منتدى العمق

“مافيا الحب”.. أو عندما يحتفل المغاربة بالعناق

غريب أمر هذا العالم ،تقابلهم بالحب  فيقومون بنشل جيوبك بما فيها من دراهم واوراق تهمك ؛حدث هذا العمل يوم السبت صباحا ؛كعادتي اتجه نحو السوق اﻷسبوعي البعيد عن مدينة الرباط ببضع كيلومترات ؛طبعا كان هذا اليوم ينذر بالتشاؤم منذ ركوبي لحافلة النقل الحضري ؛انتظرت الحافلة لمدة ساعة ونصف ؛مللت اﻹنتظار ؛لكن بغثة آتت محملة بالناس من كل فج في هذه المدينة ؛ركبت كباقي الناس في جو مزدحم مليء باﻷنفاس البشرية ؛كأنه يوم البعث ؛ﻵ ادري ماالذي يقع علينا نحن المغاربة من بﻵء من سبنا وتمنى لنا هذا اﻹزحام الشديد ! ازدحام في الشوارع ؛في المدارس ؛في الحافﻵت ؛اقتنعت للمرة اﻷخيرة إننا شعب نعشق رائحة بعضنا البعض !

بعد مدة طويلة وصلت إلى المراد ؛وصلت وأنا غارق بروائح ركاب هذه الحافلة البائسة ؛وصلت وروائح البشر تخرج من يدي ؛من بين فخدي ؛من يدي اليسرى ورجلي اليمنى ؛وصلت باب السوق تقيئت الروائح كلها ؛تركت فقط رائحتي الخاصة المكونة من بعض من  ماء الورد الذي جلبته من مدينة الورود قلعة مكونة ؛اﻷهم من ذلك وانا امر بين بائعي المﻵبس القديمة و اطباء  زماننا الذين يملئون طرقات وابواب السوق ليبعون لك المرض وليس الدواء ؛ادوية النحس ؛القذف السريع .. ؛بغثة صادفت صديق لي عبد العزيز ؛طبعا عزيز على القلب وقريب له صديق منذ الطفولة ؛تحدثنا قليﻵ ومشينا كثيرا ؛لم نترك شبرا لم تطئه ارجلنا في اﻷخير ؛انتهى لقائنا بكأس من الشاي الحار أعده صاحب مقهى معروف في هذه المنطقة ؛أحببت كأسه الحار واللذيذ مع شعيرات من الزعفران الذي أضفى عليه مذاقا ولونا جميﻵ ؛غادر عبد العزيز وتركني مع الباعة والجزارين ؛غادر عبد العزيز وتركني وحيدا ؛كعسكري متخلى عنه في حرب طاحنة !

اقرا شعر محمود درويش ؛أنا أيضا ﻻ شيء يعجبني يا صديقي ؛مررت قرب بائع الدراجات الهوائية ؛وخطاي تردد سأقطع هذا الطريق الطويل ؛الطويل ؛ووجنتي تردد أيضا هذا البحر لي !؛في لحظة ازدحام شديد أمام بائع النعناع ؛دفعني احدهم لم أكثرت تفاديته ؛لم انظر لﻷرى من قام بذلك ؛ظننت ان اﻷمر عاديا ؛فالكل يأخذ طريقه وﻵ يلتفت احد لﻷحد أخر ؛الكل يفكر في المعيشي ؛الخبز وقوالب السكر التي ذوبت عظامنا ؛إنها الحياة عند المغاربة !تفاديته نظرت لصدره فإذا به يحضنني ؛قلت له “سمح ليا خويا “باللهجة المغربية ؛لم يتحدث فقط حضنني ؛أيعقل أن صديقا غائبا هذا الذي يحضنني ؛لم انظر لعينينه لأتبين مﻵمحه ؛كل هذا حدث بغثة وبالصدفة ؛أيمكن أن يكون هذا الشخص قد اخطأ في شخصي ؛ربما تشابهت له مع شخص اخر ؛رددت بيتا شعريا لمحمود درويش يقول فيه :أجمل ما في الصدفة أنها خالية من اﻹنتظار !

حواسي كلها جامدة ؛لم أتمكن من معرفته وﻵ النظر فيه ؛لم استطيع استنشاق رائحته ؛لم اتمكن ايضا من النظر في بؤبؤ عينيه ؛فقط اﻷمر كله حدث بغثة وفي رمشة عين ؛بدلته الحضن قبلني على وجنتي وقبلته أيضا ؛حضنته أمام الكل ؛لم أتفوه بكلمة اتجاهه سوى لفظ “سمحي ليا خويا ” هو كذلك لم ينطق بشيء ؛بعد رمشة عين تركني  ؛حاول ان يبعدني لكنني لم اتركه ؛خلته في تلك اللحظة احد المرضى ؛او غريبا ؛او صديق لم أتذكره ؛خفت أن أضيع عنه هذه اللحظة ؛تمسكت به كخيط عنكبوت عالق في غرفة ضيقة ؛دفعني ؛التقطت تنهيدة جراء هذه الصدفة اللعينة ؛في لحظة انسل بين الناس وأمام بائعي النعناع انصرف ﻵهثا ؛إلهي !ما الذي قمت به ؛ليتركني هكذا دون كلمة واحدة ؛ربما لم تعجبه رائحتي ؛او انه مل مني ؛انسل  كصديقي عبد العزيز الذي التقيته صباحا ؛ترك لي وجوه بائعي الخضر وحداد يرتدي جلبابا صوفية ..

لم انتبه لكل هذا يا إلهي !وإذا بي وأنا اخطوا خطوة إلى اﻷمام تذكرت هاتفي وبعض الدريهمات التي وضعتها في جيب سروال الجينز ؛لم أجد شيءا يا إلهي ؛أيعقل أن يحدث لي كل هذا ؛تركت حضني للجميع ؛بادلت الكل بالحب ؛لم احصل على شيء من كل هذا :

سأنظر دائما لﻷسفل
لكي ﻵ احضن أحدا
سأنظر دائما لقدمي
لكي ﻵ اقبل أحدا
خوفا من مافيا الحب
في زمن قطاع طرق الحب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *