منتدى العمق

موجات العبث …. المتكررة

اصبحت مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة القاضي والحكم، ما أن تنشر صورة او فيديو حتى ينتشر كانتشار النار في الهشيم تأكل الاخضر واليابس، تنهك في عرض ذاك وذاك.

‏في الاونة الاخيرة تفاقم الامر وزادت حدته، الأشخاص مقيدون بهواتفهم داخل اطار الصور والملصقات، لا يتجاوزها لكنها تتجاوزه وتعبر من خلاله..

‏لم يعد الامر عاديا بل كأنه وباء ينخر العقل، ويلغي وظيفته، يعمل كالروبوت لاجديد ولا اضافات، مقيد هو بتلك الساعات الطوال التي ترغم عليه ليقضيها ضمن صور ومنشورات لا تغني ولا تسمن من جوع، إلا القليل منها، لا مجال امامها للتفكر والامعان، لا للابداع او الابتكار، انا هنا والاخر هناك لكن كلانا نجتمع في النقطة ذاتها، نخوض معارك ضارية حول مواضع فاشلة وعقيمة، سجالات لن تزيد للاخر ثقافة ولا علما ينتفع به، ما عدا ارتفاع وثيرة السب والشتم.

‏لقد ابعدتنا مواقع التواصل الاجتماعي عن حياتنا اليومية، عن احلامنا وامالنا، عن المشاعر الصادقة، وحب الغير ذاك البعيد، ابعدتنا عن بيوتنا واسرنا ومن نحب، ابعدتنا عن الاخر باعتباره العدو اللذوذ ينتظر الفرصة لينقض عليك، ويريك مهاراته في فن السب وقدراته الخارقة في التعاليق السلبية، التي ما من جدوى فيها سوى الطاقة السلبية، شاشة الهاتف غيرت فينا الكثير، الاخر ليس بذلك السوء، بل هو الرفيق والصديق والكتف التي تسند المتعثرين.

‏لم تكن حياتنا بكل هذا السوء من قبل، عيشت كما يجب بتفاصيلها الصغيرة قبل الكبيرة، لم تكن مرتبطة “بجيم” من البعيد و “جاذوغ” من القريب،،، او “كومنت” من الصديق، لم تتعلق بكم هم متابعوك على الفيسبوك او الانستغرام، او بمن تفاعل معك، ومن رأى ولم ينتبه، عيشت ببساطتها، بعفويتها، بحبها، وصداقاتها، لم تتزين يوما بفلتر السناب لتظهر جميلة في عيوننا،،، الحياة جميلة بكل تفاصيلها التي مرت والتي لم تمر بعد… ماذا لو حاولنا أن نعيشها كما يجب او كما نظن أنه يجب!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *