منتدى العمق

ميزانية الجماعات الترابية بين الترشيد والتبذير.. إقليم زاكورة أنموذجا

لم أشأ الحديث عن المواضيع التقنية ذات الأبعاد السياسية، إلا عند المناسبة .. وكما يقال “المناسبة شرطٌ”، والمناسبة هنا هي دورات الجماعات الترابية، وأريد التطرق إلى أنموذج ظاهر للعيان .. إنها مجموعة من الجماعات الترابية بإقليم زاكورة من بينها المجلس الاقليمي لزاكورة الذي يُعتبر أعلى هيئة منتخبة في تراب الاقليم (انتخابات غير مباشرة)، فقد صادق هذا الأخير على ميزانية ضخمة حولي (3 مليار و500 مليون درهم)، لو وُجّهت لإشكالية الماء بالإقليم لَكَفَتْهُ (سآتي على التفاصيل).

إن المتتبع للشأن السياسي بإقليم زاكورة (تدبير الجماعات الترابية) ليخلص إلى أن دورات ميزانيات 2019 همت بَعضها هُموم المواطن وخدمات القرب من مثل النظافة والإنارة العمومية وتقديم خدمات إدارية في المستوى الذي يليق بالمواطن، إضافة إلى بعض الخدمات الاجتماعية كمنحة تنقل الطلبة بجماعة زاكورة التي وصلت إلى ما يزيد عن 40 مليون ودعم الجمعيات الرياضية بحوالي 40 مليون كذلك، إلى غير ذلك من الخدمات ..، كما هَمّ المجلس الاقليمي على تقسيم ميزانيته بين المأكل والمشرب من جهة، والمبيت والندوات من جهة أخرى (150 مليون إطعام)، الناظر لهذا المبلغ يعتقد أن المجلس الاقليمي يوزع قفة لكل مواطن بإقليم زاكورة كل صبيحة يوم أحد !! ، وجب أن يتوقف المتتبع للشأن السياسي بإقليم زاكورة على هذا المعطى الخطير .. !! في اللحظة التي يجب أن يمارس المجلس اختصاصاته الذاتية كما هوا مبين في القانون التنظيمي 112-14 من:

• توفير التجهيزات والخدمات الأساسية خاصة في الوسط القروي؛
• توفير الخدمات وإنجاز المشاريع أو الأنشطة التي تتعلق أساسا بالتنمية الاجتماعية بالوسط القروي؛
• محاربة الإقصاء والهشاشة في مختلف القطاعات الاجتماعية؛
• النقل المدرسي في المجال القروي؛
• إنجاز و صيانة المسالك القروية؛
• وضع وتنفيذ برامج للحد من الفقر والهشاشة؛
• تشخيص الحاجيات في المجالات الصحة والسكن والتعليم والوقاية وحفاظ الصحة؛
• تشخيص الحاجيات في مجال الثقافة والرياضة…

نجده منكبا على دعم تنظيم مهرجانات بمئات الملايين من ميزانية الاقليم، لا هي سَوّقت ثقافةً ولا أنتجتْ فكراً، ولا حتى حلت مشكلةً ..فلا أدري ما جدوى 100 مليون من البنزين في ظل أسطول (على قْدْ الحال !)، ولا أدري لما 8 مليون لتسديد فواتر الكهرباء في ظل إدارة بدون بنايات !!لكن ما استوقفني حقيقة هي ميزانية الأعوان العرضيين (الكارطا) التي وصلت في ميزانية 2019 إلى 60 مليون الشيء الذي يدعوا للاستغراب .. !! ما هي مهام العرضين في إدارة ترابية تعمل ب 17 عضو فقط وبموظفين كثر ؟؟ إذا تحدثنا عن النظافة والتشجير والمجال الأخضر فهو من اختصاص الجماعات الترابية التي تضم مجال جغرافي معين من مثل (ترناتة، تمكروت، أكدز …).

لكن من يستفيد من (الكارطا) في المجلس الاقليمي، أَهُمْ من يشتغلون بالاعلام المُسوِّق والمُطًبّل لعمل المجلس !! أم آخرون ..؟وبهذه المناسبة فأنا أتحدى رئيسه أن يعلن عن لائحة الأعوان العرضيين.. كي أكون منصفا فالمجلس الاقليمي هاهنا قد حرص على ضخ ميزانية 50 مليون للتنمية القروية “من أجل صيانة المسالك في العالم القروي” !! وهذا عمق الاختصاص، أليس من العيب والعار أن تكون ميزانية أبرز مشاكل العالم القروي (المسالك الطرقية) تعادل ثلث 3/1 ميزانية المأكل والمشرب والمبيت في الفنادق !! ألا تَنْدُبُ حينما تطلع على مجلس يختص في محاربة الفقر والهشاشة وتجد معضلة الصحة بالاقليم تنضاف إليها معضلة أخرى هي تحديد 37 مليون فقط للتنمية الصحية بالاقليم الذي شهرته معضلة قطاع الصحة من (داء الليشمانيا والبنية التحتية المهترئة ووو…)!!، وااا أسفاه على مجلس جعل ميزانية التنمية الصحية ثلث كازوال سيارة الرئيس !!.

“عن المَطَبّاَتِ فحَدّثْ ولا حَرَج .. وعَن الانْجَازات فَاِبْكِ ولا تَكْتَرِثْ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *