وجهة نظر

“تعدد الاغتصاب والضحية هي!”

كثرت الأقاويل… والتأويلات… حول قضية الفتاة القاصر “خديجة” والتي تتضمن أن الوشم الذي يوجد على جسدها يعود لمدة طويلة، حوالي “سنة”، وأن الفتاة لربما رافقت أولئك الشباب بمحض إرادتها…!

حتى لو صحت هذه الأخبار…فالمنطق يقول أننا أمام فتاة قاصر، لا تتوفر فيها شروط التعاطي العقلاني مع الوضع الذي تصطدم به، وتفتقد للقدرة على المواجهة… هذا كمعطى أولي سيكولوجي؛

أما المعطى الثاني فهو سوسيولوجي ، ويتعلق بنوعية المحيط الأسري الذي تعيش فيه الفتاة، و النمط المعيشي، والتربية التي تتلقاها، و مستواها الدراسي، إلى غيرها من الأمور التي تساهم في بلورة شخصية الفرد سواء كانت امرأة أو رجل.

في اعتقادي، أن الذي يجب الاهتمام به أو استخلاصه من هاته القضية، حتى لو اختلفنا مع حيثياتها…هو أن العنف في المغرب يتجدر يوما بعد يوم، والانتهاكات التي تطال النساء في بلدنا بمختلف أعمارهن، وفئاتهن الاجتماعية تتكاثر يوما بعد يوم… والمدعي من ينكر أننا لا نعيش يوميا على وقع أخبار الاغتصاب هنا وهناك… والتي كانت لها إلى زمن قريب نهايات مأساوية…

فمن منا لا يتذكر قضية ” خديجة السويدي” التي انتحرت جراء الابتزازات المتتالية من مغتصبيها…، ومن منا لا يتذكر قضية ” أمينة الفيلالي” التي أجبرت على الزواج من مغتصبها قبل إلغاء الفصل 475، وبعدها انتحرت كذلك، بسبب قضائها مجبرة كزوجة ستة أشهر مع مغتصبها… إلخ.

نساء كثر في المغرب، يعشن وضعية هشة، يمكن أن تحولهن في أي لحظة إلى ضحايا… وكل هذا نتيجة غياب العدالة الاجتماعية، والفراغ القانوني الذي يولد عنه خلل تشريعي يشوبه الكثير من الغموض حيال تجريم الاغتصاب، والعنف ضد النساء، والذي يظهر من خلال الأحكام المتناقضة، والمخففة حينا حيال مرتكبي الجرم…!

مبدئيا،المرحلة تستوجب ملئ الفراغ القانوني الذي سيوفر آليات حمائية ووقائية للمرأة… وهذا لن يتأثى إلا بالتجاوب المطلق للدولة مع الاتفاقيات الدولية، و مجهودات المجتمع المدني في هذا الباب.

الدولة كمسؤول أول وأخير عن أمن وحماية المجتمع بمختلف أفراده… وهذا كله يجب أن يتم في إطار بناء الإنسان والنهوض بقيمته ، والاهتمام به وضمان كرامته وحريته…، دون توفر هذا… لن يكون مجديا لا القانون ولا غيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *