وجهة نظر

العنف يولد التطرف

من الصعوبة بما كان أن تقضي حياتك برمتها حبيس حيز جغرافي ضيق لم تكتشف من خلاله سوى ما يبعد عن مكان سكناك ببضع كليومترات أو على ابعد تقدير ما سمحت لك به نافذة شاشتك الإلكترونية بمعرفته حسب اهتماماتك وتطلعاتك وشيء من فضولك، دون أن تسمح لك ظروفك بالابتعاد عن ثقافتك ولغتك والهواء المتنفس كل صباح ذو نفس الراءحة التي قد تكون مزعجة أن حملت معها جزءا من مخلفات الاستهلاك ـو التدوير أو ما شابه ذلك، دون أن تحظى بفرصة لحظور حفل لاحد الرحابنة أو الثلاثي جبران أو حتى لنعمان الحلو، دون أن يرمق بصرك إحدى المتاحف العالمية أو تكتشف أدغال افريقيا أو الامازون و التي قد تشاهدها بالإنابة عبر عدسة أحد مخرجي البرامج الوثائقية أن كنت من المحظوظين الذين يتوفرون على أجهزة متطورة تلتقط القنوات عبر الانترنيت بتقنية عالية والا فستكتفي بمشاهدة البرامج المستهلكة للقنوات الأرضية، ودون أن تسمع اذنك ضجيج أقوام أخرى لتستطيع تميز الفرق بينك وبينهم، ودون أن تطأ رجلك إحدى المنشآت الرياضية العالمية لتحطى بشرف حضور إحدى المقابلات المنظمة بكأس العالم لتكتشف متعة الفرجة الحقيقية من المعلب مباشرة ودون وسائط أو ترجمة أو تأويلات مشخصة و مسيسة بصوت احد المذيعين الرياضين الغير مستلطفة، وقبل ان تكتشف متعة اللقاء في حضرة الابداع الحقيقي بمختلف صوره سواء كان هندسة أو علوما أو فنونا تشكيلية أو حرفية أو بصرية.

والاهم من كل ذلك، قبل أن تعديك ثقافة اللطافة والادب والرقي والانسانية واحترام الاخر كما ثقافة القراءة والاطلاع… وبعد كل هذا الحرمان تتهم بالتخلف والسوقية والعنف والتطرف تم تلام على طوقك للحور العين… وكل ما يستوجب اللوم هو السياسة العرجاء المتبعة في محاربة التطرف، والتي بدورها تمارس عنفا لا يمكنه أن ينتج الا عنفا آخر…

تنقصنا التربية على الجمال ان بلغناها قضينا على التطرف بعفوية!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *