سياسة

العدل والإحسان: مشهد التعليم بئيس والمقررات تبث السموم

انتقدت جماعة العدل والإحسان بقوة واقع التعليم المغربي واصفة إياه بـ “البئيس” و”المزري” الذي أضحى أوضح وأفضح في أعين البسطاء من المغاربة، واعتبرت أن المقررات الدراسية تبث السموم في شرايين فلذات أكباد المغاربة.

وأشارت الجماعة في فقرة “ولنا كلمة” على موقعها الرسمي عبر مقال معنون بـ”أزمة التعليم المستفحلة ومسار الانحدار المقصود”، إلى إن واقع التعليم شهد تحولا من “قمة طموحات المغاربة في مدرسة راقية وتعليم ناجح بعد الاستقلال الصوري منتصف القرن الماضي، إلى دركات ما أوصلتهم إليه مخططات وسياسات المخزن وأعوانه وأعيانه الذين صنعهم على عينه وأرضعهم من أثدائه وأغناهم من ثروات البلد ونحن في نهاية الخمس الأول من القرن الحادي والعشرين”.

ووصفت المشهد التعليمي بـ “البئيس المزري أضحى أوضح وأفضح حتى في أعين أبسط بسطاء المغاربة، بل صار مادة للون جديد من الكوميديا السوداء في حديث الناس على الموائد وفي الأسواق ووسائل النقل الجماعية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي”.

وهاجمت جماعة الراحل عبد السلام ياسين عبر موقعها الرسمي المقررات التعليمية وما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي من “مهازل صور ونصوص وعبارات تبث سمومها في شرايين فلذات أكبادنا لتفعل في هويتهم وعقولهم وأرواحهم ونفوسهم فعل السم الذي يقتل ضحيته قتلا بطيئا ينتهي به إلى الانسلاخ من أركان انتمائه ومن معنى وجوده ومن مقومات هويته بقطعه عن جذور لغته وهي أداة الفكر ووعاء الدين”.

كما اعتبرت أن رجال ونساء التعليم يعشون ازدراء متصاعدا من خلال “خطط الإصلاح”، التي “أفضت بهم إلى أن يصبحوا مجرد متعاقدين مع الدولة تحت طائلة الاستغناء عنهم في أية لحظة”، مشددة على أن هذه خطط التعليم “العمياء العرجاء المتخبطة بهم خبط عشواء”، لم تنصف رجال التعليم ونساءه وذلك في ظل “نظام فاسد مستبد لا يضع يده على مجال حي كالتعليم إلا تسرب منها إليه الفشل الذريع ولا ينزع منه يده ويتهرب من تحمل مسؤوليته فيه كما تتحملها الدول التي تحترم شعوبها إلا كان مصيرَه القهر المريع والموت السريع”، على حد تعبير المصدر المذكور.

وأوضحت الجماعة أن سلسلة من الحلقات والدرجات هوت بالمغرب وأبنائه إلى ذيل لائحة الدول في سلم جودة التعليم بين مدارس العالم، حيث يغرق في أوحال الرتبة 101 عالميا، وحيث تغيب الجامعة المغربية عن ترتيب أفضل 500 و1000 جامعة عبر العالم، إذ لم يذكر اسم جامعة واحدة ولو في ذيل التصنيف الذي اعتمدته مؤخرا مؤسسة “شنغاي” الصينية.

وتابعت في المقال ذاته “ولا نحتاج إلى استنطاق مزيد من إحصاءات المعاهد والمؤسسات الدولية التي تصنف الدول من حيث مستوى التعليم فيها، ولا إلى الاستشهاد بتحليلات المختصين في المجال، فالمشهد البئيس لمدرستنا وهي المشتل المفترض الأول لبذور التقدم والتنمية، ولبرامج تعليمنا وهي خارطة الانعتاق والازدهار، ولتلامذتنا وهم أمل المستقبل وبُناته، ولمعلمينا وأساتذتنا، رجالا ونساء، الذين يعانون من قسوة الشروط التي يشتغلون في ظلها ماديا ومعنويا، وهم ملح الأرض وطليعة النهضة وقادة الوطن الحقيقيون”.

وأشارت العدل والإحسان إلى أن مطلع العام الدراسي الجديد تزامن مع اعتصام خاضته التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، من أجل المطالبة بإسقاطه وإدماجهم في الوظيفة العمومية، كما تزامن مع استمرار “كارثة الأساتذة المرسبين الذين خذلتهم دولة لا عهد لها”.

وخلصت الجماعة أن المغرب يعيش مشهدا جديدا من مشاهد ضرب التعليم في صميمه، بل يعيش تشييع البلد إلى مثواه الأخير، وقالت “ونعاين بحرقة وألم هذا التردي المقصود الذي يعصف بآمال الآباء والأجداد الذين كافحوا وجاهدوا من أجل انعتاق البلاد من ربقة الجهل والأمية والاحتلال الاقتصادي والفكري ومن قيود الفساد والاستبداد”.

وأردفت “ونعيش ضمن ما نعيشه، مشاهد الإشكالات الكبرى للتعليم إذ عجزت الدولة عن ضمان جودة التعليم، وعن الحد من النسبة الكارثية للهدر المدرسي، حيث تشير الأرقام إلى أن 6 ملايين شاب مغربي ما بين 15 و25 سنة لا يدرسون ولا يشتغلون، وعن ربط التعليم بالشغل مما تصاعدت معه نسبة البطالة في صفوف حاملي الشهادات”.

وتأسفت الجماعة على “تدمير وطن وشعب فيه من مقومات الوجود وعمق التاريخ وأصالة الرجال والنساء وحيوية الشباب وتَوَقُّدِ الروح وانفتاح العقل ورحابة الرؤية ورصيد الثروات المادية والمعنوية ما لا يَبُزُّهُ فيها أحد، فالممسكون بالزمام يأبون إلا أن يضربوا بأيد من حديد كل مجال تتسرب منه إلى الشعب الحياة، فيؤجلوا في كل منعطف تاريخي أحلامنا ويعلقوا في كل فرصة سانحة للاستدراك آمالنا وطموحاتنا في وطن يشق طريقه بنفسه ويصنع مصيره بإرادته ويرسم مستقبله بيده حرا لا يسترقه المستعبِدون ولا يقهره المستبدون”، على حد تعبيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *