سياسة

بنشماش: اختصاصات مجالس الجهات فضفاضة .. والتداعيات سلبية

سجل رئيس مجلس المستشارين عبد الحكيم بن شماش، الأربعاء بالرباط، أن المجالس الجهوية تعاني من إشكالية الاختصاصات، مؤكدا أن كل الجهات تجمع على غياب الدقة في تحديد العديد من الاختصاصات المسندة للمجالس الجهوية، سواء تعلق الأمر بالاختصاصات الذاتية أو بالاختصاصات المشتركة أو المنقولة.

وأشار في كلمة له في افتتاح الملتقى البرلماني الثالث للجهات، الذي ينظمه المجلس بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى أن إشكالية الاختصاصات كانت له تداعيات سلبية عديدة بالنسبة لعمل المجالس الجهوية، برزت بشكل واضح في مسلسل إعداد برامج التنمية الجهوية الذي افتقد بدوره إلى الدقة والتركيز.

وأضاف أن الأمر برز أيضا في تحول الجهات إلى ممول وداعم لإنجاز مشاريع ترابية متوسطة وصغيرة تفتقد إلى الطابع الجهوي، وكذا في ظاهرة لجوء المجالس الجهوية، بشكل مفرط أحيانا، إلى توقيع اتفاقيات شراكة وتعاون مع أطراف عدة، الشيء الذي يطرح تساؤلات حول مدى قدرة المجالس الجهوية على تتبع تنفيذ وتقييم هذا الحجم الهائل من الاتفاقيات والتعاقدات.

وشدد رئيس الغرفة الثانية، على الأهمية البالغة التي يكتسيها تفعيل ورش اللاتمركز الإداري لدى المجالس الجهوية للدفع بالأمام بمسلسل الجهوية المتقدمة، مؤكدا أنه بات من اللازم على الدولة فتح ورش مراجعة القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، على ضوء الاستفادة من التجربة والممارسة الحالية، لاسيما في الجوانب المتعلقة بمسألة التحديد الدقيق للاختصاصات.

واعتبر أن المحاولات الجارية حاليا بين الدولة والجهات للاتفاق حول ميثاق مشترك يحدد بدقة مجالات تدخل المجالس الجهوية، يجب أن تبلغ مداها مهما كانت الصعوبات التي تكتنف هذه العملية، وذلك اعتبارا لأهميتها وطابعها المنهجي والتشاركي والتجريبي، بالنسبة لباقي الجماعات الترابية التي تعاني بدورها من إشكالية عدم دقة الاختصاصات المسندة لها.

وفي ما يتعلق بموضوع الحكامة الترابية والجهوية، فإن المعطيات تفيد، حسب بن شماش، أن اللجوء إلى آلية التعاقد في صيغتها الحالية على شكل اتفاقيات قطاعية وتعدد شراكات خارج إطار منهجي ومسطري محكم، يؤدي إلى تجزيئ تدخلات الدولة وتشتيت جهود وموارد الجهة، وبالتالي لا يسمح لهذه الاخيرة بأن تبرز كشريك متميز لدولة سهرت على تحقيق وحدة عمل مصالحها على المستوى المركزي والترابي.

أما في ما يخص موضوع هيكلة وتفعيل المجالس الجهوية للهيئات الاستشارية التي تنص على مشاركة المواطنين في تدبير الشأن العام المحلي، فإن المعطيات تفيد بأن بعض هذه الهيئات الاستشارية قد استطاعت أن ترقى إلى قوة اقتراحية وقدمت بالفعل تقارير موضوعاتية، بيد أن هذا لا ينبغي أن يحجب بعض الاكراهات التي تعترضها من قبيل عدم الإقبال على الانخراط في هاته الهيئات الاستشارية، وتسجيل الغياب المتكرر لعدد من أعضائها، الشيء الذي ينعكس سلبا على عملها.

وخلص بن شماش إلى أن ورش الجهوية المتقدمة يتطلب انخراط وتعبئة الجميع، مؤسسات وفعاليات مدنية وتنظيمات سياسية واجتماعية واقتصادية، وبروح عالية من المسؤولية، وتكثيف وتطوير الحوار والتشاور، من أجل العمل المشترك على دعم المشاورات التي تم إطلاقها حول ميثاق الاختصاصات، وإعداد إطار مرجعي للتعاقد بين الجهات والدولة بصفة خاصة (مقترح قانون)، والتسريع بإصدار النصوص التطبيقية اللازمة لتفعيل جميع مبادئ ومقتضيات ميثاق اللاتمركز الإداري، إضافة إلى تشجيع الدولة على نهج سياسة إرادية في مجال إعادة انتشار الموارد البشرية المتاحة لديها، وتعزيز مشاركة واستشارة الهيئات الاستشارية الجهوية في مختلف برامج ومشاريع الجهة وتتبعها.

واعتبر أنه يتعين على مجلس المستشارين، باعتباره رافعة مؤسساتية للجهوية المتقدمة، إحداث خلية تضم مستشارين من ذوي العضوية بالمجالس الجهوية وأطر وخبراء، يسند إليها ترجمة ما يمكن ترجمته من مخرجات لهذا الملتقى إلى مبادرات تشريعية؛ كما يتعين إحداث مرصد برلماني للجهوية المتقدمة يعهد إليه بتتبع ورصد مستويات التقدم المحرزة في شتى المجالات ذات الصلة، وإعداد تقارير دورية ترصيدا للترسانة الفكرية الداعمة للجهوية المتقدمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *