منتدى العمق

إحياء التراث المادي واللامادي في الثقافات المحلية

يوم السبت 13 أبريل، كان سكان قصر أسلاب، التابع لجماعة ملعب، إقليم الراشيدية، على موعد مع معرض فني تم من خلاله التعريف بمجموعة من الأدوات التقليدية التي كانت تميز هذه القبائل الأمازيغية، إضافة إلى أن المعرض تضمن صورا تاريخية لرجالات القصر، الذين قدموا تضحيات جسام لا سواء في مواجهة المستعمر والدفاع عن الوطن، ولا فيما يتعلق بوضع اللبنات الأولى التي على أنقاضها تم تأسيس قصر أسلاب.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه المبادرة كانت الأولى من نوعها في سياق محاولات رد الإعتبار للتراث المادي بالمنطقة، على غرار مبادرات سابقة كانت تعنى بالمحسوس وتنسى الملموس، هي إذن خطوة مهمة قام بها مجموعة من فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة، قصد إغناء ثقافتهم المحلية بمزيد من الرموز الثقافية ذات إمتداد تاريخي ضارب في القدم، كما أنها رسالة قوية على أن الحاضر لا يلغي الماضي أبدا، وأن مختلف الثقافات رغم إختلافها وتعددها، يمكن لها العيش جنبا إلى جنب، بل إن هذا التنوع هو ما يضفي على المجتمع المغربي طابعا خاصا، ويمنحه قيمة مضافة في رصيده الثقافي.

لا بد وأن نؤكد هنا، على أن العودة إلى التراث، وما يحمله من نستليجيا منفردة، لا يعني أبدا التخلف عن الركب، وعن القضايات المجتمعية الراهنية، كما أنه ليس حنينا للتقليد وإبطال العقل-كما يراه معظم المتشائمين بمستقبل مجتمعات العالم الثالث وشمال إفريقيا خاصة- بل هو إعتراف وتقدير، وتصالح مع التاريخ في لحظة صدق كما يقول نيتشه. لقد سقطت العلوم الإجتماعية والفكر المعاصر في متاهة التقابلات الثنائية، بين الشرق والغرب، بين العقل والقلب، بين التقليد والحداثة، بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية، وكلها تقابلات تزيد من حجم الهوة بين فهمنا الخاص للأشياء من جهة، وحقيقتها العلمية من جهة أخرى.

هي إذن نقطة سوداء في تاريخ بناء العلوم وتشكيل المعارف، بالتالي فالأمر يستوجب منا أن نراهن في المستقبل القريب، على فاعلين جدد لا يقطعون مع التراث بدريعة مسايرة الواقع، بل يحاولون تكييفه مع هذا الواقع، في ما ليست فيه عرقلة للإندماج الفعلي مع مجتمعات العصر. هذا النوع من الفاعلين الجدد هم من سماهم جون بروكمان ب “الإنسانيون الجدد”، حيث يبنون آرائهم ومواقفهم إنطلاقا من مشارب وتخصصات مختلفة تساعد على رسم صورة كاملة المعالم، عن ما يتأثرون به ويؤثرون فيه في الآن ذاته.

* طالب باحث بسلك الماستر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *