وجهة نظر

مول الحانوت: مصير المشعل في مسار الثقة…

إن تشَبّعنا بقيم المؤازرة والتضامن التي اكتسبناها من العمل الجمعوي المبني أساسا على العطاء والتّطوع ونكران الذات، خاصة في ما يتعلق بالإستماع والإصغاء لهموم المواطنين وتطلعاتهم، وما تعوّدنا عليه من خدمة لقضاياهم من خلال العمل الميداني، ومن خلال مهنتنا -تجارة القرب- التي تعتبر إحدى قنوات القرب من المواطنين زبناء ومستطلعين ومزاولين، لا يمكن إلا أن تكون على رأس الأسباب التي دفعتنا للمساهمة في توسيع النقاش حول قضايانا الأساسية، وكلنا إيمان أنّ استمرارنا مرتبط بتكثلنا كالجسد الواحد.

إنّ المرحلة المهمة التي يمرّ منها المغرب أو النقلة النوعية التي يكافح من أجل إنجازها، ينبغي أن نكون فَعّالين وفاعلين في قلب جاذبيتها، بما نحمله من جينات المواطنة الصادقة، وبما نملكه من صراحة للتعبير عن تطلعاتنا، بهدف تحدي كل الصعاب التي تعترض تقدمنا، وذلك من أجل تحقيق النجاح والتفوق، كما يجب أن لا نفوّت فرصة التِقاط إشارات النموذج التنموي الجديد، التي ينبغي أيضا أن تُجسّد كمُحَفّز الرغبةَ في أن نكون ضمن الفاعلين في تحقيق التطور المنشود بإرادة قوية.

الأكيد أن قصّتي مع “مول الحانوت” قصّة طويلة، من أجل سرد تفاصيلها تحتاج إلى عُمرٍ قضَيتُه بين شِعابها تجاوزَ ثلاثة عقود، وهذا موضوع آخر لن أتعمّق فيه، سيّما وأنّ مجرّد سماع إسم “مول الحانوت” الذي اكتسحَ مؤسّسات كثيرة، وردّدَت صداهُ ردهاتُ البرلمان، ونطقَ به مختلف المسؤولين، وتبنّى معاناته فنّانون وإعلاميّون كبار. أيّ نعم، مجرّد سماعه أصبح يصيب الكثير من الأغبياء بالصّداع والهستيريا، وعليه فموضوع اليوم سأخصّصه لمكالمة هاتفيّة تلقّيتُها من السّيد (إب-أز) واحدٌ من قيدومي القطاع مشكورا، اقترحَ عليّ ضمنها أن أروّج لفكرة تتلخّصُ في توجيه إهتمام الحكومة ورجالات الدّولة نحو أبناء التّجّار من حاملي الشّواهد والدّيبلومات، الذين تقطّعت بهم السّبل، وانسَدّت في وجوههم الآفاق، لتهييئهم بشتّى الوسائل المتاحة، حتّى يكونوا خير خلف لخير سلف. من جهة سيساعدون الآباء على مواصلة حُلُمهم بمشاريعهم التي بَنَوها في زمن مضى، ولا يتحمّلون رؤيتها تنهار وفلذات أكبادهم أمام أعيُنهم، ومن جهة أخرى يُحَبّبون هذا الجيل في قطاع حَيوي يمُرّ بعُسر عابر!! بالكاد يحتاج إلى مسؤولين نُجَباء، يجيدون قراءة الواقع بلغة علميّة صريحة وثاقبة، تحفظُ المشعل متوهّجا يُنير مسار الثّقة.

ولأجل مقايضة الحجّة بالحجّة نزلنا كما العادة إلى الميدان، لنصوغ منه نموذجا صارخا، يوَثّق لمسار ثقة مُمتَدّ! سَلكهُ الشّاب السّي محمّد كروان، بعد أن تسلّم المشعل بتمارة من أخيه الأكبر السّي ابراهيم في الرّباط، الذي تسلّمَه بدوره من الوالد السّي عبدالله في الدّار البيضاء، وهلمّ جرّا، فروعا وجُذورا. فهل يا تُرى نجد الآذان الصّاغية والأيادي الممدودة من حكومتنا ونوّابنا وحُكَمائنا، خشية أن يصير “مول الحانوت” مجرّد دورٍ في مشهد تراجيدي، تعاقَبَت وتتعاقبُ عليه وجوهٌ لعبَ بها الزّمن أكثر من ما تلاعَبَت بها الظّروف؟

الحلّ إذن يكمن في توفير تكوينات ملائمة لسوق شغل قائم بذاته، ومواكبَتها بمخطّط عمل، تتَحققُ بتنفيذه المطالب المُلحّة المتعلقة بتقنين قطاع تجارة القرب، حفاظا على التوازنات المكتسبة، وبالتالي وضع حدّ من عمق الجُرح لنزيف الإفلاس الذي يهدّد المقاولات، كما كشفت عن ذلك نتائج دراسات ميدانية. بالنهاية لا غاية في المتناول دون اكتساب المناعة من داخل الجسم بأعضاء الجسم نفسه، أصولا ونسلا، ثم بعد ذلك مرحبا بالإستنساخ، ولكن في إطار القانون!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *