اقتصاد

بعد 11 سنة على تأسيسها.. أي حصيلة لشركات التنمية بالدار البيضاء؟

بعد مرور 11 سنة على تأسيس عدد من شركات التنمية المحلية بالدار البيضاء، يرى متتبعون أنه حان الوقت لتقييم تجربتها للوقوف على نواقصها قصد تطوير عملها، بينما يعتبر آخرون أنه لا جدوى من التقييم، مادامت هذه الشركات تخدم مصالحها وتكدس ثروات من الميزانيات الضخمة التي تخصص لها لإنجاز عدد من المشاريع بالمدينة، فيما تنزح فئة أخرى إلى ضرورة التنويه بالتجربة لما أبانت عنه من نتائج طيلة سنوات تواجدها ومساهمتها في تنمية العاصمة الاقتصادية للمملكة.

ويعود تأسيس أول شركة للتنمية المحلية بالمدينة إلى شهر أكتوبر 2008 وهي “شركة الدار البيضاء للتهيئة” التي تأسست بمقتضى مرسوم وزاري بعد المصادقة على المخطط المديري للتهيئة الحضرية للدار البيضاء الكبرى، لتنضاف إليها بعد توالي السنوات شركات أخرى، من بينها شركة “الدار البيضاء للنقل” التي تأسست سنة 2009، وشركة “الدار البيضاء للخدمات” التي تأسست في 2014، وشركة “الدار البيضاء للتنمية”، و”الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات”، و”شركة الدار البيضاء للتراث”، فيما يستعد مجلس المدينة إلى إضافة شركات أخرى جديدة، من بينها شركة “الدار البيضاء الموارد” والتي ستتكلف بتحصيل مالية الجماعات، وفق ما كشف عنه مصدر لجريدة “العمق”.

“ناجحة”

لعل من أبرز المدافيعن عن تجربة شركات التنمية المحلية بمدينة الدار البيضاء، ممثلو الأغلبية بمجلس المدينة، والذين يعتبرون أن النتائج التي أبانت عنها هذه الشركات في تسيير عدد من المشاريع بالعاصمة كانت ناجحة بامتياز.

وفي هذا الإطار، قال عبد المالك الكحيلي، النائب الرابع لعمدة الدار البيضاء المكلف بالشؤون الثقافية والاجتماعية، إن تجربة شركات التنمية المحلية بالدار البيضاء، ناجحة وأبانت عن نجاعتها وتفوقها على كافة الأشكال الأخرى، مشيرا إلى أنها تقدم خبرات مهمة في تسيير المشاريع بشكل جيد، ومن جهة أخرى هناك السرعة في وتيرة إنجازها.

وأضاف الكحيلي في تصريح لجريدة “العمق”، أن اختيار جماعة الدار البيضاء لتجربة شركات التنمية المحلية، جاء لكون “المساطر التي تتبعها الجماعة في إنجاز المشاريع الكبرى تطول وتتأخر في إحراجها للوجود، بينما شركات التنمية المحلية يكون لها تبسيط في العملية، بحكم المجلس الإداري الذي يكون ممثلا فيه الجماعة أو تترأسه أحيانا، وإمكانية اتخاذ القرارات بسرعة وتوظيف كفاءات وخبرات التي من الممكن الا تكون في الجماعة”.

وقدم الكحيلي، أمثلة عن نجاح تجارب بعض الشركات بالمدينة، من بينها، شركات الدار البيضاء للتهيئة، مضيفا بالقول، “هناك مشاريع كبرى من بينها الأنفاق التي سهلت حركة المرور، ثم الجسر المعلق وحديقة الجامعة العربية التي تمتد على مساحة 34 هكتار، وتهيئة حدائق الحسن الثاني، لقد قدمت خدمة مهمة كتجربة ناجحة في هذا المجال” وفق تعبيره.

واعتبر المتحدث في التصريح ذاته، أن “الغرض الأساسي من خلق هذه الشركات، هو تقديم أحسن وأسرع خدمة للمواطن في أقرب وقت، لكون المساطر العادية التي تحكمها القوانين المنظمة للتدبير المحلي للجماعات معقدة وتتطلب وقتا، بينما هي تشتغل بعقلية الشركة التي فيها السرعة ومواصفات يصعب بأن أن تكون في القطاع العام”.

وحول العشوائية في تدبير الميزانية المخصصة للشركات، شدد الكحيلي، على أن “هناك هيئات مراقبة مختصة، من بينها مفتشية المالية والمجلس الأعلى للحسابات، ومفتشيات في وزارة الداخلية، وهم من يمكنهم مراقبة ميزانية الجماعات وشركات التنمية المحلية”، لافتا إلى أن أسهل  “ما يمكن مراقبته اليوم هو مثل هذه الشركات لأنها تشتغل بضوابط وآليات وأمورها مراقبة، خاصة من قبل المالية ومجالس الحسابات، كما أن هناك آليات لمراقبتها عبر لجان تتبع دورية، تكون ممثلة من طرف ثلاثة أعضاء من المجلس ورئيس الجماعة أو من ينوب عنه وممثلي الشركات، وهذه اللجن هي من تقوم بالمراقبة لتسهيل العملية” حسب قوله.

“غياب المواكبة”

لم يخفي أحمد بريجة المنتمي لحزب البام الذي يقبع في المعارضة بمجلس المدينة، أن هناك شركات للتنمية المحلية أعطت نتائج بأنه تم خلقها لأهداف محددة أو لتسيير وإنجاز مرفق معين، مشيرا إلى أن “هناك شركات تم خلقها من أجل إنجاز شركة وفقط، لا داعي لخلقها”.

بريجة، أوضح في تصريح لـ”العمق”، أنه “ليس هناك تأطير ومواكبة لهذه الشركات حيث يتم خلقها ونسيانها، داعيا إلى إعادة النظر في القانون التأسيسي “لأن شركات التنمية المحلية لا بد من نصوص وقوانين صريحة تحدد الاختصاصات والصلاحيات والعلاقة بينها وبين الوصاية والمنتخب”، موردا أنه لا بد من إعادة النظر في النصوص التنظيمية لهذه الشركات.

وأوضح المتحدث، أنه “لا ايمكن القول بأن كل الشركات نجحت في مهامها، بل منها من فشل وحنا كلشي بغينا نعطيوه شركات”، على حد قوله، مضيفا أن منها من نجح في تحقيق مشاريع وإنجازات مهمة.

ولفت بريجة، إلى أن شركات التنمية المحلية، هي “آليات متطورة حديثة لتسيير المرافق العمومية المحلية، كما أنها طريقة عصرية متطورة بدأت في المغرب، وتجربة الدار البيضاء تجربة نموذجية”.

وأبرز المتحدث، أن “هناك برنامج تسير عليها هذه الشركات، وفق رئيس الجماعة الذي يحدده، فهناك اتفاقية لانتداب شركة ما لإنجاز مشروع معين، والشركة آلية لتنفيذ هذه المشاريع، وهدفها التسيير والإنجاز وليس التخطيط”.

“تجربة فاشلة” 

ومن بين منتقدي تجربة شركات التنمية المحلية، فئة عريضة من المجتمع المدني، التي تعتبر أنها فشلت في تحقيق ما ينتظره المواطنون منها، وهذا ما شدد عليه المصطفى حاجي فاعل جمعوي بالمدينة، الذي لاحظ بأن المشاريع التي أنجزت من طرف هذه الشركات، لم تصل إلى 25 في المائة من انتظارات المواطنين خاصة في قطاعي النقل و النظافة.

وقال حاجي، في تصريح لجريدة “العمق”، إن قطاع النظافة الذي تسيره هذه الشركات، يجب أن “يطر عليه بمداد أحمر، فهو مشكلة عميقة تعيشها المدينة، حيث تجد فرقا شاسعا بين بعض الأزقة والشوارع الموجودة في المدينة، والتي تخلف ضرر بيئي حقيقي”.

كما اعتبر المتحدث، أن قطاع النقل أبان عن فشله أيضا، حيث يشكل معضلة كبيرة، فيما انتقد غياب التواصل مع المجتمع المدني من طرفها، مبرزا أن هناك فشل وعشوائية في تدبير الميزانيات المخصصة للمشاريع الكبرى بالمدينة من طرف هذه الشركات، والدليل على ذلك هناك مناطق لا تصلها تلك المشاريع المنجزة مثل خطوط النقل التي لا تصل لبعض المناطق حيث يعاني المواطنون في تنقلاتهم”.

بدوره، اعتبر الفاعل الجمعوي بالمدينة المهدي حبيب الله، أن شركات التنمية المحلية بالمدينة لا دور لها، مشيرا إلى أن ذلك يتجلى في الأحياء الهامشية والشعبية.

وتساءل حبيب الله، في تصريح لـ”العمق”، عن مصير الأموال التي تصرف لهذه الشركات، بالنظر إلى النتائج التي تنتهي إليها عدد من المشاريع، لافتا، إلى أنه كفاعل جمعوي، “أصبح له دور في مراقبة النظافة على سبيل المثال، أو أي شيء له علاقة بالبنية التحتية والسير العادي لوتيرة الأشغال لمشروع ما”.

وتابع بالقول، “أفضل أن يتم منح المال للجمعيات بدل هذه الشركات، كدعم لخلق فضاء تحاور وتشاور، فهناك جمعيات تريد الاشتغال، فالفاعل الجمعوي أو المواطن هو من يكابد عكس هذه الشركات”.

“اختيار جيد”

وأقر عبد الكريم لهويشري نائب عمدة البيضاء المكلف بالشؤون الاقتصادية، أن الجماعة لم تكن لتنجز عدد من المشاريع لولا تواجد هذه الشركات.

وأبرز اهويشري في تصريح لـ”العمق”، أن اختيار خلق هذه الشركات جيد جدا”، ضربا المثال، بسوق الجملة للخضر والفواكه وكذا بالمجازر  في المدينة، الذي اعتبر أنهم لم يكنونوا ليصبح على ما هو عليه اليوم  لولى هذه الشركات، فوضعيتهم الآن أحسن بكثير على ما كانت عليه، وفق تعبيره، لافتا إلى أن “الناس تركز على الجوانب السلبية فقط”.

وعن الانتقادات التي تطال شركة “الدار البيضاء للتهيئة”، أبرز المتحدث، أن الأخيرة  “تقوم  بعملها على أحسن وجه، وتحترم المعايير في إنجاز عدد من المشاريع، إلا أن المواطنين يقومون بمزايدات في الموضوع”.

ونفى لهويشري، في التصريح ذاته، أن “يكون ه هناك حجب للمعطيات وتفاصيل المشايع من قبل هذه الشركات، موردا أنه “هناك لجان للتبع بكل قطاع على حدى باستمرار، ويتم تقديم المعطيات اللازمة”.

وأقر المتحدث أيضا، بأن الشركة التي لم تنجح نسبيا في عملها، هي شركة الدار البيضاء للتراث، ليتم تغيير رئيسها وإعادة الهيكلة والاختصاصات، لافتا إلى أن “باقي الشركان كانوا في لمستوى” وفق قوله.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *