وجهة نظر

ديربي المغرب الأول: انتصرنا رياضيا فمتى ننتصر سياسيا؟

لم نكن نشك في أن مقابلة إياب ثمن كأس العرب للأبطال ، بين قطبي الكرة المغربية الرجاء و الوداد ستوفي بوعدها ، و تعكس المستوى التقني الكبير الذي أخذت تشهده الكرة الوطنية على مستوى الأندية ، و لكننا لم نكن بكامل الموضوعية ، ننتظر هذا العرض الفني المدهش و الاستثنائي الذي تتبعناه في ليلة عجائبية هتشكوكية بالغة الرعب و المشاعر المتضاربة . إنها ليلة فريدة ستُرسم بحروفٍ من ذهب في سجل الرياضة الوطنية و العالمية . صحيح انتهى هذا النزال الكروي العاصف بخروج وداد الأمة من المنافسة على الكأس ، و مرور الرجاء العالمي إلى دور ربع النهائي ، لكن في الحقيقة هذه النتيجة لا تعنيني إطلاقا ، إذ الفوز و الهزيمة من مستلزمات المنافسات الرياضية ، و من أبجديات الحقيقة الكروية الثابتة فيوم لك و يوم عليك . لكن ما أثار انتباهي و حدا بي إلى كتابة هذه السطور ، رغم أنني كنت بصدد الانتهاء من مقال ثقافي مختلف ، هو الإطار الجمالي المثير و الأخاذ لهذا المنجز الرياضي غير المسبوق .

لأول مرة في تاريخ الكرة العالمية حسب رأينا المتواضع تساهم الجماهير المساندة في تجسيد الفُرجة الاحتفالية رفيعة المستوى ، عبر شعارات و أغاني و لوحات / تيفوات ثلاثية الأبعاد و في أكثر من مناسبة في مقابلة واحدة ! و لأول مرة و ربما بعد عقدين من الزمن ، نشاهد أداء تقنيا بديعا في ديبربي البيضاء، إيقاع مرتفع و هجومات متوالية من كلا الطرفين و رغبة في تحقيق التفوق نتيجة و أداء ، و انسجام بين الخطوط الثلاثة و لمسات فنية مبدعة ، تتسلل من بين أقدام لاعبين أبانوا عن مهارات تستحق كل التنويه و الإشادة . إننا بحق أمام مواجهة نارية لا تقل إطلاقا عما نشاهده أحيانا كثيرة في أشهر الملاعب العالمية ، فمن النادر جدا أن نستمتع بثماني أهداف مشروعة و في منتهى الروعة في دربي عالمي ، وأمام أنظار الملايين من المشاهدين داخل أرض الوطن و خارجه . فما هي أبرز الرسائل و الدروس التي يمكن أن نستخلصها من هذه الموقعة الكروية الوطنية المفصلية ؟

⃝الرياضة المغربية بخير مادامت بأيدي خبراء وطنيين و مسؤولين مناسبين في المكان المناسب . ⃝الرياضة المغربية حافلة بالمواهب و أصحاب القدرات الخارقة من بناتنا و أبنائنا الرائعين ، الذين يحتاجون فقط إلى العناية و الشروط الملائمة ، الكفيلة بجعلهم يلمعون في سماء الإبداع العالمي . ⃝الأطر التقنية الوطنية وحدها القادرة على فك شفرات اللاعب الوطني ، و إدراك تطلعاته و إمكانياته غير المحدودة في العطاء و السخاء . ⃝الجماهير الرياضية المغربية مستعدة للتميز على المستوى الكوني فيما يخص صناعة المشاهد الاحتفالية العظيمة القادمة من الكوكب الآخر .

هنيئا للنادييْن الوطنييْن العملاقين على أدائهما الرياضي المدهش ، و على روحهما الرياضية السامية ، و على قدرتهما على الاستدلال و البرهنة على أن الإنسان المغربي قادرعلى بلورة العجائب إذا احترمت مهاراته و فنياته و قدراته … ليس فقط في ميدان الرياضة ، بل و أيضا في مضمار الثقافة و الاقتصاد و الفنون و العلوم و السياسة و .. ما أدرك ما السياسة !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *