مجتمع

“مزبلة مديونة”.. قنبلة موقوتة تهدد البيضاويين وملاذ مفضل للمجرمين

أضحت “مزبلة مديونة” قنبلة موقوتة حقيقية تهدد حياة البيضاويين، أمام عجز مجلس المدينة عن إعدام هذه المزبلة منذ سنوات مضت، وذلك بالرغم من البحث المتكرر عن شركات جديدة تتكلف بالتدبير المفوض لهذه “الكارثة” البيئية.

“بعبع” يقض مضجع البيضاويين

ملايين الأطنان من النفايات التي تلقى في المزبلة بالرغم من وصولها إلى حالة الإمتلاء الكلي، باتت تهدد حياة ساكنة مديونة والمناطق المجاورة لها، لتصبح الساكنة مضطرة لاستنشاق ثنائي أكسيد الكاربون بدل الأكسجين بشكل يومي.
https://al3omk.com/wp-content/uploads/2018/10/bA0z6014f2511bbb6015505f8d64601814bf122560182ef9326f3.jpg
وفي هذا السياق، قال أحد المتضررين في تصريح لجريدة “العمق”، أنه لم يعد يقوى على مغادرة منزله بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من المزبلة صباح كل يوم، والتي تتسبب في اختناق أطفاله الثلاث، بالرغم من إغلاق نوافذ المنزل.

وأضاف المتحدث ذاته، أنه حاول بشتى الطرق رفقة جيرانه التواصل مع الجهات المعنية، من أجل التوصل إلى حل ينقذ حياة الساكنة قبل فوات الآوان، لكن بدون جدوى مشيرا إلى أنه أصبح مضطرا لوضع كمامات على أنفه تفاديا لإستنشاق تلك الروائح الكريهة.

من جهتها، أعربت صفحات مواقع التواصل الإجتماعي على رأسها “كازا الحضارة”، عن سخطها الشديد اتجاه تماطل المسؤولين في إيجاد حل فوري لهذا المشكل البيئي، وذلك عبر نشرها لمقطع فيديو على الصفحة، لخص المعاناة اليومية للبيضاويون أمام عجز الجهات المعنية رغم إحاطتها التامة بالأضرار التي تطال الساكنة بشكل يومي بسبب هذه المزبلة.

نقطة أمنية سوداء ووكر للجريمة

وكشف مصدر أمني في تصريح لجريدة “العمق”، أن الطريق الرابطة بين “مديونة ” و”الدورة”، تعتبر وجهة لبعض المجرمين، الذين يقدمون على اعتراض سبيل المارة وسرقتهم عبر تهديدهم بواسطة السلاح الأبيض.

وأضاف المتحدث ذاته، أن “مزبلة مديونة ” شهدت مرات عديدة نشوب شجارات حادة بين المنقبين عن القنينات البلاستيكية وعن النحاس، استعملت فيها السواطير والسكاكين، وأدوات النبش.

وتابع المصدر الأمني، أن أرباب الشاحنات يستغلون بعد المنطقة وغياب السلطات، لنقل الركاب بشكل سري، بالإضافة إلى تهريب بعض الممنوعات أحيانا.

حياة الساكنة في خطر

وحذر الدكتور عبد العزيز عيشان، أخصائي في أمراض الجهاز التنفسي وأمراض الحساسية، من المخاطر الصحية الكبيرة التي تهدد صحة المواطنين جراء الروائح الكريهة المنبعثة من مزبلة مديونة، وقال في تصريح لجريدة “العمق”، إن هذه الروائح الكريهة تتسبب في اختناق ساكنة مديونة، خاصة بصفوف الأفراد الذين يعانون من أمراض مزمنة كضيق التنفس، أو التهاب القصبات الهوائية، مايؤدي إلى إصابتهم بنوبة على مستوى التنفس.
https://al3omk.com/wp-content/uploads/2018/10/UQHjG.jpg
وأضاف المتحدث ذاته، أن استنشاق تلك الروائح بشكل يومي، يأثر على الجهاز التنفسي ويتسبب في إصابة الأطفال والرضاع والمسنين بتعفنات على مستوى القصبات الهوائية، وكذا إصابتهم بأمراض الحساسية، خاصة وأن انتشار ثنائي أكسيد الكربون بالهواء يؤدي إلى انعدام الأكسجين.

ووجه الدكتور عيشان رسالة إلى المسؤولين، من أجل التدخل بشكل استعجالي وجدي للحد من هذا الوضع الكارثي، الذي بات يهدد حياة المواطنين.

“جشع العقار” يرمي بالساكنة نحو المجهول

وأكد رئيس جمعية “ولاد المدينة” موسى سيراج الدين في تصريح لجريدة “العمق”، أن الدار البيضاء أصبحت مدينة الأزبال بامتياز، وأن مجلس المدينة اعتمد حلولا ترقيعية فقط لمعالجة هذا المشكل البيئي، من خلال وضعه لخطة استراتيجية، لم تفلح في تأمين شركات قادرة على الإلتزام بخدماتها، والتي من شأنها أن تضع حدا لهذا الكابوس البيئي.
https://al3omk.com/wp-content/uploads/2018/10/d7kK6014ad99786e6014ce63a15d60180013f39d6.jpg
وأضاف المتحدث ذاته، أن مجلس المدينة حافظ على نفس المسؤولين بشركات النظافة، واكتفى بتغيير إسم الشركة فقط، ما سيتسبب في العرقلة الدائمة لمشروع إنشاء مطرح جديد للمزبلة، والتي أصبحت على حد قوله، فضاء لتجميع المتلاشيات وإعادة تسويق بعض المنتوجات الغذائية التي تم التخلص منها بسبب إنتهاء صلاحيتها.

من جهة أخرى اعتبر رئيس الجمعية، على أن تنقيل ساكنة “المدينة القديمة” و ساكنة ” درب السلطان” وباقي الدواوير إلى ضواحي البيضاء بجانب مطرح النفايات، من أجل خلق مساحات للعقار، يعد خرقا لجميع اتفاقيات حقوق الإنسان.

مجلس المدينة يوضح

وكشف النائب الثالث لعمدة الدار البيضاء محمد حدادي في تصريح لجريدة ” العمق”، عن المذكرة الإستفسارية التي تقدم بها مجلس المدينة، بخصوص انبعاث روائح كريهة ودخان من المطرح العمومي لمديونة.

وبناء على ما جاء في المذكرة، فإن تسرب الروائح الكريهة إلى داخل مدينة الدار البيضاء، يرجع إلى عدة أسباب على رأسها، طرح النفايات على شكل أكوام بالمزبلة دون خضوعها لعمليات الضغط، وأيضا إيقاف تزويد المطرح بالأتربة الخاصة بتغطية النفايات إلى جانب مواد تقوية منصات التفريغ، وكذا الحرائق الناجمة عن التخمر الاهوائي للنفايات، بالإضافة إلى الظروف المناخية الخاصة التي نتجت عنها رياح قوية بالىونة الأخيرة والتي أدت إلى انتشار الروائح الكريهة بمديونة والضواحي.

وأضافت المذكرة، أنه سيتم بذل جهود كبيرة من قبل شركة SOS NDD لسد النقص في مواد التغطية والحد من المناطق غير المغطاة، بالإضافة إلى عزل المنطقة الشمالية من مرتفع النفايات، عبر إنجاز حاجز يحيط بكتلفة النفايات، للحد من تأثير الرياح السائدة على منحدر النفايات، والتي تساهم في انتشار الدخان والروائح على مسافات طويلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *