مجتمع

بوعلي: المغرب بدون مشروع وطني .. وأمامنا 3 خيارات في لغة التدريس

قال رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية فؤاد بوعلي، إن المغرب يعيش حالة من التيه المرجعي في مسألة الهوية واللغات، مشيرا إلى أن الدستور ينص على أن اللغتين العربية والأمازيغية هما اللغتين الرسميتين للبلد، “لكن الواقع شيء آخر، وهو ما يؤكد أننا نعيش بدون مرجع”، حسب تعبيره.

واعتبر بوعلي خلال ندوة فكرية حول موضوع “اللغة والهوية”، نظمتها حركة التوحيد والإصلاح بمدينة طنجة أمس الجمعة، أن النقاش حول المسألة اللغوية بالمغرب “هو تجلٍ لأزمة داخل الدولة بعد الاستقلال، ونحن نجني تداعيات عدم إجابة الدولة على إشكالات ما بعد الاستقلال في الجانب اللغوي والتنموي والوحدة الترابية وغيرها”.

“فرض الفرنسية”

وأوضح الكاتب والباحث أن “مشكل التعليم في المملكة تم تقزيمه إلى لغة التدريس، أي تم تهريب النقاش من الأسئلة المحورية إلى الفرعية، وهذا يكشف بوضوح أن المغرب دولة بدون مشروع وطني، فكل يغني على ليلاه، لأن المغرب يجيب عن الأسئلة الفرعية ويتفادى الجوهرية”، على حد قوله.

ولفت إلى أن “هناك محاولة لفرض اللغة الفرنسية بشكل فج وبتأويلات خاصة للنص اللغوي”، معتبرا أن النقاش اللغوي بالمغرب “فوضوي”، وأن الذين يدبرون المسألة اللغوية للمغاربة لا يدركون قيمة الأمن والسيادة اللغوية لكل بلد، فاللغة ليست فقط هوية، بل تشكل بعدا استراتيجيا للدولة، فهي التي شكلت لنا بعدنا في إفريقيا وعلاقتنا بأوروبا والعالم، وفق تعبيره.

بوعلي قال إن القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، “مليء بالألغام والفخاخ”، خاصة تدريس المواد العلمية باللغات الأجنبية، مشيرا إلى أن “التناوب في العالم كله يكون بين اللغات الوطنية، إلا في المغرب يكون بين اللغات الوطنية والأجنبية”، مضيفا أنه “حين نصبح أمام مسؤول في البرلمان يقول إن التعريب خرب التعليم، فهذا إشكال حقيقي”.

وتابع قوله: “هناك مسؤولين يدعون إلى ترسيم الفرنسية عمليا باعتبارها من اللغات الوطنية إلى جانب العبرية كمكون وطني، لأنهم لم يستطيعوا ترسيمها في الدستور، وهم لا يدركون أن اللغة ليست مجرد آلية، لكنها تحمل منظومة قيم، لذلك يعتبر المفكرون أن الترجمة تشكل خيانة لأنها لا تنقل المعاني كما هي”.

3 خيارات

وبخصوص مستقبل المسألة اللغوية بالمغرب، اعتبر بوعلي أن هناك 3 خيارات أمام الدولة، يتمثل الأول في تدريس العلوم التقنية باللغة الفرنسية، “وهو الخيار الذي تدافع عنه النخبة الفرنكفونية، رغم كونه خيارا فاشلا، لأن استعمال الفرنسية هو اجترار للفشل، فحتى في فرنسا يدرسون المواد العلمية بالإنجليزية وليس بالفرنسية”.

وأما الخيار الثاني، فهو ما أسماه بـ”الخيار الرواندي”، ويتمثل في اعتماد الإنجليزية كلغة للعلوم، مشيرا إلى أن دولة رواندا التي كانت معروفة في العالم بعمليات القتل والإبادة الجماعية على أسس عرقية وطائفية، أصبحت اليوم دولة متقدمة في إفريقيا، ومفتاحها في ذلك هو تغيير اللغة الفرنسية بالإنجليزية، ما جعلها تتطور في ظرف قياسي.

لكن هذا الخيار، يضيف المتحدث، عليه ملاحظات تتجلى أساسا في تجربة الدول التي اعتمدته من قبل، خاصة ماليزيا والفلبين، لافتا إلى أن ماليزيا صعدت فعلا بشكل مذهل باعتماد الإنجليزية لغة للعلوم منذ مرحلة مهاتير محمد، لكنهم اليوم تراجعوا عن هذا الخيار وقرروا اعتماد اللغات الوطنية في التعليم، بعدما اكتشفوا أن التقدم الحقيقي يكمن في الهوية اللغوية.

وانطلاقا من ذلك، يقول بوعلي، يبقى الخيار الثالث هو الأنجع في كل تلك الخيارات، والمتمثل في اعتماد اللغة الوطنية، قائلا: “لا توجد دولة متقدمة في العالم لا تدرس بلغتها، علما أن العربية من أكثر اللغات تداولا في العالم، فالكتب العلمية تضم %6 من المصطلحات العلمية على أكثر تقدير، والباقي كله إنشاء باللغة، فهل سنضحي بـ%94 من أجل %6 كما قال التازي”.

وفي سياق متصل، اعتبر بوعلي أن أكاديمية محمد السادس للغة العربية أصبحت “مجرد إدارة” داخل مشروع المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، مشيرا إلى أن أفضل ما قام به الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، هو نقل النقاش حول اللغة والهوية من الصالونات إلى المجتمع، لافتا إلى أن القانون الإطار حول التعليم “ليس هو المعركة الأخيرة”، حسب وصفه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *