سياسة

بنشماش يدعو لتخويل البرلمانات أدوارا ريادية في العدالة الانتقالية

دعا ئيس مجلس المستشارين، عبد الحكيم بن شماش، إلى تخويل البرلمانات الوطنية أدوارا ريادية في مجال تدعيم مبادرات ومسارات المصالحات، والحد من الأزمات الداخلية والنزاعات وفق مقاربة استباقية.

وأوضح أن البرلمان هو امتداد طبيعي ومؤسسي لساحات التداول الشعبي بشأن القضايا المؤرقة والمشاكل التي من شأنها استدامة التوترات والاحتقان الاجتماعي المهدد للسلم والاستقرار، وفق تعبيره.

جاء ذلك خلال مداخلته في ندوة دولية حول “تجارب المصالحة الوطنية”، نظمها مجلس المستشارين، بتنسيق مع رابطة مجالس الشيـوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، وبشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اليوم الخميس 17 يناير 2019.

وقال بن شماش “إنه إضافة إلى الأدوار الحاسمة للبرلمانات الوطنية في سن وتجويد القوانين أو مشاريع قوانين أو مقترحات قوانين ذات الصلة بالعدالة الانتقالية، فالمعول عليها هو تعزيز سعي البرلمانات الحثيث إلى المساهمة في استرجاع الثقة وإعادة ترميم النسق السياسي بعد سنوات من التمزق الحاصلة عن النزاعات”.

وأشار بن شماش إلى أن ذلك لن يتأتى إلا بإذكاء الوعي والتفكير الجماعي لاقتراح إصلاحات والمساهمة في تقييم ما حصل من إصلاحات في مرحلة الأزمة وفي مرحلة الانتقال واستشراف المستقبل، من جهة، وفي جعل المؤسسة البرلمانية ليس فقط فضاء للبوح العمومي ولكن أيضا مجالا للحوار المجتمعي الحر والمفتوح وآلية استباقية لاحتواء الأزمات والإنذار المبكر بإمكانات حدوثها، من جهة أخرى.

وشدد رئيس رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، على “فرادة وتميز التجربة المغربية في مجال المصالحات الوطنية والعدالة الانتقالية، باعتبارها تحققت في ظل استمرارية النظام السياسي وليس في ظل القطيعة معه”.

ولفت إلى أن هيئة الإنصاف والمصالحة التي شكلها المغرب فتحت الباب أمام بروز جيل جديد من هيئات الحقيقة والمصالحة باعتبارها آليات غير قضائية لتسوية ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وقال رئيس مجلس المستشارين، “إذا كانت التجارب المؤسسة وقعت في ظل تغيرات جوهرية في طبيعة الأنظمة السياسية، ولاسيما الانتقال من الديكتاتورية إلى الحكم المدني، فإن لجنة الحقيقة المغربية تأسست في ظل استمرارية النظام السياسي نفسه، كمؤشر على أن العنصر الحاسم في استحداث آليات من هذا النوع يتمثل في توافر الإرادات وخاصة إرادة الدولة وإرادة القوى الفاعلة في المجتمع لمواجهة الماضي”.

وأوضح بن شماش أن العمل المحوري الذي تقوم به لجان الحقيقة لا يتعلق فقط بكشف الحقائق كحقائق مجردة حول الانتهاكات وكافة أشكال القمع، ولكن في النفاذ إلى جوهر الأمور عبر تفسير هذه الانتهاكات كنمط من أنماط القمع وكوسيلة من وسائل تدبير الشؤون العامة في مرحلة معينة.

وأضاف رئيس مجلس المستشارين، أن النقاش حول الأسباب يؤدي إلى إثراء الثقافة السياسية وإلى الوعي بالذات وإلى التماثل مع التاريخ المشترك الذي يجمع شعبا أو وطنا، موضحا أن إحياء الذاكرة وترميمها من شأنه السماح بإغناء المساهمة في تنمية وإشاعة مقومات المصالحة.

وقال بن شماش: “فالمصالحة في آخر المطاف هي نتيجة ومسارات منها مسار الحقيقة ومسار الديمقراطية ومسار ترسيخ ضمانات عدم تكرار ما جرى ومسار استرجاع الثقة، ومن تم فهي محصلة كل هذه المسارات ولا تتأتى بمجرد الدعوة إليها”، منوها بالمجهود المبذول من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان والذي مازال مستمرا، لاستكمال تسوية الملفات العالقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *