وجهة نظر

السياسة الأمنية بالمغرب في مواجهة الفكر المتطرف

استفاقت ساكنة منطقة إمليل الجبلية ؛ المتواجدة بإقليم الحوز نواحي مدينة مراكش يومه 18 فبراير على وقع جريمة قتل مروعة؛ راح ضحيتها سائحتان أجنبيتين، ونقلت مصادر إخبارية مغربية وأجنبية أن المعلومات المتوفرة لدى مكتب المركزي للأبحاث القضائية ترجح أن الأمر متعلق بفعل إرهابي، وبعد القبض على المشتبهين بهم الأربعتم تأكيد انتمائهم لجماعة متطرفة؛ وخصوصا بعد تداول تسجيل مصور على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر خلاله الموقوفون وهم يعلنون انتمائهم لما يسمى بتنظيم داعش، كما أوضحت التحريات أن هذا الشريط تم تسجيله قبل ارتكاب الفعل الإجرامي.

طرحت هذه الجريمة عدة تساؤلات ونقاشات هزت مواقع التواصل الاجتماعي، فقد كثر الحديث عن واقع السياسة الأمنية بالمغرب، وكيفية مواجهة الفكر المتطرف؛ ومن هنا يجب الإشارة إلى أن مواجهة الإرهاب والتطرف -على غرار الانفلات الأمني بشكل عام – لا يجب الاعتماد فيه على المقاربة الأمنية فقط، لأن إشراك الأسرة والمدرسة في عملية التوجيه أساسي لتخطي مثل هذه العقبات الفكرية التي ينتج عنها بروز لمنابع جديدة للتطرف بأشكال متعددة، لأنه الآن أصبح كالبضاعة المعروضة دون مقابل عبر الانترنيت؛ وكلما غفلت الأطراف عن دورها في تصويب السلوك، كلما زاد الخلط بين التدين والتطرف؛ وبين الارتباط بالأفكار والتعلق بالأشخاص لذواتهم.

مما يجدر الإشارة إليه في عملية التربية والتوجيه؛ أن ما يصدر من الأشخاص باختلاف توجهاتهم؛ ليس بالضرورة تطبيقا لتعاليم الدين ولا دينا في أصلا، قد يكونرأيا خاصا صبغ بصبغة الدين لكي يُفرض على فئة معينة، بحكم السلطة الدينية التي لم تتأتى لأحد، فتنسى مقاصد الدين فيفتي غير المفتي؛وتنزل أحكام باطلة لم يستند فيها إلالفهم خاص أو آراء فردية تحيل على الانحراف الأخلاقي، واضطرابات نفسية تترجم على شكل سلوكات سادية بدرجات مختلفة؛ لا تمت لالمنطق دينيولالمنطق الكوني بأي صلة.

ومن هنا نذكر أن مواجهة قضايا التطرف والإرهاب ليس سهلا مهما كانت القوة الأمنية للدولة، لأن الأمر يتطلب تكاتف الجهود ومساهمات مؤسسات التربية والتوجيه؛ وذلك بالتدريب على إعمال الفكر والعقل..نعم؛ العقل الذي كرم الله به الانسان واصطفاه عن جميع الكائنات، فقد جُعل في الإنسان لغاية؛ مجرد العلم بها مصلحة دينية والدنيوية، واغفالهاهو الأساس فيخلق صراعا داخليا يوحي للبعض أن هناك تضاربا بين مصالح الدين والدنيا؛ وأنه لا يمكن الجمع بينهما ولا يسعهم الا الاختيار، ومن هنا قد يجد الغافل التطرف خيارا متاحا، كما قال الأستاذ محمد أمليل أن دعاة التطرف لم يتركوا للأتباع من الدنيا إلا الموت؛ أو بمعنى آخر “القتل” فهم لا يفرقون في ذلك بين مسلم وغيره، لا يرون في الآخر إلا موافقا للفكر والتوجه يستحق الحياة ، والآخر المخالف لا يستحق الا التعذيب والقتل. اما الاصل هو حسم هذا الصراعبميزان العقلوالموافقة بين مصالح الدين، ومصالح الدنيا ما دامت صائبة،ومنه يتضح لنا ان كل تصادم بين دين الانسان ودنياه يلزمه اعادة النظر، فهو اما أغفل شيئا من الدين أو فقد توازن الدنيا بتجاوز حد المعقول،فالجمع في هذه الحالة أولى من الترجيح.

وفي الختام نذكر ان التطرف جريمة كيفما كان التعبير عنه، سواء تعلق بفكرة أو قول أو فعل، أو شخص أو توجه، فهو في حالة السلامة العقل؛ أزمة فكرية وسلوك ناتج عن التغابي الطوعي والحيود المقصود عن الدليل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *