منتدى العمق

“المعجزة” ستيفن هوكينغ وحملة المقاطعة

ستيفن هوكينغ عالم الفيزياء الدي عاش حياة ليس كباقي الحيوات جدير بأن يطلق عليه “معجزة” . فإدا كان قد شغل الناس كثيرا قيد حياته ، فإنه قد أصابهم كذلك بالحيرة عند مماته . و هم محقون في دلك ، فلو أن الرجل لم يعش في زمن الإنترنيت و في زمن التكنولوجيا ،فإن الأجيال القادمة سوف تعتبر قصته و حكايته من صنف حكايات ألف ليلة و ليلة و أسطورة من أساطير الرومان القديمة .

فمند شبابه أصيب بمرض حدد له الأطباء حين تشخيص مرضه أنه لن يعيش أكثر من سنتين، لكن دلك لم يحصل ،إلا أن المرض بدل أن يميته فإنه أصابه بشلل تام في جميع أعضاءه ما عدا عضو واحد و هو عقله .

و في تحد تام للمرض و نظرا للظروف المتوفرة في دول تشجع على البحث العلمي ،آستطاع ستيفن هوكينغ أن يكمل حياته و أبحاثه في إطار الفيزياء النظرية و هو على دلك النحو ،ليصبح واحدا من أشهر العلماء على الإطلاق . بل أكثر من دلك فقد خوله دلك أن يكون خليفة نيوتن صاحب نظرية الجاذبية و إنشتاين صاحب نظرية النسبية العامة و النسبية الخاصة و كذلك نظرية فيزياء الكم الذي بمقتضاهما حصل على جائزة نوبل ،بل و خلده التاريخ لمساهمته في تغيير الحقيقة كاملة ،حقيقة الكون .

حين قراءة مؤلفاته و أبحاثه التي كانت و لا زالت تعتبر كالنار على الهشيم ،و التي حققت أرقاما قياسيا من حيث الكتب الأكثر مبيعا خاصة في بريطانيا بلد نشأته و أمريكا،إلى درجة أن إحداها و هو “تاريخ الأزمان ” سجل في كتاب جينيس للأرقام القياسية ،ستكتشف يقينا أن ما يكتب هدا الرجل لا يمكن إطلاقا تصديق أنه هو بذاته صاحب هده المؤلفات .فكيف لرجل “مشلول ” أن يحيط بالكون علما .

استطاع بعد تتبعه لنظريات من سبقوه من العلماء خاصة نيوتن و إنشتاين ،أن يتوصل إلى نظرية ” الثقوب السوداء ” و التي تعني مما تعنيه ،أن هناك مفردات أي جسيمات التي يتم تخليقها من الطاقة التي بدورها ثم افتراضها من الطاقة الجدبوية للكون .أي أن الكون يمكن تخليقه داتيا .

يصعب جدا على غير المتخصص أن يستوعب نظريات كهده ،إلا أن ستيفن هوكينغ حاول قدر الإمكان أن تكون محتويات مؤلفاته في متناول الكل باستعمال لغة بسيطة من دون تعقيدات ،و ربما كان هدا هو السبب وراء تحقيقه الإمتياز عن غيره . و لأني لست من المتخصصين ،إلا أني كنت في دراستي الثانوية دو تخصص علمي ،و كنت أحب بالدرجة الأولى مادة الرياضيات إلى حد كبير ثم تليها مادة الفيزياء فباقي المواد ،لدرجة أني كنت احصل على النقطة الأولى في مادة الرياضيات على صعيد الثانوية . لكن شاءت الأقدار في مرحلة دراستي الجامعية أن أغير التخصص . و مع دلك بقي في شيء من العلوم التي تعطي حين دراستها إحساسا ممتعا ،يقربك من الحقيقة التي هي ضالة كل حكيم .

في ديننا الحنيف ،يعتبر البحث عن الحكمة شرط من شروط الإيمان ،لكن للأسف الشديد ،عند موت “المعجزة ” ستيفن هوكنيغ ،ثار جدل كبير في المجتمعات الإسلامية،حول جواز الترحم عليه من عدمه .كونه لا يؤمن بوجود” إله “. و هو جدل عقيم بعيد كل البعد عن القاعدة السالفة الذكر .و المجادلين يغيبون هده الحكمة ،و بدل أن يبحثوا عما ينفعهم يذهبون إلى ما يضرهم و ما من شأنه أن يعيدنا وراء نحو عصر التعصب و الشوفينية و الإنحطاط .

قد يثم التساؤل كثيرا كما يتساءل “ستفين هوكينغ ” نفسه ،عن الأسباب التي تجعل الحكومات تحجم عن تقديم المساعدات و تقلص مستوى الإنفاق على البحث العلمي ،و إن كان هو يخص بتساؤله حكومات الدول الأوربية التي كانت لحظة ما تعاني من تبعات الحرب العالمية الأولى و الثانية ،فإنه بعد دلك و حين انتهاء الحروب تغيرت الأمور ليعود البحث العلمي إلى نشاطه المعهود و هو ما يفسر لنا حصول العلماء الغربيين على جوائز نوبل من دون باقي العلماء المسلمين و العرب .

لكن ما هي الأسباب التي تجعل حكوماتنا تتخلف عن الركب ،و تحجم كل الإحجام عن تنشيط البحث العلمي ،و لا تخصص من نفقاتها عليه إلا الفتات . ففي هدا الصدد نجده يقول “كشيء من التنبؤ ” في مؤلفه “الثقوب السوداء ” ،أن تخلف الحكومات و أي حكومات عن تقديم الدعم اللازم للبحث العلمي ما هو إلا مسألة وقت . و سيأتي زمان سيشمل الوعي كل الشعوب و عندها سترضخ الحكومات لكل مطالب الشعوب بما فيها دعم البحث العلمي . و ها نحن نرى الآن في المغرب و في العديد من الدول العربية ،كيف شمل الوعي الشعب ،و كيف بوعيه هدا زلزل عرش شركات كبرى عابرة للقارات و كبدها خسائر جمة .و دلك بأسلوب جد حضاري .

فعن حق و مهما يكن فإن حياة العالم الفيزيائي “ستيفن هوكينغ” تعتبر ليس كباقي القصص ،و يعتبر معجزة و أية من أبات الله ،هو نفسه أي “ستيفن هوكينغ” لم يكن يعرف بذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *