وجهة نظر

الظواهر الفلكية في أغاني ناس الغيوان

عانى العالم الإيطالي غاليلو غاليلي خلال السنون التي عاشها من بطش الكنيسة الكاثوليكية حين رفضت نظريته العلمية القائلة بأن الأرض ليست هي مركز الكون كما كان سائد بل الشمس، وإعتبرت إصداره “حوار النظامين الرئيسيين في العالم” بمثابة استمرار موضوعي لكتابات نظرية كوبرنيكوس التي وصفتها بالهرطقة و تمّت مساءلة غاليليو من طرف محكمة التفتيش بروما، وكان عقابه يقضي بوجوب إنكار أفكاره والتراجع عنها أمام العامّة ثم بالسجن مدى الحياة.

إن سبر أغوار المجموعة الغنائية ناس الغيوان يجعلنا أمام حالات متعددة، يكاد حضور الظواهر الفلكية فيها مثيرا للاستغراب والفضول، والتي لا تخلو من تسؤولات تطرحها المجموعة على طبيعة وأشكال هذه الظواهر، وسنحاول في هذا الصدد تقديم قرأة بسيطة حول طبيعة تناول المجموعة للظواهر الفلكية.

الشمس في أغني ناس الغيوان يظهر جليا من خلال الأغنية التي كانت ترددها الأم أمي حادة نظرا لارتباطها في سنون الصبا بالمقولات الشفهية التي كان يرددها الفلاحين والعمال، والتقطها العربي باطما وجعل منها مثنا فنيا في قالب غنائي أدته المجموعة تحت مسمى “الشمس الطالعة” التي جاء مطلعها على الشكل التالي:

واه يا ديك الشمس الطالعة == إلى شفتي مَامّا حَنـَّــــــا

واڭول ليها راه وليدك دموعه ضَارْعـَـهْ

واه يا ديك الڭافلة الغاديــة == إلى شفتي مَامَّا حَنـَّــــــا

واڭول ليها راه وليدك ما قبلاته زاوية

ارعاو يا خيل خوتي بسبعة == ارعاو النوار وبْـلـْعـْمـَـــانْ

 

يبدو جليا أن القصد من هذا الكلام الذي دبجه ونقل بعضا من مضامينه عن الأم “أمي حادة” أنه كان ينطلق من حالته الاجتماعية، في حوار قد يكون شكله داخلي هو أن العربي يسأل الشمس عن الأم بشكل عام، يزداد الطرح صمودا وحجية حينما نعرف يقينا أن عدد إخوة العربي هم سبعة إخوة تحدث عنهم في القطعة الغنائية على الشكل التالي:

ارعاو يا خيل خوتي بسبعة == ارعاو النوار وبْـلـْعـْمـَـــانْ

ارعــــاو البَهْمَــــة وعـُـودْ الرِّيحـَـــان

واڭــــولْ عْلِيـَّــــا ڭـــــــولْ == الخـــاوا تلــــف الڭــــــول

وَاوْ حْيـّْــدْ عليـــه مــا بقـــات نيـــــــة

ولأن العربي واحد من  الذين نذرو أنفسهم للحديث بلسان الناس ولو في صيغة تعارف الناس على أنها للمرح والفرح، ولأن الأغنية اقتباس لا نمل التذكير على أن مضمونها ومعانيها التقطهم العربي من ما كانت تردده أمي حادة، حيث سيجد العربي نفسه في القطعة يغني ألم الفلاحين والعمال والمقهورين من الناس ومعددا أوصافهم وحالاتهم الاجتماعية بالقول:

ومادم العربي يستمد كلامه من أمي حادة وخصوصا هذه القطعة المعنونة بـ”الشمس الطالعة” ومن أجل إعطاء إقتباسه معنى الإحالة والحفاظ على الرسالة داخل القطعة الغنائية وصف حينها الأم بشكل عام سواء والدة عمر السيد أو والدة العربي التي هي أمي حادة أو أم بوجميع أمي خديجة لكونهما ارتبطا ضمنيا بأغاني الظاهرة الغيوانية حين نقلت الموروث الشفهي اللامادي إلى معبر عنه بالأداء والصوت الفني قائلا:

وَا ارْڭـــــــــــــــــابْ آوَا
وارڭــب الــــلي غـــــــادي == عـيــــط الله تصيـــــب الله
ڭالــت ليكــم كلنــا ليكــــــم == ڭالت ليكم بنت الغيــــــوان
لله يـَــا تـْــلْ الـزَّعـْـتـَــــــــرْ == واش من والى يتوالـــــــى
غير ضربو ولا هربـــــــــو == اللي تهرس هـا لكــــرارس
اللي بغا الجنة يتدنــــــــــى == اللي بغا ولاده يَتْسَوْخـَــــــرْ
اللــي تعمــى يبقــى تمــــــا == علاش حرڭتو لمعيزيـــــــة
ڭـــــرڭــــر يــــا لحمــــــام == ونوح ف أيام النــــــــــــار
كــل قبيلــة شَــادَّا عْتْبـَـار

عامــك يــا عــام الجــــوع == راه قبيلة وزعوا جربـــوع
عامــك يــا ميـــريكـــــــان == كان موسم ولى ڭطـــــران

الضباب تعبير عن الغمة

تساءلت المجموعة في أغنية لها عن الحال من خلال استعمال التعابير التالية:

هل الحال يا أهل الحال==امتى يصفى الحال

تزول الغيوم على العربان وتفاجا الأهوال

لا تعدو الشمس في أغاني ناس الغيوان أن تكون سوى جسر عبور نحو التساؤل عن شيء ما، وهو الأمر الذي سنجده مجسذا حين يتعلق الأمر بأغنية “الشمس الطالعة” لكن المجموعة لم تقف عند هذا الحد بل تعدته إلى استحضار البرق و والظلام والليل والضباب في أغانيها لوصف الواقع

الاجتماعي الحالك والمظلم والذي تبدى ان المجموعة لمتجد إذاك تعبيرات أقرب لوصفه بشكل جيد سوى الظلام والليل والضاب وغيرهما كثير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *