وجهة نظر

“سنترال دانون” واستراتيجية الاتصال خلال الأزمة

مجموعة دانون الفرنسية المالكة لشركة سنترال دانون المغرب، عاشت أزمات متعددة في دول عديدة، امتد صداها الى الاعلام، قبل أن يعيش فرعها بالمغرب أزمة ” المقاطعة”. وقد يحيل هذا الوضع على أنها ذات تجربة في إدارة الأزمات غير اختلاف خصوصيات كل منطقة قد يعقد الأمور نوعا ما وهو ما حدث في المغرب.

فالأزمات التي عاشتها مجموعة دانون في دول أجنبية تختلف عن الأزمة التي يعيشها فرعها في المغرب، لأسباب ذاتية وموضوعية.

الأزمات التي تجاوزتها مجموعة دانون في دول اجنبية ارتبطت بإشكال محدد، وتنتهي الأزمة بانتهاء وجود هذا الأشكال ( الاشهار الكاذب في بعض الحالات).

في حالة المغرب، تختلف الأزمة عن باقي الأزمات التي عاشتها المجموعة، على اعتبار أن أزمة “المقاطعة” انطلقت في البداية على أساس السعر والقدرة الشرائية، قبل أن يشتعل فتيل المقاطعة جراء سلوكات وتصريحات زادت من حنق المقاطعين، وألحقت ضررا بصورة الشركة وأثرت على منتوجها الأساسي (الحليب).

خلال كل أزمة وإدارتها، يكون من ورائه مجهود كبير، سواء على مستوى استراتيجية الاتصال الداخلي أو الخارجي.

فالمجهود الاتصالي المبذول على مستوى الاستراتيجية الاتصالية الداخلية، لا يتم إبرازه في كثير من الأحيان، رغم أن هذه الاخيرة أساس من أسس نجاح الاستراتيجية الاتصالية الخارجية التي تبقى الواجهة الظاهرة لإدارة الأزمة.

ومن المعلوم أن جل المؤسسات، وخاصة الشركات متعددة الجنسيات، تتوفر على فرق وأقسام متخصصة في إدارة الأزمات، وهو ما يعرف لدى الكثيرين بخلايا الأزمة، ويختلف هذا الامر من مؤسسة إلى أخرى. في بعض المؤسسات تكون فرق وأقسام هذه الخلايا في حالة انعقاد واتصال دائم، وذلك بالنظر إلى أهمية إدارة الأزمات بل إن هذه الفرق والاقسام تتعدى وظيفتها مجرد إدارة الأزمة ومواكبة تطوراتها إلى العمل على توقع الأزمة قبل حدوثها واقتراح السيناريوهات والاحتمالات الممكنة لمواجهتها وتقليص تأثيراتها.

في المقابل تبقى هذه الفرق والاقسام معطلة لدى بعض المؤسسات والشركات إلى حين بداية الأزمة وهو توجه غير سليم بناء على النظريات القائمة في مجال إدارة الأزمات. ومن الطبيعي، انطلاقا من هذه النظريات، أن تكون خلايا الأزمة، على يقظة تامة. وذلك باعتبار اليقظة تضمن حيزا كبيرا من المناورة في إدارة الأزمة وتضمن للمؤسسة أو الشركة، إمكانية التجاوز بأقل الخسائر، لكون الحس الاستباقي لهذه الخلايا يمكن من التنبؤ بالأزمة قبل حدوثها وبالتالي يتيح إمكانية الإعداد الجيد للمواجهة ووضع الفرضيات والاحتمالات والتوجهات والتأثيرات الممكنة.

في حالة سنترال دانون بالمغرب، ودون جزم، فإن الحس الاستباقي لحدوث الأزمة يظهر غائبا، إذ أنه منذ البدايات الأولى للدعوة إلى المقاطعة على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يكن التنبؤ بأفق المقاطعة في محله، ورافق ذلك خرجات إتصالية في وسائل الاعلام بشكل غير موفق. زيادة على ذلك ساهمت عوامل أخرى خارجية في زيادة حدة الأزمة ( التدخل الحكومي في الموضوع، الربط بين السياسي والاقتصادي). كما أن تأخر الشركة في الحد من أثر تصريحات إعلامية لمسؤول لها زاد من فتيلها في مرحلة من المراحل.

وحتى إن كانت العوامل الخارجية التي تمت الإشارة إليها قد كرست الأزمة بشكل أو باخر، فإن تأخر الشركة في التعامل مع الوضع حينها وبشكل سريع، فتح الباب أمام انتشار الكثير من الإشاعات مست العلامة ومنتجاتها وخاصة الحليب.

وأمام عدم الفهم، الذي صاحب الأسباب الحقيقية لحملة المقاطعة، والذي لا يزال قائما الى الان باعتراف مدير الشركة بالمغرب، فإنها حاولت تدارك الوضع، وأطلقت استراتجية اتصالية على مراحل.

السمة الاساسية التي ميزت الاستراتيجية الاتصالية لشركة سنترال دانون، هي ” الاعتراف”، وهي اعتراف الشركة بالأزمة وتأثيرها، وأتبعته بإعلان رئيسها احترام إرادة وموقف المستهلك مهما كان نوعه.

“الاعتراف” توجه من توجهات استراتيجية إدارة الأزمات، وتحدد النظريات القائمة ثلاثة توجهات أساسية وهي:

التوجه الأول: التجاهل /الصمت

التوجه الثاني: الاعتراف ( الاعتراف بالأزمة)

التوجه الثالث: التوجيه (توجيه الأزمة وفتح جبهات أخرى).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *