وجهة نظر

الأحزاب السياسية بين مطرقة التقليدانية وسندان الثورة الرقمية

إذا كان مفهوم السياسة بصيغتها الإيجابية هي فن الممكن بآمتياز، والبحث عن آفاق جديدة تستجيب لآنتظارات جماهير المنتسبين والمتعاطفين، ومن ثمة كان لا خيار لكل الأطياف السياسية المغربية إلا أن تنخرط في كل مرحلة تاريخية وتتفاعل مع انتظارات صوت الشارع ، وهذا حال جميع الأحزاب العالمية التي تعرضت لتقزيمات في ظل المرحلة الجديدة، مرحلة العولمة الكاسحة والمدمرة للبنيات الاجتماعية حتى كادت أن تزعزع في أحيان كثيرة مفهوم الفاعل السياسي وخاصة بعد بروز الثورة الرقمية التي ألهت الناس ودخلت البيوت وخلخلت المفاهيم السابقة بل كادت أن تشكك في القيم والإيديولوجيات الحزبية، إذ أن كل شيء تغير في ظل هذا الزحف العنكبوتي ومعها تقلص دور الأحزاب في ظل هذه الموجة الكاسحة التي أحدثت تأثيرا سلبيا على العمل السياسي النبيل والجاد وقلصت من العمل الحزبي .

وهذا ما خلص إليه تقرير المجلس الآقتصادي الآجتماعي والبيئ لسنة 2018 , الذي قدم مؤشرات دالة،و قارب الموضوع من زاوية دور شبكات التواصل الآجتماعي و تأثيرها العميق على الحياة الآقتصادية والآجتماعية والسياسية وحذر من الآستياء الشعبي المتنامي و دعا فيه الأحزاب إلى تغيير نفسها، إن على مستوى الخطاب والتنظيم أو الهيكلة أو بنية الأعضاء تماشيا مع جيل الثورة الرقمية.

وأمام هذا المعطى بات لزاما على الأحزاب المغربية، أن تستوعب هذه الثورة الرقمية وتوظيف خدماتها في مشروعها التنظيمي والتأطيري والتثقيفي والسياسي، إسوة بالأحزاب العالمية الأوروبية والأمريكية التي استفادت من خدمات العولمة في هذا المجال، لاتدبير العمل الحزبي والتنظيمي اليومي بطرق تقليدية متجاوزة في الوقت الذي أضحى فيه آستعمال التكنولوجيات الرقمية جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية ( الفايسبوك- التويتر – الوتساب…) .

الكل اليوم يجمع أن الثورة الرقمية اليوم أكثر فعالية ونجاعة في التواصل، بل هي الطريقة المثلى التي تنسجم مع منطق العمل الحزبي الجديد الملائم لهذه المرحلة، خاصة أن الاتصال والتواصل عنصران أساسيان وحاسمان في النضال ولذلك على كل القوى السياسية أن تنخرط في هذه الثورة الفاعلة والمؤثرة التي للأسف تأخرت في استعمالها في عملها السياسي والتنظيمي الجديد ، من أجل البقاء والتواصل والتفاعل والاتصال بالمنخرطين، عبر البوابات الإلكترونية،و خلق فضاءات افتراضية على الأنترنيت، و تشبيك الاتصالات مع المنخرطين والمتعاطفين عبر الفايسبوك والواتساب والتويتر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *