغذيتها بالأخبار الزائفة والسماح لها بالاعتداء على الفاعلين العموميين دون رقيب أو حسيب، ومقابل ذلك هناك تجارب جادة وراءها صحافيون تعاني من الحصار في الإشهار وفي مختلف الوسائل.

هناك مسألة كبرى ويقع الخلط فيها، ومع الأسف القانون طرحها بشكل خاطئ وهو ما يسمى بالملاءمة، هذه الأخيرة تمس حرية التعبير الرقمي لأنه ينبغي في رأينا في منظمة “حاتم” أن يتم التمييز بين المواقع التي تندرج ضمن حرية التعبير والجرائد الالكترونية أو ما يسمى بالمواقع الإخبارية، هذه الأخيرة يجب أن تخضع لشروط المقاولة الإعلامية لكن أن يتم منع كل المواقع بحجة أنها ينبغي أن يرخص لها فهذا مس بحرية التعبير.

وطبعا ليس مقبولا من هذه المواقع أن تدعي أنها تنتمي للصحافة والإعلام الالكتروني فهذا غير مقبول، وينبغي التوجه لهؤلاء المتطفلين على الإعلام الالكتروني لكن لا يمكن منع جمعيات وأناسٌ يُريدون التعبير بأي شكل من الأشكال عبر الانترنيت بحجة أنه ينبغي أن يكون لديهم ترخيص.

وهذا هو النقاش الذي لم يجري في المغرب مع الأسف علمًا أن تجربة المغرب في الصحافة المكتوبة كانت قد حسمت في هذا النقاش، وهو أنه لا مَسّ بحرية النشر، لكن من يريد الانتماء إلى الإعلام ينبغي أن يَتوفر على شروط المقاولة الإعلامية وهو ما كان ينبغي تخليقه بالنسبة للصحافة الالكترونية.

على العموم ومع الأسف أَجدُ أن طريقة التعامل مع الإعلام ككل ومع الإعلام الالكتروني فيه إهدارٌ لفرصة كبيرة لتطوير الإعلام المغربي لأن هناك إمكانية وسهولة في التطوير وتقليص للمصاريف المادية التي تتطلبها الجريدة الورقية أو الإذاعة أو القناة التلفزية وعوض أن نستثمر في هذا، نثير في المغرب إشكالات غير حقيقة أو مُفتعلة.

ما تعليقكم على التقرير الأخير لمنظمة مراسلون بلا حدود حول حرية الصحافة بالمغرب؟

مرةً أخرى يُسجل تقرير مُنظمة “مراسلون بلا حدود” تراجع حرية الإعلام بالمغرب، بعد تراجعه بدرجتين رغم أنه نفس الرقم لكن تم زيادة الدولتين التي تم تتبع حرية الإعلام بهما من قبل منظمة مراسلون بلا حدود.

هذا فيما يخص الترتيب، أما التراجع الذي نُلّح عليه في منظمة حرية الإعلام والتعبير”حاتم” فهو في المضمون وفي النوع حيث نلاحظ أنه هناك تراجعا حتى عن بعض المكتسبات التي كنا نعتبر أنها يتوافق عليها المغاربة على أنها مكتسبات نهائية وهذا ما ينبغي أن يفتح حوله نقاش وطني جدي يسترجع نتائج الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع ويسترجع أيضا كل مطالب الصحافيين ويسترجع المعايير الدولية في هذا المجال.

سَمعنا مرة أخرى وزير العلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة يُفنّد كل ما جاء في هذا التقرير ويعتبره غير منصفا للمغرب، ولكن لم نسمع مسؤولين يناقشون المؤشرات التي يعتمدها “مراسلون بلا حدود” لأخذ الملاحظات التي تهم الواقع، ونتمنى أن لا تستمر السلطات في تفنيد هذه النتائج أو اتهام تقارير بدون أن تناقش المضمون والمحتوى.

ما هي ملاحظاتكم حول محاكمة الصحافي توفيق بوعشرين؟

منظمة حريات الإعلام والتعبير “حاتم” تتابع محاكمة الصحافي توفيق بوعشرين، ونعد تقريرنا حولها، ولكن سجلنا لحد الآن ثلاث ملاحظات؛ الأولى هي الطريقة التي تم بها اعتقال الصحافي بوعشرين والتي لا تتناسب مع ما وُجّه له من تهم.

والملاحظة الثانية تهم الإخراج الإعلامي للقضية، والتي فيها مس بقرينة البراءة ومس بقطاع الإعلام والذي يتم تصويره على أنه قطاع غارق في الفساد الأخلاقي.

وثالث هذه الملاحظات الخروقات التي مست الصحافيات المشتكيات بما فيها حق أغلبهن في الصورة وحرمة الهوية ذلك أنه تم التشهير بهن بشكل بشع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *