مجتمع

الأطباء يعلنون 2019 عام “الاحتجاج” .. ويحذرون من “السكتة القلبية”

أعلنت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، عن جعل 2019 سنة للاحتجاج عبر عدة خطوات ابتداءً من يناير الجاري، مقررة إطلاق المرحلة الخامسة من “المعركة النضالية” يوم فاتح مارس المقبل بمختلف مستشفيات المملكة، مهددة بتفعيل خطوة الهجرة الجماعية للأطباء وتقديم استقالات جماعية جديدة، مع مقاطعة 9 إجراءات طبية.

وأوضحت النقابة في بلاغ لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن تصعيد خطواتها الاحتجاجية جاء بعد أزيد من عام ونصف من الإضرابات والمسيرات وأشكال المقاطعة والاحتجاج، وذلك قصد “دق ناقوس الخطر لحالة الغليان والاكتئاب الوظيفي الجماعي التي يعيشها أطباء وجراحي الأسنان وصيادلة القطاع العام”.

النقابة الأكثر تمثيلية للأطباء القطاع العام على الصعيد الوطني، طالبت الحكومة بالتدخل “لإنقاذ قطاع الصحة من السكتة القلبية التي صارت أقرب من أي وقت مضى”، مشيرة إلى أن حكومة العثماني “لم تحرك ساكنا لاحتواء الوضع أو التدخل بما تقتضيه مسؤوليتها السياسية والوطنية والدستورية لإنقاذ القطاع”.

وكان أطباء المستشفيات العمومية قد ودَّعوا سنة 2018 بالاحتجاج، بعدما دخلوا في إضراب عن العمل لمدة 48 ساعة، دعت إليه النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام نهاية دجنبر المنصرم، وذلك بعد شهور من الاحتجاجات التي شملت إضرابات وطنية ومسيرات ووقفات وتقديم استقالات جماعية وأسابيع الغضب والحداد بارتداء الوزرة السوداء.

خطوات 2019

وقررت النقابة خوض 9 أشكال احتجاجية تصعيدية طيلة أربعة أشهر خلال السنة الجارية، تحت شعار: “إما أن نكون أو لا نكون”، بدءًا بوقفات احتجاجية جهوية بالوزرة السوداء خلال الشهر الجاري، وفرض الشروط العلمية للممارسة الطبية وشروط التعقيم داخل المؤسسات الصحية والمركبات الجراحية، مع استثناء الحالات المستعجلة فقط، ابتداء من يوم الاثنين 4 فبراير المقبل.

وأشار البلاغ إلى أن النقابة ستشرع فعليا في جمع لوائح الاستقالات الجماعية بكل الجهات تحت إشراف الكاتب الوطني، ووضعها جميعها بنفس اليوم خلال المرحلة الخامسة للمعركة النضالية في تاريخ موحد، مع مقاطعة التشريح الطبي وحملة الصحة المدرسية لـ”غياب الحد الأدنى للمعايير الطبية والإدارية”، والاستمرار في إضراب الأختام الطبية وحمل “الشارة 509”.

وتشمل المقاطعة، القوافل الطبية باستثناء مرحلي وحصري لبرنامج “رعاية”، وجميع الأعمال الإدارية غير الطبية والتقارير الدورية، وسجلات المرتفقين، والإحصائيات باستثناء الإخطار بالأمراض الإجبارية التصريح، والشواهد الإدارية باستثناء شواهد الولادة والوفاة، والاجتماعات الإدارية والتكوينية، إضافة إلى مقاطعة تغطية التظاهرات غير المعوض عنها.

وكشف المصدر ذاته، أن النقابة ستستمر في البحث الميداني حول رغبة الأطباء في الهجرة الجماعية، ثم الإعلان عن نتائج الدراسة، قبل انطلاق المرحلة الخامسة من “المعركة النضالية” بحمل شارة “مضرب 509” بأقسام المستعجلات بداية من يوم 4 مارس المقبل، وإعلان الحداد لأسبوعين بارتداء البذلة السوداء بداية من فاتح أبريل.

كما أعلنت نقابة أطباء القطاع العام عن خوض إضراب وطني لأسبوعين انطلاقا من 17 أبريل 2019، باستثناء أقسام الإنعاش والمستعجلات، تليها مسيرة احتجاجية وطنية يعلن عن تاريخها بعد التنسيق مع باقي شركاء القطاع الصحي، حسب البلاغ ذاته.

“مشاكل” القطاع

وبخصوص وضعية المنظومة الصحية بالمغرب، قالت النقابة إن الميزانية المخصصة للصحة تقلصت وأصبحت لا تتجاوز 6%، رغم أن المنظمة العالمية للصحة تعتبر أن ميزانية الصحة لا يجب أن تقل عن نسبة 10%، مشيرة إلى أن تنزيل نظام الراميد يعرف “تخبطا وصعوبات يجدها المرتفقون في الحصول على العلاج، مع الفشل في تمويل هذا النظام الذي يسير إلى الإفلاس”.

ونبهت النقابة إلى نذرة الأطباء والنقص الحاد في الموارد البشرية رغم ارتفاع الطلب على الخدمات الصحية العمومية، بالموازاة مع إغلاق العديد من المؤسسات الصحية و”حرمان” المواطنين من خدماتها، ينضاف إليها “نزيف الهجرة الاستقالات الذي ضرب في العمق المنظومة الصحية وعمق أزمة الخصاص في الموارد البشرية، وهي إحدى تجليات سياسة إهمال حقوق ومطالب العنصر البشري”.

وسجلت الهيئة النقابية “تردي البنية التحتية في العديد من المستشفيات والمؤسسات الصحية”، مشيرة إلى أنها “مباني قديمة متهالكة في كثير من الحالات”، كما رصدت نقصا في المعدات الطبية والبيوطبية، ما يؤثر على جودة الخدمات الصحية، إلى جانب مشاكل الصيانة والتعقيم التي تعرفها العديد من المؤسسات الصحية “في غياب أي إرادة لعلاج المشكل”.

كما أشار البلاغ إلى إشكالية المستعجلات والضغط على هاته الأقسام وعلى الموارد البشرية العاملة بها، واضطرار المرتفقين لشراء العديد من الأدوية والمستلزمات الطبية بهاته الأقسام، لافتة إلى أن نسبة إنفاق الأسر على الصحة تبقى مرتفعة “نظرا للفشل في تعميم التغطية الصحية وتعدد الأنظمة وغياب التكامل فيها بينها”، إضافة إلى “مشكل الحكامة ومحاربة الفساد، خصوصا في الصفقات العمومية”.

“صمت الحكومة”

النقابة المذكوة ترى أن السؤال العريض الذي تطرحه هذه الاحتجاجات، هو “ما سبب الصمت الحكومي؟”، مشيرة إلى أن “الجميع صار يدرك أن منظومتنا الصحية مريضة وتعاني منذ زمن طويل نتائج سياسات الحكومات المتعاقبة في مجال الصحة، والتي طبعها التخبط والارتجال والتدبير الآني، وطغت عليها دائما الحسابات السياسية الضيقة على حساب مصلحة القطاع الصحي والمواطن”.

واعتبرت أن قطاع الصحة “عانى بشكل مستمر من غياب رؤية إستراتيجية واضحة المعالم على المديين المتوسط والطويل، نظرا لافتقاره لسياسة صحية حقيقية فعالة ومندمجة تستجيب للحق المكفول دستوريا للمواطن المغربي في الصحة، مضيفة أن العرض الصحي “لا يستجيب لتطلعات المواطن ويعاني أعطابا واختلالات بنيوية عميقة ومزمنة”.

وشدد المصدر ذاته على أن “أي إصلاح للقطاع لا يضع تسوية وضعية الموارد البشرية كقاعدة صلبة له، سيكون مصيره الفشل، وبالتالي تضييع سنوات أخرى سيتحمل تداعياتها المواطن المغربي بحرمانه من حقه في عرض صحي جيد”، محملة “مسؤولية كل تصعيد إلى الحكومة المغربية”.

ودعت النقابة الحكومة إلى الاستجابة لملفها المطلبي بكامل نقاطه، وعلى رأسه تخويل الرقم الإستدلالي “509” كاملاً بتعويضاته لكل الدرجات بالفئة رقم 1 الخاصة بإطار الأطباء والصيادلة وجرّاحي الأسنان، واصفة إياه بأنه “مطلب أساسي لا تنازل عنه”، مع إحداث درجتين بعد درجة خارج الإطار، وتوفير الشروط العلمية بجميع المؤسسات الصحية لعلاج المواطن المغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *