منتدى العمق

استقالة العماري.. كلام لا بد منه

من الطبيعي جدا أن يُقدم شخص على طلب الاستقالة من منصب مهما بلغت درجة أهميته مبرزا والغاية من ذلك، بل الواجب الأخلاقي يفرض تقديمها في حالة الفشل أو العجز. لكن في بلد مثل المغرب يصعب تقديم الاستقالة، بل يصعب معرفة حيثيات تقديمها إن حدث، لاسيما أن مفهوم الاستقالة في معجمنا يعني كل شيء إلا مفهوم الاستقالة الحقيقي.

لذا، خبر استقالة إلياس العماري رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة من مهامه كرئيس للجهة من المنطقي إثارة كل هذا النقاش الملاحظ، خصوصا أن الرأي العام تائه بين تصديق الخبر من تكذيبه، لأن كل ما يصلنا عبر المواقع الاخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي لا يستند على أي أساس سوى استعمال الجملة المشهورة “وفقا لمصادر مقربة أو موثوقة”. كل هذا يرجح احتمال كل السيناريوهات إلا تقديم الاستقالة بشكل رسمي، خصوصا أن المعني بالأمر أصبح من المختفين الذين وجب في حقهم إصدار خبر الاختفاء أو مذكرة بحث.

إن عالم السياسة مهما كان شائكا، تبقى محاولة فهمه أمر ممكن في حالات كثيرة، بل توقعات خبراء السياسة تكون أقرب إلى الصواب بشكل أو بآخر، بل إن كان مخالفة الصواب من خبير معتمد أو أكثر لا ينفي استدراكه من آخرين وفي أغلب الحالات. لكن في المغرب يمكن الجزم بعدم فهم الخريطة السياسية لسبب وحيد وأوحد يتجلى في انعدام السياسة أصلا، ويكفينا من الشواهد عدم التثبت من استقالة العماري بعد ثلاثة أيام من إشاعة الخبر لما لرئاسة مجلس الجهة من أهمية، خصوصا ان الجهة المعنية هي جهة طنجة تطوان الحسيمة.

إن استقالة سياسي من العيار الثقيل – بشهادة أعدائه قبل أصدقائه – من منصب مهم جدا دون تأكيد خبر الاستقالة من الجهات الرسمية أو المعني بالأمر مع تقديم الأسباب الموضوعية، يضرب كل المحاولات التي تسعى إلى خلق جو من الإحساس بالمسؤولية والذي يرسخ في ذهن المتتبع تفاهة المشهد السياسي رغم كل الشعارات المعلنة، بل تجعلنا نؤمن أن المواطن الناخب وغير الناخب لا يرقى مستواه في نظرهم حتى الركون في الهامش، وأن الحق في الوصول للمعلومة لا أساس له من الصحة.

إن الحديث عن الاستقالة من الناحية المنهجية لا يصح، بل وجب الكف عنه إلى غاية التثبت حتى لا نكون ممن يساهم في صناعة التفاهة السياسية ونسيان مناقشة المشاكل التي يتخبط فيها الصغير والكبير في بلدنا الحبيب. بل وجب التذكير أن استقالة العماري لا تقبل كل هذا الغموض والتستر من جميع الأطراف المعنية والمسؤولة عن تأكيد الخبر أو نفيه، وإلا جاز القول بل الدعوة إلى تسفيه كل المنظمات الرسمية وغير الرسمية لأنها لا تعني في ميزان السياسة شيء ولا يعتمد عليها في صناعة القرار، وأن صوت الناخب ما هو إلا وسيلة تأثيث المشهد السياسي ولا اعتبار له بعد انتهاء المسرحية الانتخابية.

ختاما، نقول: إن رفع الشعارات والإصرار على رفعها بعد اليوم بخصوص الجهوية أصبح أمر يبعث عن الاشمئزاز، بل أصبح تصديق ذلك من الغباء بالدرجة الأولى، لأن الواقع كشف زيف الشعارات وأن منصب رئيس مجلس الجهة لا اعتبار له حيث وجوده أو إعلان الاستقالة منه لا يغير في الأمر شيء، بينما في الدول المتقدمة غياب المسؤول ليوم دون سبب يحرك فعل المحاسبة ويؤثر في عالم السياسة والمال وغيره من المجالات.

* يفاعل جمعوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *