وجهة نظر

أوقفوا استهتار وزير حقوق الإنسان بمصالح الوطن

بمجرد انتهائي من ليلة فلسفية منظمة بكلية العلوم بالرباط من قبل المعهد الثقافي الفرنسي حول موضوع التقاسم والتشارك كجسر حتمي نحو الارتقاء بالمجتمع والإنسانية، ،وذلك بمشاركة ثلة من الفلاسفة المغاربة والفرنسين في حوار فكري حضاري طبعه الرقي والاحترام، وصلني خبر كالصاعقة قرأته على صفحات بعض المواقع، مفاده أن عضوا في الحكومة المغربية، هو وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان، صرح خلال رده على تعقيبات النواب البرلمانيين بخصوص مسألة الحريات الفردية، أثناء مناقشة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مساء الجمعة أن “فرنسا هي الوجه الآخر لطالبان”.

الوزير الذي ألف جلسات وخطابات الشيوخ المتطرفين من قبيل المغراوي والذي دأب على التهجم بكل صفاقة وهنجعية على كل من يخالف ايديولوجيته المتطرفة التي لا تعترف بالاختلاف ولا بالحرية، الوزير الذي سبق له ان اتهم السياح بانهم يأتون لمراكش من اجل ممارسة المعاصي، وما يمكن ان يستتبعه هذا الوصف من خطر على سلامتهم(…)، هذا الوزير، وهروبا من النقاش القانوني حول توصيات المجلس الوطني لحقوق الانسان، يتمادى في خطه المتطرف مهاجما الدولة التي تعد أول شريك اقتصادي والداعم الدائم للمغرب في ملف القضية الوطنية الأولى/قضية الصحراء، ضاربا بذلك عرض الحائط أبسط الأعراف الديبلوماسية، ليكشف عن جهله المطبق بالقانون الفرنسي الذي يمنع جميع الرموز الدينية في المدارس بدون تمييز كما يمنع كل لباس يخفي الوجه لأسباب أمنية بحتة، وهو خلاف ما صرح به الوزير الذي ردد خطابا شعبويا مزورا للحقائق مفاده عداء فرنسا للحجاب الاسلاموي. ففرنسا الثورة والانوار والحرية والمساواة والإخاء والتي أصبحت ملجأ للكثير من أعضاء حزب الوزير لممارسة حرياتهم الفردية، لا يمكن أن تتلقى دروسا من قبل المتطرفين في مجال الحريات الفردية.

لهذا نتساءل بحرقة: هل وصل الاستهتار بمصالح الوطن العليا إلى هذا الحد؟ كيف يسمح لوزير اقسم على الحفاظ على مصالح الوطن ان يصرح بكلام خطير كهذا ؟ هل استحضر هذا الوزير كيف سيتلقى الشعب الفرنسي هذه الاتهامات الخطيرة وهو الذي اكتوى مرات عديدة بنيران الإرهاب ، الشعب الفرنسي الذي قدم ويقدم تضحيات جسام لمواجهة داعش واخواتها رغم التهديدات؟ ما رأي النيابة العامة في هذه الواقعة، الا تشكل تحريضا على الكراهية من خلال تشبيه دولة صديقة بمنظمة إرهابية؟

أمام هذا العبث الذي يتحمل مسؤوليته رئيس الحكومة وجميع الأحزاب المكونة لها والتي التزمت وتلتزم الصمت على خرجات الوزير المتكررة المستهترة بالتزامات المغرب في مجال الحريات الفردية ربما حفاظا على مصالحها الضيقة، امام هذا الاستهتار الذي يستدعي المحاسبة ليس لنا الا ان نصرخ بمرارة وبأعلى صوتنا: أوقفوا هذا العبث بمصالح الوطن، قبل ان يصبح رهينة لاخطبوط الحركات المتطرفة.

* فاعل جمعوي / خريج المدرسة الوطنية للإدارة بفرنسا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *