منتدى العمق

59 عاما على فتح مسجد الملك بالحي المحمدي

يقول الله تعالى :﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) ﴾ (سورة النور)

بحلول ذكرى المولد النبوي لهذا العام عام 1440ه يكون قد مرت 59 سنة قمرية (57 سنة ميلادية) على افتتاح مسجد المملكة العربية السعودية المعروف بمسجد الملك بالحي المحمدي في وجه المصلين.

ففي ليلة المولد النبوي الكريم التي حلت يوم الأربعاء 11 ربيع الأول عام 1381ه الموافق 24 غشت 1961م تفضل الملك الراحل الحسن الثاني رحمة الله عليه بتدشين هذا المسجد و فتحه في وجه المصلين، و ذلك بعد وفاة والده جلالة المغفور له محمد الخامس الذي قام قبل عام من ذلك بوضع حجره الأساسي حيث كان يحمل اسمه : مسجد محمد الخامس و ذلك صباح يوم الأربعاء 3 صفر 1380ه الموافق 27 يوليوز 1960م، و هو اليوم نفسه الذي وضع فيه الحجر الأساسي لبناء مسجد باكستان بسيدي عثمان حيث يتمتع المسجدان بنفس الهندسة المعمارية من حيث شكل الصومعة و الأبواب و الجدران و الأعمدة و الأقواس و من حيث فناء المسجد الذي تتوسطه نافورة الوضوء.

و تخليدا لذكرى مؤتمر القمة الإسلامي الأول المنعقد بالرباط يوم 09 رجب 1389ه الموافق 22 شتنبر 1969 تفضل الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله فأطلق اسم مسجد المملكة العربية السعودية على هذا المسجد المبارك و ذلك تمتينا لروابط الأخوة الإسلامية.
و يعتبر هذا المسجد أول و أكبر المساجد بعمالة مقاطعة عين السبع الحي المحمدي , و يقع في مكان استراتيجي مهم وسط الحي المحمدي قرب ” كاريان سنطرال، البوسطة، الباطمات، القيسارية و سينما السعادة…” جعلت منه علامة بارزة لالتقاء المتواعدين و مجمعا لأبناء الحي و المتجاورين.

حيث يعتبر الحي المحمدي أحد أكبر و أعرق أحياء الدار البيضاء، و يفتخر أبناؤه أنهم كانوا من طليعة المقاومين الذين قدموا أرواحهم و أعمارهم دفاعا عن حرية هذا الوطن و استقلاله الذي حصل عليه رسميا سنة 1956م. و قد دفن الكثير من هؤلاء المقاومين بمقبرة الشهداء القريبة من هذا الحي.

و تجمع الروايات على أن اسم الحي المحمدي هو كناية على حي السلطان محمد الخامس الذي زار الحي مرارا، إلى درجة أن السلطات الإستعمارية كانت تلقبه بملك كاريان سنطرال، قبل أن يحمل اللقب بشكل رسمي مباشرة بعد الحصول على الاستقلال.

من أجل ذلك فقد عرف الحي المحمدي عناية فائقة من طرف الملك الحسن الثاني الذي أناب عنه ولي عهده آنذاك محمد السادس للحضور إلى المهرجان الشعبي المنظم يوم 11 يناير 1994م بالحي المحمدي بمناسبة الذكرى الخمسين لتقديم وثيقة المطالبة بالإستقلال، حيث تلى الرسالة الملكية الموجهة إلى المقاومين و أعضاء جيش التحرير، كما أشاح الستار عن اللوحة التذكارية التي تخلد لهذا الحدث العظيم و التي توجد بالقرب من ساحة هذا المسجد المتحدث عنه.

و بدوره اعتنى الملك محمد السادس بعد اعتلائه عرش أسلافه الميامين بهذا الحي التاريخي حيث قام بزيارات متعددة له قصد تدشين منشآت ثقافية،اجتماعية و رياضية، كما قام بأداء صلاة الجمعة بهذا المسجد الكبير.

من أجل ذلك فإن المجلس العلمي المحلي و مندوبية وزارة الأوقاف بالإقليم يعتبران هذا المسجد العظيم أحد الركائز الأساسية في تنزيل ورش إصلاح، هيكلة و تأهيل الحقل الديني حيث يوليانه اهتماما بالغا من حيث اختيار القيمين الدينيين من الأئمة و الخطباء و الوعاظ و متابعتهم أو من حيث تحديد برامج الدروس الأسبوعية و تنظيم الأنشطة الدينية المناسباتية و توفير التأطير الديني لكل فئات المجتمع.

كما يشهد هذا المسجد تنافسا شريفا بين المحسنين، حيث عرف مطلع هذه السنة 2018 ترميما و إصلاحا لكل جوانبه و مرافقه و تزيينا لجدرانه و سواريه بالخشب و لأرضيته يأفرشة جديدة جعلته في أبهى حلة و أضفت عليه جمالية تسر الناظرين.( انظر إلى الصور )
هذا و إن جميع المعنيين بهذا المسجد من مصلين و قيمين دينيين حريصون كل الحرص على المحافظة على نظافته و على توفير الأجواء المساعدة على إقام الصلاة و ذكر الله و التفقه في الدين في جو من السكينة و الطمأنينة.

جدير بالذكر أن هذا المسجد هو أول من بدأ تأطير الحجاج بتقديم دروس الحج التطبيقية إلى جانب الدروس النظرية و ذلك عن طريق توفير مجسمات لشعائر الحج كمجسم الكعبة و ما يلحق بها و مجسم أحواض رمي الجمرات الثلاث.

هذا و يتطلع رواد هذا المسجد إلى مزيد عناية به من حيث النظافة و الصيانة و دروس العلم ، و يطمحون إلى فتح الكتاب من جديد من أجل تحفيظ القرآن الكريم و تعليم علومه للناشئة.

و في الختام نسأل الله العلي القدير أن يجازي خير الجزاء كل من ساهم من الأحياء و الأموات من قريب أو بعيد، بقليل أو كثير في تشييد و بناء هذا الصرح العظيم و في ترميمه و إصلاحه و صيانته و في عمارته بالعلم و الذكر و الصلاة و تلاوة القرآن و أن يكتب كل ذلك في صحائف أعمالهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *