بدأت مواقف الدول والمنظمات والهيئات الدولية والإقليمية والوطنية تتناسل حيال المشاركة في ورشة البحرين الترويجية لخطة السلام في الشرق الأوسط المعروفة بـ“صفقة القرن”، إذ أعلنت كل من منظمة الأمم المتحدة والصين وروسيا وفلسطين وعدة دول أخرى عن مقاطعتها للورشة التعريفية بالشق الاقتصادي لخطة ترامب لتصفية القضية الفلسطينية.
وتتجه أنظار مغاربة إلى موقف بلادهم باعتباره رئيسا للجنة القدس، ويطفو عدة أسئلة منها هل تقاطع المملكة ورشة البحرين الترويجية لـ“صفقة القرن”؟ وهل تكون المشاركة بمثابة تزكية ومباركة لصفقة خلقت الكثير من الجدل حتى قبل الإفراج على مضامينها؟ ثم ألا يمكن قراءة الزيارة الأخيرة لكبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جاريد كوشنير إلى المغرب بكونها نوعا من الضغط قد ينعكس على مسار ملف الصحراء؟
مخاوف من الفشل
في مقاربته للموضوع، رأى الباحث في العلاقات الدولية أحمد نور الدين أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول جر المغرب للمشاركة في ورشة البحرين عبر إغرائه ببعض الوعود والمزايا الاقتصادية، نظرا لوضعه الاعتباري في مسار القضية الفلسطينية بصفته رئيسا للجنة القدس، موضحا أن مشاركة المغرب في ورشة البحرين لا تعني بالضرورة موافقته عليها وعلى “صفقة القرن”.
وأضاف نور الدين في تصريح لجريدة “العمق”، أن ربط هذا الموضوع بالزيارة الأخيرة لكبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جاريد كوشنير إلى المغرب يمكن من فهم أن الولايات المتحدة الأمريكية تتخوف من فشل الورشة في ظل العزلة المزدوجة التي تعانيها ورشة البحرين بصفة خاصة، و”صفقة القرن” بصفة عامة.
وقدم نور الدين المغرب 3 معطيات تؤكد وجود محاولات لجر المغرب إلى الجانب الأمريكي لكسب تزكيته كدولة عربية ترأس لجنة القدس، وكدولة عربية كان لها على الدوام دور أساسي في كل المنعطفات التي عرفتها القضية الفلسطينية تاريخيا، أولها الزيارة الأخيرة لكبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جاريد كوشنير إلى المغرب.
مخاطبة ود المغرب
وأكد أن المعطى الثاني يكمن في فك التحالف المغربي الأردني، موضحا أنه منذ شهرين أصدر المغرب بيانا مشتركا مع الأردن يؤكد على حل الدوليتين مع التأكيد على الحفاظ على وضعية القدس القانونية، مشيرا إلى هاتين الجملتين معناهما رفض “صفقة القرن” القاضية بإلغاء حل الدوليتين، وإلغاء القدس بوصفها أراضي محتلة وبوصفها عاصمة للدولة الفلسطينية المرتقبة.
واعتبر نور الدين المعطى الثالث يتعلق بمحاولة إلغاء البيان المغربي المشترك مع بابا الفاتيكان لدى زيارته للمملكة، والذي تم فيه التركيز على الحفاظ على وضع القانوني للقدس، موضحا أنه بقراءة أخرى معاكسة فهو رفض للاعتراف الأمريكي بكون القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، مؤكد على أنه في ظل المعطيات كلها يتضح أنه هناك محاولة لكسر العزلة عربيا، ومحاولة فصل الموقف المغربي عن الأردن في مسألة القدس وموقفه مع الفاتيكان.
وأوضح المتحدث أن خطة “صفقة القرن” والورشة تعانيان من عزلة في ظل الرفض الفلسطيني الرسمي والشعبي وفي غياب أي مساندة عربية باستثناء الدول الثلاثة المعروفة، مشيرا إلى أن بقية الدول لم تمنح مساندة رسمية لهذه الخطة وورشة البحرين، موضحا أن نجاح جر المغرب للجانب الأمريكي سيكون مكسبا أو ورقة للضغط على الأردن الذي لجأ للمغرب للتضامن معه في ظل غياب التضامن الخليجي أو الضغط على الجانب الفلسطيني الذي يستدعي دور المغرب للوقوف إلى جانب الفلسطينيين في محنتهم.
“الكماشة” الأمريكية
من جانبه، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة خالد شيات الزيارة الأخيرة لكبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جاريد كوشنير إلى المغرب والأردن بمثابة “دليل وجود اختلاف في وجهات النظر”، موضحا أن المغرب سيكون أمام ما سماه بـ”الكماشة” الأمريكية التي تقترح مثل هذه المقترحات في مقابل منح امتيازات للدول الطيعة ومعاقبة المخالفة.
وأوضح المحلل السياسي في تصريح لجريدة “العمق”، أن أمام المغرب عدة خيارات في ما يتعلق بورشة البحرين، لكنه نبه إلى تداعياتها السياسية، مشيرا إلى أن المغرب يصعب عليه أن يرفض المشاركة، لكنه أوضح أن بإمكان المملكة المشاركة مع التعبير على مواقفها الثابتة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، معتبرا هذا الخيار “حلا وسيطا”.
هامش المناورة
وأضاف شيات أن المغرب أمامه كذلك إمكانية التملص من المؤتمر، باعتبار أن موقف الأمم المتحدة الرافض للمشاركة، فتح الباب أمام الدول غير الراغبة في المشاركة أن يكون عندها مبرر مشروع، موضحا أن هذا الخيار ستكون له تبعات على المستوى السياسي، يمكن تجنبها بالحضور والتعبير عن مواقف الثابتة في ما يتعلق بالقضية.
وأوضح شيات أن المغرب سيكون تحت ضغوط الولايات المتحدة الأمريكية في الحالتين معا، في حالة عدم الانسياق مع المطالب الأمريكية، وفي حالة عدم المشاركة في المؤتمر، مشيرا إلى أن المغرب يجب أن يراهن على تغير الإدارة الأمريكية بعد ذهاب ترامب، مشددا على أن القدس وفلسطين بالنسبة للمغرب والعرب عموما لا تدخل في باب الصفقة.
اترك تعليقاً