وجهة نظر

عقدة المسلمين من “الهولوكوست”

إن الحساسية الشديدة للعرب والمسلمين اتجاه قضية الهولوكوست، والإصرار الغريب على التشكيك في مصداقية هذه الواقعة، يجعل المتتبع – غير الملم- يظن أن الهلوكوست هو قضية مرتبطة بالصراع العربي الإسرائيلي، أو أنها واقعة تؤرخ لمجزرة – مزعومة- ارتكبها المسلمون في حق اليهود..

لكن عندما نعود لتعريف الهولكوست نجد أنها ” كلمة يونانية تعني (( محرقة الكل)) وهي إبادة جماعية وقعت خلال الحرب العالمية الثانية قُتِل فيها ما يقرب من ستة ملايين يهودي أوروبي على يد النظام النازي لأدولف هتلر والمتعاونين معه.

يستخدم بعض المؤرخين تعريف الهولوكوست لدلالة أيضا على الخمس ملايين إنسان الإضافيين من غير اليهود الذين كانوا أيضاً من ضحايا القتل الجماعي للنظام النازي، ليصل المجموع الكلي إلى ما يقرب الأحد عشر مليون إنسان… وقد جرت عمليات القتل في جميع أنحاء ألمانيا النازية والمناطق المحتلة من قبل ألمانيا في أوروبا.

استهدف النظام النازي والمتواطئين معه اليهود وجرى قتلهم بطريقة منهجية في خضم الحرب العالمية الثانية خلال الفترة الممتدة من عام 1941 حتى 1945، في إحدى أكبر الإبادات الجماعية في التاريخ البشري، وكان اضطهاد وقتل اليهود جزءاً من مجموعة أوسع نطاقاً لأعمال الاضطهاد والقتل الممنهجة التي نفذها نظام هتلر والمتعاونون معه بحق العديد من المجموعات العرقية والسياسية المختلفة وتحديداً الإبادة الجماعية لشعب الغجر الروم والمعاقين والمعارضين السياسيين وغيرهم.

ورغم أن هناك العديد من المشكيكين في هذه الواقعة سواء من حيث وقوعها أصلا أو من حيث أعدادها، فإن الجميع يكاد يتقف على أن النظام النازي كان نظاما عنصريا تمييزيا، ينظر للأعراق الأخرى بأنها أقل منه شأنا، وأنه فعلا عمل على استغلال اليهود والمجر والبولانديين والسلاف وغيرهم كيد عاملة لتوفير حاجيات ألمانيا النازية خاصة في مجال التسلح، وكانوا يعتبرون الأفراد الذي يعجزون عن الإنتاج عبئا لا بد من التخلص منهم انسجاما مع النظرية التي جاء بها الطبيب الألماني في عام 1904 ” ألفريد بلويتز” القائمة على أساس تحسين النسل البشري والحد مما أسماه “المعاناة الإنسانية”.عن طريق “الرخصة للقضاء على الأحياء الذين لايستحقون الحياة”، وقد أخذ الألمان بهذه الرخصة لتخلص من كثير ممن اعتبروهم معيقين لتطور البشرية سواء من اليهود أو الشيوعيون أو المعاقين أو غيرهم..

لكن ما علاقة العرب والمسلمين بكل هذا؟

في هذه الحقبة التاريخية لم يختلف وضع العرب والمسلمين عن اليهود الأوروبيين فأغلبه كان قابع تحت الاستعمار الغربي الذي لم تكن نظرته لدول العالم الثالث ومنه الدول العربية والإسلامية تختلف عن نظرة هتلر لليهود .. ولعل المجازر التي ارتكبها الفرنسيون والإسبان والانجليز بكل من دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط خير دليل على هذه الحقيقة.

إن الهولكوست حدث يؤرخ لعنصرية الغرب ودمويته اتجاه الشعوب الأخرى، والغرب نفسه اعترف بهذه الدموية نتيجة ضغط اليهود وقوة تنظيمهم، فإلى متى سيظل العرب والمسلمون منشغلين بتبرئة الغرب من الهولكوست، بدل عملهم على كسب اعتراف حقيقي بمجازر الغرب في حقهم؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *