أدب وفنون

“المغرب مستنقع المحتل”.. مؤلف يحكي قصة تحول المغرب لمقبرة البرتغال

صدر حديثا للأستاذ مبارك فوقص مؤلف جديد بعنوان” المغرب “مستنقع ” المحتل: تصفية الاحتلال البرتغالي بحصن سانتاكروز (أكادير) وأحوازه ما بين 1505 – 1541م، نموذجا.

وصدر الكتاب، وهو من القطع المتوسط ويقع في 175 صفحة، عن مطبعة دار الامان بالرباط في شهر اكتوبر سنة 2019، ويعد بمثابة دراسة ميكرو تاريخية لمجال ساحل سوس الأوسط خلال النصف الاول من القرن 16م، الذي كان له دور في تجديد كيان الدولة الحديثة بالمغرب.

وحاول المؤلف من خلاله إبراز الدور الذي لعبه المجال في قيام دولة السعديين، والتي تنقلت عاصمتها ما بين قرية أجلجال وسهل انزا ثم تارودانت، موازاة مع تنقلات محمد الشيخ السعدي.

وتطلب النبش في هذه الذاكرة، من الباحث مدة 6 سنوات قضاها بين البحث المكتبي، على الوثائق والمراجع والمصادر من مختلف اللغات، كما اعتمد على التحري الميداني لمقابلة ظاهر النصوص المكتوبة، بالواقع الذي كان مسرحا للأحداث.

ووضع الباحث إشكالية لبحثه، تساءل من خلالها عن عوامل استعصاء استرجاع حصن سانتاكروز البرتغالي، مدة 36 عاما على جحافل جيوش المجاهدين، هذا رغم قلة عدد أفراد الحامية البرتغالية المرابطة فيه.

وقسم الباحث مؤلفه إلى فصلين كبيرين بغية معالجة إشكالية بحثه، فخصص الفصل الأول لدراسة جغرافية السطح، للوقوف عند خطة الحرب الدفاعية التي اعتمدها البرتغاليون، و الخطة الهجومية التي وظفها القادة السعديون.

من جهة أخرى حاول الوقوف عند اهمية الموارد في المجال، التي ساعدت على الانتصار على أعتى قوة استعمارية حينئذ، وبالتالي في قيام وانطلاق دولة السعديين، خاصة وأن المجال كان خزانا بشريا على خلاف أماكن أخرى من المغرب، عانت من ويلاث الجوع والأوبئة، فشكل بذلك استثناء، إن على المستوى الديموغرافي، أو على مستوى موارده الاقتصادية و الثقافية أيضا، وكلها أهلت الملك محمد الشيخ إلى توحيد المغرب في ظرف 9 سنوات، بل والانطلاق لضم بلاد السودان الغربي.

أما الفصل الثاني، المخصص لأحداث التاريخ، فتناول الإطار العام لاحتلال البرتغاليين لسواحل المغرب، خصوصا سواحل سوس الذي شهدت حراكا تداخلت فيه عناصر متعددة و متكاملة لتوقع بالمحتل البرتغالي، ولتكون أرض المغرب أول ميدان اندحرت فيه مملكة البرتغال.

وسجل الكاتب نماذج لتلك الهزائم سنوات: 1525م، ثم 1529م و1541م، قبل حدوث الضربة القاضية التي جعلت مملكة البرتغال تختفي من الخريطة الأوربية والعالمية مدة 60 سنة تقريبا، ولتشكل أرض المغرب بذلك “مستنقعا”، إن لم يكن مقبرة لكل ناقم على البلاد وشعبها، سواء في القديم أو في الفترة الحديثة من ذلك انتكاسة الاسبان ثم الفرنسيين، وفي الوقت الراهن أعداء الوحدة الترابية بالأقاليم الصحراوية.

ولعل ما يكسب الكتاب قيمة علمية فريدة، فضلا عن تقديمه أحداثا تاريخية لأول مرة وكشفه لهوية المؤلف البرتغالي المجهول بعد 500 سنة من العتمة.

يقدم الكتاب إضافة تمثلت في إحصاء 13 موقعا تاريخيا بالمجال المدروس، تتطلب الدراسة و العناية و الترميم، باعتبارها تراثا لا ماديا إنسانيا؛ كما أن الكتاب هو بمثابة خارطة طريق لمختلف المتدخلين لتنمية المناطق القروية الخلفية الهامشية، لاستغلال موروثها الثقافي، بشكل يمكن من وضع أسس تنمية سليمة، تستغل مختلف موارد المجال، بشكل يختصر الوقت الوقت و الجهد، و يقدم نتائج مرضية تحمي الشباب فوق 15 سنة من الاقصاء و الوقوع في الأسوء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *