مجتمع

زوارق “الفانطوم” تحشد العشرات بشواطئ الشمال أملا في “الهجرة” لإسبانيا (فيديو)

لا زالت تطورات ملف الهجرة السرية من شواطئ المغرب تثير الكثير من الجدل خلال الأسابيع الجارية، فبعد ارتفاع عدد المهاجرين عبر “قوارب الموت” في اتجاه السواحل الإسبانية، طفت على السطح ظاهرة جديدة تتمثل في احتشاد العشرات من المراهقين والأطفال والشباب في شواطئ الشمال انتظارا لزوارق سريعة من إسبانيا تقلهم إلى الضفة الأخرى.

“الفانطوم”

وبث نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مقاطع فيديو عبر خاصية “البث المباشر”، تظهر تجمع العشرات من الشباب والأطفال من ضمنم فتيات بشاطئ الفنيدق، منتظرين وصول إحدى الزوارق النفاثة المعروفة محليا باسم “الفانطوم”، وذلك قرب ميناء الصيد البحري التقليدي بالمدينة.

كما كشف مصدر من مدينة وادلاو بإقليم تطوان لجريدة “العمق”، أن العشرات من شباب المنطقة تجمعوا بشاطئ الجماعة، صباح اليوم الخميس، في انتظار وصول زوارق “الفانطوم”، تزامنا مع نشر إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، تخبر بتوجه هذه الزوارق نحو شواطئ الشمال خلال الأيام الجارية لنقل “الحراكة”.

وأوضح عدد من الشباب الراغبين في الهجرة، أنهم عاينوا زورق “الفانطوم” وهو يحاول الوصول إلى سواحل الفنيدق من أجل نقل المحتشدين بالشاطئ إلى إسبانيا بـ”المجان”، مشيرين إلى أن قوات الدرك البحرية تصدت له وهو ما دفعه إلى العودة لعرض البحر في انتظار قيامه بمحاولة أخرى للوصول إلى الفنيدق، في حين قال آخرون إن “ما شاهدوه ليست إلا زوارق الدرك ولا وجود للفانطوم”، معتبرين أن “حماسة الهجرة دفعتهم لتصديق كل شيء”.

يأتي ذلك بعد انتشار مقاطع فيديو، قال أصحابها إنها توثق لحظة وصول زوارق “الفانطوم” مؤخرا إلى شواطئ بليونش والدالية بالقصر الصغير وقانقوش بطنجة، ونقلها لعدد من الشباب المتواجدين بعين المكان دون سابق إنذار وبشكل مجاني إلى سواحل إسبانيا، ودون معرفة أصحاب تلك الزوارق، فيما لم تتأكد “العمق” من صحة تلك المقاطع ولا تاريخها.

“وطن لا يرحم”

المحتشدون بشاطئ الفنيدق عبروا عن غضبهم من عدم سماح البحرية المغربية لـ”الفالطوم” بالوصول إلى سواحل المدينة الشمالية، رافعين شعارات عشوائية من قبيل: “الشعب يريد.. الهجرة لإسبانيا”، مؤكدين أن المركب الذي يظهر بعرض البحر هو زورق إسباني سريع يتحين الفرصة لتحقيق حلمهم في الوصول إلى أوروبا، حسب رأيهم.

وفي كلمات لهم، عبر الشباب الراغبون في “الحريك” عن غضبهم وسخطهم من الأوضاع المعيشية بالمغرب، مشيرين إلى أنهم لم يكونوا ليقدموا على هذه الخطوة لو وجدوا عملا كريما يوفر لهم راتبا قارا، لافتين إلى أن وصول زملائهم إلى إسبانيا وإيجادهم فرص عمل بسرعة، شجعهم بقوة لخوض هذه المغامرة الغير محسوبة العواقب.

أحد الشباب المتواجدين بشاطئ الفنيدق، قال في شريط فيديو مباشر على فيسبوك: “كنت أتعاطى الحشيش ودخلت بسببه السجن، ولما خرجت حاولت بيع ملابس نسائية في الشوارع، لكن السلطات والقوات المساعدة طردوني والمقدم وصف سلعتي التي اشتريتها بـ7000 درهم بأنها أزبال، وهي الطريقة الوحيدة التي أكسب منها المال لشراء الدواء اللازم لعلاجي”.

وأضافت إحدى الفتيات في نفس الشريط، قائلة: “المغرب ما فيه والو غير الحكرة والقهر والظلم، إذا طلعت لإسبانيا ماغنرجاعشي، حيت فإسبانيا كلشي موجود”، بينما كشف آخر أنه حاول الهجرة مرارا تحت شاحنات كبيرة وعبر قوارب دون جدوى، مردفا بالقول: و”الآن نريد أن نجرب حظنا، إما العيش بكرامة أو الموت”.

وفي نفس الصدد، صرح شاب من ساكنة الفنيدق (27 سنة)، أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي بالمدينة هو الذي دفعه لمحاولة الهجرة السرية، مشيرا إلى أن مدينته لا تتوفر على مصانع ولا معامل يمكن الاشتغال فيها، مضيفا: “لو كنت أجني 50 درهما من العمل في اليوم لم أكن لأفكر في الهجرة، لكن لم يسبق أن سألني مسؤول عن أوضاعي، وحين أقوم ببيع شيء ما في الشوارع يأتون لمنعي، نطالب بفتح شيء ما لنشتغل فيه، الأمر لا يُحتمل”.

“هيستيريا الهجرة”

مشاهد نقل شبان مغاربة عبر “مراكب الموت”، خلقت حالة “هيستيريا جماعية” في صفوف الراغبين في الهجرة السرية من مختلف مناطق المملكة، معتبرين أن هذه فرصتهم لتحقيق أمل “نزوح جماعي” نحو أوروبا، حتى قبل التأكد من صحة تلك المشاهد، وذلك بالموازاة مع أشرطة فيديو أخرى توثق هجرة شباب مغاربة عبر قوارب خشبية مزودة بمحركات، ودراجات نارية بحرية، انتشرت على نطاق واسع على مواقع التواصل.

كما دخلت الصحافة الإسبانية على خط الظاهرة، حيث تداولت منابر إعلامية إسبانية، خاصة في إقليم الأندلس وسبتة ومليلية المحتلتين، مقاطع فيديو لهجرة شباب مغاربة عبر “مراكب الموت”، مع أخبار تشير إلى ارتفاع المهاجرين السريين المغاربة خلال الأسابيع الجارية، وكذا قضية الهجرة بزوارق “الفانطوم”.

وكانت وزارة الداخلية قد كشفت أنها ستفتح تحقيقا لمعرفة الجهات التي تقف وراء نشر إعلانات عن تنظيم عمليات للهجرة السرية انطلاقا من بعض الشواطئ شمال المملكة، حيث أوضح مصدر مسؤول من الوزارة أن الداخلية تسعى إلى تحديد هويات مروجي هذه النداءات التي “تقوم بالتحريض على ارتكاب أفعال تقع تحت طائلة القانون”، ومتابعة كل من ثبت تورطه في الموضوع”، محذرا من “الخلفيات المغرضة لهذه النداءات ومن الأهداف الملتبسة والدنيئة للجهات الواقفة وراءها، والتي تهدف أساسا إلى تغليط الرأي العام”.

الجدل الذي أثارته ظاهرة الهجرة السرية هذه الأيام، دفع الكثيرين إلى تداول منشورات طريفة في الموضوع على مواقع التواصل الاجتماعي، من قبيل صورة لشبان لحظة ركوبهم قاربا للهجرة السرية مرفوقة بتعليق “محطات طاكسيات من المغرب إلى إسبانيا”، وأخرى لمبنى خشبي داخل البحر كُتب عليه “مكتب الهجرة المكلف بشؤون الحراكة”.

الحكومة تسجل “تراجعا”

وفي موضوع متصل، قال الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، إن نسبة المغاربة ضمن المرشحين للهجرة غير الشرعية تراجعت إلى 13 في المائة نهاية غشت 2018، بعد أن بلغت 20 بالمائة في الفترة ذاتها من 2017.

وأوضح الوزير، في لقاء صحفي أعقب اجتماع المجلس الحكومي، اليوم الخميس بالرباط، أن عدد هؤلاء المغاربة من مجموع المهاجرين السريين، الذين جرى إحباط عملياتهم، بلغ 7100 شخصا إلى غاية نهاية غشت 2018، وذلك مقابل 8200 شخصا في متم غشت من السنة الماضية.

وأشار إلى أن مجموع عدد محاولات الهجرة السرية التي جرى إحباطها إلى غاية نهاية غشت 2017 بلغ 39 ألف حالة، مقابل 54 ألف حالة إلى غاية نهاية غشت من السنة الجارية، لافتا إلى أن ذلك “يدل على حجم المجهود الذي تبذلته السلطات العمومية من أجل مواجهة شبكات الهجرة غير الشرعية”.

وسجل المتحدث ارتفاع نشاط شبكات الهجرة السرية هذه السنة مقارنة مع 2017، مع تم تسجيل تراجع في نسبة المغاربة ضمن هذه الحالات التي جرى إحباطها، مردفا بالقول: “نحن معنيون كبلد أن نشتغل ونضاعف المجهود لمواجهة شبكات الهجرة السرية التي طورت من أساليبها وآليات اشتغالها”، مشددا على أن “القانون واضح في هذا المجال والمجهود الذي بذلته بلادنا مقدر وموضوع إشادة عالميا”.

ولفت في هذا الصدد إلى أن مقاطع الفيديو والصور المتداولة والمتعلقة بالهجرة غير الشرعية تكون موضوع بحث من قبل المصالح الأمنية المختصة، مشيرا إلى أن هناك تعبئة لمصالح الإدارة الترابية والقطاعات المعنية للتصدي لشبكات الهجرة السرية، مضيفا بالقول: “نحن معنيون بمواصلة المجهود المرتبط بمعالجة الأسباب والإشكاليات التي تغذي الهجرة غير الشرعية وتنتجها، وهذه مسؤوليتنا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *