وجهة نظر

واقع سياحتنا المريضة.. حين تخطئ الأرقام

يبدو أن المسؤولين على القطاع السياحي ألفوا لعبة المغالطة بالأرقام، وتضخيمها لإعطاء الشعور بصحة القطاع وتغليفا للحقائق السلبية، التي مالبث مهنيو القطاع الخاص يدقون ناقوس الخطر حولها. يأتي هذا الكلام والمسؤولون يتبجحون بتوقيع اتفاقية مع أكبر شركة سياحية صينية بائعة للسفر والهدف هو زيادة إعداد السياح الصينيين في اتجاه المغرب إلى 500 ألف سائح عِوَض 132 التي سجلتها سنة 2018.

ألم يحن الوقت للإقلاع عن هذا التوجه الذي يرمي إلى المغالطة ويبقي على نمو قطاع محتشم مقارنة بوجهات سياحية مجاورة؟

بصيغة أخرى، هل تسجيل أرقام إضافية للسياح هو الهدف الاستراتيجي الذي سيمكننا من رفع أرباح القطاع السياحي بشكل كبير؟ علما بأنه دائما يسجل تراجعا طفيفا في نسبة العائدات 0,5 بالمائة فيما يخص المداخيل خلال السنوات الأخيرة.

ألم يحن الأوان لتجنب سياحة الإغراق الأقل دخلا والحد من الاستراتيجية العددية؟

حقق المغرب ابتداء من 2017 قفزة كمية، أي عددية، في عدد السياح 11,35 مليون سائح بزيادة 10 في المائة وسجلت العائدات إلى حدود نهاية 2017 تقريبا 69,7 مليار درهم أي مايعادل 6,16 مليار دولار حسب معطيات المسؤولين هذه النسبة لم تعرف نموا كبيرا مقارنة بمداخيل سنة 2016 (64,2 مليار درهم).

المهم بالنسبة للسوق الصيني كنموذج على مستوى الأهداف هو ماهي مساهمتها من ناحية المداخيل أي كم جنت وجهة المغرب من عائدات السوق الصينية التي قفز عدد سياحها من 10 آلاف سائح قبل تسوية التأشيرة سنة 2016 إلى 132 ألف سائح علما بأن أغلب الصينيين القادمين للمغرب بعد 2016 (تاريخ إلغاء التاشيرة) هم من التجار الذين يخرجون العملة الصعبة خارج البلد لصالح بلدهم بدليل عدم وجود أرقام تشير إلى نسبة نمو وارتفاع مؤشر المداخيل،
لذلك حري بالمسؤولين عدم الضحك على الدقون بإيهام الناس بصحة القطاع ونجاعة استراتيجيته عبر التوقيع عن اتفاقيات مع بائعي السفر لا تضيف إلا ثقلا على كاهل الميزانيات المخصصة للإنعاش السياحي .

لقد آن الأوان لإعادة النظر في نموذج العمل الاستراتيجي لسياحتنا وأصبح ضروريا بل حتميا مواجهة الحقيقة المخيبة للآمال، وهو أن قطاع السياحة ليس بخير مادامت سطوة أدبيات التفكير هي نفسها رغم الرهان على المجال المعلوماتي والرقمي للترويج للوجهة المغربية. اليوم أصبح لزاما على المسؤولين الإقلاع عن الأهداف الرامية للزيادة في عدد السياحة وهي أساس استراتيجية 2010/2020.

وصلنا لتحقيق رقم ١١ مليون سائح 50 في المائة منهم من المغاربة القاطنين بالخارج بمجموع مداخيل ٧ مليار دولار، أليس من الأحسن التوجه لسياسة استراتيجية جديدة تعتمد إطارا جديدا ومعادلة أخرى تحقق فيها نسبة مضاعفة للمداخيل عِوَض الأعداد و تطور فيها النوعية على كل المستويات ( العنصر البشري /التموقع/المنتوج) عِوَض العدد والأرقام؟

أليس من الأجدر إعادة النظر في أهدافنا للوصول إلى استراتيجية تمكننا من تحقيق عدد 10 ملايين سائح خارجي (لا يشمل المغاربة القاطنين بالخارج) بنسبة دخل متوسط للفرد يصل إلى 1200 دولار عوض نسبة 600 دولار المسجلة حاليا وعائدات بمعدل 120 مليار درهم عوض 70 مليار درهم مليون سائح لأن الحقيقة تقول بأن فرص الشغل تحققها العائدات وليس عدد السياح؟

فليستسغ المسؤولون هذه الحقيقة ويقلعوا عن التباهي الفارغ بالأرقام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *