مجتمع

رفيقي يدافع عن الزواج من غير المسلمين.. ويعتبر تحريمه “تمييزا”

طرح “جريئ” قدمه الباحث في الفكر والفقه الديني محمد عبد الوهاب رفيقي الملقب بـ(أبو حفص) بخصوص موضوع زواج المرأة المسلمة من رجل غير مسلم، إذ اعتبر أن النصوص الشرعية التي يدافع بها من يحرم هذا الزواج “نزلت في سياق خاص جدا ارتبطت بأوضاع الحرب بين قريش والمسلمين، أما اليوم فالمجتمعات أصبحت متعايشة ومنسجمة فيما بينها”.

واعتبر أبو حفص النقاش الفقهي “بمثابة الورقة الحمراء” التي ترفع في وجه أي مطالبة بالتغيير في القضايا الشائكة التي تطرح في المجتمع المغربي، خاصة المتعلقة بمدونة الأسرة، خاصة موضوع زواج المسلمات بغير المسلمين، فنجد أن القانون المغربي يضعنا “أمام تمييز قائم على الدين وآخر على الجنس، وهذا تناقض صريح مع المواثيق الدولية”.

وزاد خلال مداخلة له أمس السبت، في ندوة نظمتها فدرالية رابطة حقوق النساء بمراكش، حول موضوع “15 سنة بعد إصدار مدونة الأسرة: أي احترام لمبدأ المساواة وعدم التمييز”، أن النقاش اليوم يقتضي “محاججة تجمع بين الإشكالات القانونية المطروحة والفقه الإسلامي، لأننا أصبحنا نعيش عصر آخر بمعطيات أخرى تجعلنا مطالبين بقراءة جديدة للواقع”.

حاجة بشرية اليوم

وقال أبو حفص “إنه لربما في زمن سابق لم تكن إشكالية زواج المسلمة من غير المسلم مطروحة، لأنه في ذلك الوقت كانت الدول ذات هويات دينية، بل حتى داخل الدولة الإسلامية الواحدة كانت هناك مجتمعات منفصلة، فتجد المسيحية واليهودية، لكن الاختلاط بينهم قليل، لذلك لم يكن هذا الأمر مطروح.

لذلك “فنحن اليوم نحن في مسيس الحاجة لطرح هذا النقاش”، يقول أبو حفص، لأن “الحال تغير وظهرت مقتضيات واقعية استدعت هذا الموضوع، فنحن نعيش في عصر آخر تكسرت فيه الكثير من الحدود والقيود، ومثال ذلك الجالية المغربية التي تصل حوالي 5 مليون، يقيمون في مجتمعات غربية غير مسلمة، منهم 45 بالمائة نساء، يعيشون وسط الأجانب يلتقون بناس غير مسلمين سواء في العمل أو المدرسة، وبالتالي ستكون الحاجة إلى الزواج والتعارف، فأكيد أن تجد هناك مسلمات كثيرات يسألن عن إمكانية الزواج بغير المسلمين، نظرا لعيشهم في مجتمع واحد”.

الحاجة البشرية تتجاوز القوانين

ويضيف المتحدث أنه “أصبحنا نجد اليوم مهاجرين إلى المغرب، وغالبيتهم غير مسلمين، وبالتالي فاختلاف الدين داخل المجتمع المغربي أضحى موضوع نقاش، لهذا فقضية زواج المسلمات بغير المسلمين أصبحت إشكالية حقيقية وجب الإجابة عنها. بل هي أمر واقع سواء قبله القانون والشرع أو رفضاه، لأن الحاجة البشرية دائما ما تتجاوز القوانين، عبر اللجوء للتحايل والكذب وغيرها”.

وحذر أبو حفص خلال مداخلته من ظهور مثل هذه الأساليب الغير أخلاقية،  لأن كثير من المسلمات، حسب قوله، يطلب من الأجنبي أن يعلن إسلامه ولو بشكل صوري، وهذا “يحمل شيء من النفاق والكذب والخداع فقط من أجل تسمح لها المحكمة بأن تتزوجه، وهذا في حده يطرح مشكل بناء مجتمع يسوده الكذب ويشجع الناس على النفاق والخداع لأننا لم نجد لهم حلا قانونيا ولا فقهيا”.

ضرورة الاجتهاد

كما دعا الباحث في القضايا الإسلامية إلى مواجهة هذا الواقع بالإجتهادات بذل “أن ندفن رؤوسنا في الرمال”، حسب تعبيره، “اجتهادات تتناغم وتتناسق مع هذه المتغيرات، مع مراجعة الحكم الذي كان سابقا، والذي فرضته سياقات معينة، ومساءلته، هل هو حكم غير قابل لإعادة النظر والاجتهاد”.

وتابع رفيقي القول “إنه من المعلوم أن القانون المغربي تحدث عن موانع الزواج وجعل من بينها زواج المسلمة بغير المسلم، وعدد من المحاكم قامت في الكثير من القضايا بالحكم ببطلان هذا الزواج، بل الأكثر من ذلك فقد حكمت أحد المحاكم بالدار البيضاء ببطلان زواج امرأة مسلمة من زوج هو الآن مسلم، لكن حين تقدموا للزواج المدني لم يكن مسلما، فحكمت ببطلان الزواج وبطلان كل الحقوق. وبالتالي فالمحكمة هنا هدمت بيوت قائمة، هذا الأمر الذي لم يقم به الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد كان جري جميع عقود الزواج التي كانت رغم اختلافها مع الشروط التي جاء بها الإسلام”.

لذلك اليوم، يردف أبو حفص، “فنحن في الحاجة إلى البحث عن صيغ قانونية جديدة تتيح للمرأة أن تتزوج بغير المسلم ما دام أن الأصل في الزواج هو حصول التراضي والتوافق بين الزوجين. مع العلم أن عدم إتاحة هذا الزواج يتعارض إطلاقا مع ما جاءت به المواثيق الدولية من جهتين، أولا تمييز من جهة الدين، ومن جهة أخرى تمييز ضد المرأة من جهة الجنس، ففي الوقت الذي نجد أن القانون يسمح للرجل أن يتزوج بغير المسلمة، نجد أنه يحرم على المرأة الزواج بغير المسلمة”.

مراجعة النصوص الشرعية

أوضح رفيقي في مداخلته أن مدونة الأسرة “مبنية على معطى فقهي تقليدي في أدبياته، تشبث هؤلاء الفقهاء بهذه النصوص بقوة كأنها نصوص حاسمة وقطعية، مع العلم أنه لا يوجد أي نص واضح وصريح وقطعي يُحرم زواج المسلمة من غير المسلم، وإنما المعتمد هو إجماع الفقهاء”.

أما بخصوص النصوص التي فهم منها هذا التحريم، يقول رفيقي أنها “غير صالحة للاستدلال واسقاطها، سواء الآية الكريمة، “وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ”، لسبب بسيط هو لو أننا أردنا أن ننزل فهم هذه الآية، يجب أن يجري الأمر على الرجل كذلك، لأنها تحدثت عليهم معا. وحتى لو افترضنا أن الآية صالحة فهي لم تنزل للتحريم، بل جاءت من أجل التوجيه والإرشاد والخيرية”.

ويضيف أبو حفص أن الآية الثاني التي يستدل بها الفقهاء، “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ”، (يضيف) أن سبب نزولها “بعد صلح الحذيبية، الذي تضمنت فيه المعاهدة مجموعة من الشروط، التي منها إذا فر شخص من المسلمين والتحق بقريش، فإنه من حقها ألا ترده، ولوأن مسلما هرب من قريش والتحق بالمدينة عند المسلمين يجب إرجاعه إلى مكة”.

“في هذه الحالة”، يزيد رفيقي أنه “بعد الرجوع إلى المدينة وجد أن هناك نساء فروا من قريش إلى المسلمين، ونظرا لتسلط الذكوري الذي كان في ذلك الوقت والخوف على النساء عند رجوعهم لعند قريش من التعنيف والأذى والقتل، فارتأى الصحابة آنذاك إلى انتظار نزول الوحي الذي هو الآية السابقة. لذلك فهته الآيتين ارتبطتا بسياق خاص جدا مرتبط بوضع الحرب والصلح والعلاقات المتوترة بين البلدين”.

الاستعلاء الديني

وأرجع أبو حفص سبب بقاء الفقهاء متشبثين بهذه النصوص بشكل قاطع على أن لا تتزوج المسلمة بغير المسلم، إلى التصور المبني عند الفقهاء كون “المسلم دائما يجب أن يكون له العلو، أي منطق الاستعلاء الديني، بمعنى أن المسلم أفضل من الآخرين، وله أفضلية ومستعلي”.

ويعتبر الفقهاء حسب أبو حفص “أن الزواج دائما ما تكون فيه المرأة أقل درجة وأضعف من الرجل، وبالتالي إذا ما تم حصول الزواج بين رجل غير مسلم مع مسلمة، سيصبح الزوج الغير مسلم أعلى مرتبة من الزوجة المسلمة، عكس إذا ما تم زواج مسلم بغير مسلمة لأن الرجل حسب تصوره دائما أعلى مكانة من المرأة. بالإضافة إلى تفسيرهم الخاطئ للقوامة التي يفهمون منه أن الرجل يملك للسلطة والحكمة والآمر والناهي في العلاقة الزوجية، وأن المرأة من يجب أن تطيع، وبالتالي لا يجب أن نعطي هذا الحق لغير المسلم. وهذه نظرة قاصر للزواج إذ لا وجود لمرتبة عليا ومرتبة دنيا فيه”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عبد الله
    منذ 4 سنوات

    عندما تجد من لا يملك أدوات الاجتهاد ولم يبلغ مرتبة التفسير والاستنباط(هذا الأبله لا علاقة له بالعلوم الشرعية أصلا) يتكلم وينقض النصوص الشرعية القطعية والآراء الفقهية التي أجمعت عليها الأمة. فاعلم أنه إما أحمق أو علماني. والثاني أقرب.

  • غير معروف
    منذ 5 سنوات

    لقد بلغت فيك مبلغها جتى اصبحت تتجرأ على كتاب الله وصريح آياته " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم"يا رجل يا شيخ القاعدة الفقهية تقول العبرة في عموم اللفظ لا بخصوص السببقريبا ستحل لنا الشذوذ ....