وجهة نظر

امرأة مسلمة تقض مضجع ترامب

داخل الكونكريس الأمريكي

يبدو أن الرئيس الأمريكي ترامب، بعدما فرغ من التحريش بالمسلمين بشكل مباشر أو غير مباشر بتصريحاته العنصرية التي تعمل على إشاعة الكراهية والإسلاموفوبيا، لجأ إلى نقل معركته ضد عضو الكونغرس الأمريكي المسلمة إلهام عمر واتهامها بمعاداة السامية.

فمن هي إلهان عمر؟ وما الذي دفع برئيس الولايات المتحدة الأمريكية إلى شن حملة مسعورة ضدها واتهامها بمحاربة السامية؟
إنها أول امرأة مسلمة محجبة منتخبة بالمجلس التشريعي الأمريكي باسم الحزب الديموقراطي منذ نوفمبر 2016. وهي من مواليد 1982 بالصومال حيث استوطنت مع عائلتها الولايات المتحدة الأمريكية منذ 1995.

حصلت على شهادة الباكالوريا في العلوم السياسية وأخرى في الدراسات الدولية من جامعة “نورث داكوتا” الأمر الذي أهلها لولوج عالم السياسة، إذ كان أول نجاحاتها ترأس الحملة الانتخابية لأحد رموز الحزب الديموقراطي، مما خول لها مكانة خاصة بالحزب وبالتالي تولي مهام أخرى أكثر أهمية. وخارج السياسة عملت عمر على إدارة مجموعة نسوية تهتم بتهيئة اللاجئات للاندماج في المجتمع الأمريكي.

برز اسم إلهان بعد فوزها بعضوية مجلس النواب بولاية مينيسوتا يوم 8 نوفمبر 2016، لتصبح أول مسلمة محجبة في مجلس تشريعي بأميركا.

وكانت المحجبة الأميركية قد فازت بفرصة تمثيل الحزب الديمقراطي في غشت 2016 على حساب فيليس كاهن السياسية اليهودية المخضرمة والنائبة السابقة، في الانتخابات الداخلية بالحزب.

وفي تصريح سابق لصحيفة غارديان، قالت إلهان إن ترشيحها يمكن أن يغير نظرة الناس للعمل السياسي، مضيفة “بالنسبة لي، هذه بلادي، وهذا من أجل مستقبلي ومستقبل أولادي وأحفادي كي نجعل ديمقراطيتنا أكثر حيوية وشفافية”.

وخلال حملتها الانتخابية ركزت على كونها سيدة أميركية صومالية مسلمة مهاجرة. وقالت في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية: “أعتقد أن فوزنا هو مصدر إلهام لكثير من الشباب والملونين والمهاجرين وللجميع. حتى إن لم يكن النظام ملائما لنا جميعا يمكننا مع ذلك أن نشق طريقنا ويمكننا أن نضمن خلق فرص لأناس مثلنا”.

وقد هنأ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو المواطنة الأميركية من أصول صومالية، لفوزها بعضوية مجلس نواب ولاية مينيسوتا.
ولكن بعض الدول الإسلامية على رأسها السعودية والإمارات قد تلقت الخبر بنوع من السخط والرفض، فاتهمتا إلهان عمر بانتمائها للإخوان المسلمين وأنها تدعم الإسلام السياسي، وتعمل على تقويض الشراكة الاستراتيجية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والسعودية.

ولم تفوت إلهان الفرصة لتشن حربا ضروسا على السعودية، خصوصا بعدما حصلت على مقعد في لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب، فيما له علاقة بصفقات الأسلحة حيث عبرت بأنها عازمة على “السيطرة على مبيعات الأسلحة إلى منتهكي حقوق الإنسان مثل السعودية”.

يذكر أن إلهان ليست المرأة المسلمة الأولى التي تدخل المجالس التشريعية الأميركية، ولكنها الأولى التي تدخل تلك المجالس بالحجاب الذي أثار جدلا كبيرا، خاصة أن انتخابها تزامن مع الانتخابات الرئاسية التي جرت في الولايات المتحدة الأميركية في نوفمبر 2016 وفاز بها العنصري دونالد ترامب الذي كان قد أدلى بتصريحات معادية للمسلمين.

يبدو أن حجاب السيدة إلهان عمر وبشرتها السمراء قد تسببا لها في العديد من المشاكل العنصرية منذ سنة 2014 حيث تعرضت للضرب أثناء تجمع حزبي، ورغم ذلك، يمكن اعتبار ما حدث لها سنة 2014 لا يرقى إلى مستوى المعاناة التي تعيشها الآن بقيادة رئيس أمريكا دولاند ترامب واللوبي الصهيوني الأمريكي الذين اتهماها بمعاداة السامية على إثر تصريحها بأن لجنة العلاقات العامة الأمريكية- الإسرائيلية تقوم بالتأثير على سياسة الإدارة في واشنطن لصالح إسرائيل ضدا على الشعب الفلسطيني الأعزل. ومن أخطر ردود فعل الرئيس العنصري ترامب اتهامه لرئيسة الكنغريس الأمريكي “نانسي بيلوسي” بأنها فقدت السيطرة على الكنغريس، ولم تفعل أي شيء تجاه تصريحات إلهان عمر المعادية للسامية وإسرائيل” بل وقد صرح بأن إلهان عمر هي من تتحكم في رئيسة الكونغريس. وهو نوع من التحريض والتهييج حتى ينقلب المجلس بما فيه من نواب على المسلمة المتحجبة إلهان عمر.

وكان آخر هجوم لـ ترامب على إلهان يوم الجمعة 12 أبريل 2019، عندما نشر مقطع فيديو لها وهي تلقي كلمة عن معاملة المسلمين بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، وأرفقها بصور لمركز التجارة العالمي وهو يحترق، وعقَّب على الفيديو بتعليق: “لن ننسى أبداً”. وأظهر ترامب النائبة المسلمة إلهان عمر في ذلك المقطع وكأنها تستهين بتلك الهجمات.

وفي غضون يومين بعد تغريدة ترامب أي يوم الأحد 14 أبريل 2019، دعت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، ترامب لحذف تغريدته “التحريضية” ضد إلهان عمر.

كما خالف العديد من الزعماء والنشطاء والجماعات الدينية بما فيها اليهودية والمسيحية، ترامب وآيباك (لجنة العلاقات العامة الأمريكية- الإسرائيلية) الرأي، ويعتبرون حملات التشويه التي تستهدفها ممنهجة لإسكات الأصوات الناقدة لإسرائيل وسياسات ترامب المثيرة للجدل.

ومن نتائج الهجمة العنصرية الشرسة من طرف ترامب على النائبة المحجبة إلهان عمر، التهديدات المتكررة التي تلقتها عمر حيث صرحت بأنها تلقت عدداً كبيراً من التهديدات بالقتل بعد تغريدة ضدها من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وأضافت النائبة المسلمة إلهان عمر في بيان، عبر حسابها على تويتر، الإثنين 15 أبريل 2019: “تعرضت لعدد متزايد من التهديدات المباشرة لحياتي منذ تغريدة الرئيس يوم الجمعة”.

وأضافت: “جرائم العنف وغيرها من أعمال الكراهية من جانب المتطرفين اليمينيين والقوميين البيض في ازدياد بهذا البلد وفي جميع أنحاء العالم”.

وأردفت: “لم يعد بإمكاننا تجاهل التشجيع الذي يتلقاه هؤلاء من جانب مَن يشغلون المنصب الأعلى في البلاد”.

هكذا إذن يستمر الرئيس الأمريكي دولاند ترامب في تصريحاته المشجعة على الإسلاموفوبيا والعنصرية والمعادية لحرية التعبير عندما تصدر عن أمريكي مسلم أو مسلمة، حيث لم تعمل مجزرة مسجدي نيوزيلاندا على إلجامه حيث بسبب تصريحاته العنيفة تم اتخاذه قدوة وأنموذجا يحتدى به في كره المسلمين والتخطيط لإبادتهم وقتلهم بدم بارد، وإذا كان رئيس أقوى دولة في العالم لازال يعادي الإسلام والمسلمين فكيف نتوقع أن تقوم الدول التابعة له والمؤتمرة بأمره بأن توقع على ميثاق تجريم الإسلاموفوبيا؟ !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *