منتدى العمق

من يستهدف حقوق ومكتسبات الفوسفاطيين؟

الأكيد أن الأحداث المتسارعة داخل قطاع الفوسفاط والمنذرة بمستقبل حقوقي عاتم، يقابله في الجهة الأخرى تشرذم نقابي رهيب يتّسم بعلو الحسابات النقابية الضيقة على المصلحة العامة للفوسفاطيين.

فحين نتأمل جيدا في كلام رئيس الحكومة أول أمس، عندما برّر أزمة ملف الأساتذة المتعاقدين كونه لا يختلف عن الصفة المهنية للعنصر البشري داخل المجمع الفوسفاطي الذي يعمل غالبيته بالتعاقد غير المحدد إسوة بالأساتذة المتعاقدين… قبلها بأيام أعلن المجلس الأعلى للحسابات من خلال عرض له أمام مجلسي النواب والمستشارين، انسجاما مع الفصل 148 من الدستور، عن ضرورة تفويت المؤسسة الفوسفاطية لبعض قطاعاتها الإنتاجية إلى شركات خاصة، تكريسا لمنطق المناولة الذي أضحى في السنوات الأخيرة محط نقاش ساخن في أوساط الفوسفاطيين…

قبل هذا وذاك، ملف تفويت صحة الفوسفاطيين إلى صندوق قد أفلس وتم تغييره بصندوق سيبتدئ أيامه الأولى بمديونية جد مرتفعة، والفوسفاطيون كما هو الحال وكما هي العادة، هم حطب تدفئة إلى أن ينضج ما بداخل القدر…

دون أن نتحدث طبعا عن نص مشروع مسودة القانون الداخلي للمجمع الشريف للفوسفاط والذي يتضمن بنودا شائكة وفضفاضة كالتي جاءت بها المادة الرابعة بشأن الأجراء الخاضعين لعقود محددة الأجل وغير محددة الأجل CDD وCDI، والتي تثير أكثر من استفهام حول التأويل القانوني لهكذا مفاهيم.

أيضا تضمينه لأخطاء مهنية موجبة للطرد دون إشعار أو تعويض، من خلال المادة 30 من المسودة ذاتها، المتضمنة لعبارات فضفاضة من شأنها أخذ منحى تأويلي قد يكون محط انتقام أو تصفية حسابات…

لكل ذلك، فإن العامل الفوسفاطي أضحى الآن أكثر من أي وقت مضى، مهددا بشكل واضح لا يتسرب إليه الشك، في مصيره المهني، مما بات معه التحدي كبيرا في مواجهة هذا الاستهداف والزحف المكتسباتي الجارف عبر التسلح بالمعرفة ابتداء والمواكبة الدقيقة لمجريات الأحداث، مرورا بتقوية الصف العمالي من خلال إرادة وفكر وتهمّم بقضايانا المشتركة، بتأطير من مؤسسات نقابية تحترم نفسها وتُقدّر الدور الجوهري المنوط بها، أيضا بمواكبة إعلامية تستبق الأحداث لتطرح إزاءها السؤال تلو السؤال بكل حرية وجرأة ورؤية نقدية هادفة لا تعرف طريقا للمجاملة أو المحاباة.

حقا ما يجب أن يعلمه الفوسفاطيون هو أنهم جزء من هذه الشركة وليسوا دخلاء عنها بعقدة عمل أو ما شابه ذلك من مهمات مهنية محددة سلفا. أنتم الأصل لما تمثلونه من رقم أساسي في معادلة التحصيل الإنتاجي التي تقوم على أساسه المؤسسة بل الدولة كلها بتعبير أدق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *