منتدى العمق

فرنسة التعليم جريمة حضارية وتربوية في حق المغاربة

بعد الاستعمار الفرنسي تنبه المغاربة لضرورة بناء تعليم يراعي الخصوصية المغربية ويقطع مع كل شكل من أشكال الاستعمار، وحذر العلماء والمختصون من عواقب الاستمرار في اعتماد الفرنسية لغة التدريس. فبذلك أجمع المغاربة على مبادئ للتأسيس لتعليم وطني ينطلق من مبدأ التوحيد ومبدأ التعميم ومبدأ المغربة ومبدأ التعريب. وتفعيلا لذلك عرب التعليم الابتدائي ثم الثانوي في أفق تعريب الجامعة لكن اللوبي الفرنكفوني استرجع قوته مع موت المقاومين وأبطال التحرير فتوقفت عجلة التعريب عند التعليم الثانوي بل تمادت مع السنوات الأخيرة إلى التراجع إلى الفرنسة مع القطع مع كل مشروع للتعريب.

فكل الأبحاث والتجارب بينت أن النهضة العلمية لا تتم إلا باللغة الوطنية اعتمادا على الترجمة فكل الدول المرتبة في الترتيب الأولي تعتمد لغتها الوطنية لغة للتدريس في كل مراحله من ذلك كوريا اليبان روسيا كازاخستان بولندا… بينما الدول التي تعتمد لغات غير لغاتها في التدريس لازالت تزحف في طرق المعرفة.

رغم كل هذا نجد المسؤولين متغاضين عن كل هذه الاعتبارات ويسعون لفرض الفرنسة دون فتح نقاش واستشارة الخبراء. مما يجعلنا نشك في نوايا مسؤولي الوزارة والجهات الدافعة لهم.

نهيك عن الوضع القانوني الذي يفرضه الدستور في الفصل الخامس الذي يدعو لتنمية واعتماد اللغة العربية في مجالات الحياة.

ففرنسة التعليم ستعطينا بعد سنوات قليلة قطيعة مع التراث الفكري والذاكرة الجامعية لأمتنا. والقضاء على اللغة العربية سيفصل المغرب عن باقي الأقطار العربية والإسلامية. وسيكون هذا ضرب في الهوية الوطنية وردة على قيمنا وجريمة في حق حضارتنا. ناهيك عما سيتسبب فيه من هدر مدرسي يلحق التلاميذ ناتج عن الضعف الكبير في اللغة الفرنسية، فالمتعلم سيعيش حالة من الصدمة اللغوية تحول بينه وبين الاستعاب والفهم والتحليل والإنتاج.

* أستاذ السلك الثانوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *