منتدى العمق

متدينون بالنوايا

إذا كانتِ الأعمالُ بالنِّيات…فأنا بطل

وإذا كانتِ الأعمالُ بالأعمال…فأنا جبان…!

تذكَّرتُ هاته المقولة لمحمود درويش وأنا أقرأُ استطلاعَ الرَّأيٍ الَّذي نشرتهُ مؤخَّراً مجلَّة ليكونوميست ظهر فيه أنَّ 88% من المغاربة يرفضونَ العلاقاتَ الجنسيَّة خارجَ مؤسَّسةِ الزَّواج.

نفس المجلَّة نشرت في 2006 استطلاعا للرَّأي، مع عيِّنةٍ منَ الشَّباب، كانت نتيجته أنَّ 86% من الذُّكور ،مارسوا أوَّلَ علاقة جنسية لهم قبل الزَّواج.
إيوا أجي تفهم شيزوفرينيا القيم هاته…!

هل نحن أمام شعبين أم شعب واحد؟

من هم هؤلاء الذين يرفضون ومن يقوم بالفعل المرفوض؟

أم أنَّ الرفض كان رفض نيَّةٍ فقط!

في كلِّ الاستطلاعات الخاصَّة بمُستوى التديُّن، احتلَّ المغرب دائما المراكز الخمسة الأولى، كأكثرِ الشُّعوب تديُّناً في العالم.

تقرير “التَّنمية الإنسانية العربية” سيكشفُ سنة 2016 ،أن المغاربة هم أكثر شعوب منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط تديُّناً..

والحقيقة أن المساجد تنتشر في كلِّ أنحاء المغرب، ومدنه وقراه ومداشره..وبين كل مسجد ومسجد يُبنى مسجداً..

وكلُّ المساجد تمتلئ بالمصلِّين حدَّ الصَّلاة في المحيط الخارجي للمسجد،وإغلاق الطُّرقات العامَّة.

كلُّ المساحات الخضراء، وفضاءات اللعب والتَّرفيه، هي مشاريع لمساجد في المستقبل…!

ولو حدثَ ووجدت مكانا للصَّلاة، خلف بعض الأصوات النديَّة كالعيون الكوشي أو عمر القزابري، فإنَّ الغالبيَّة تغادر بعينين متورِّمتين، وخشوعٍ يكاد يصل حدَّ الإعراض عن الكلام خشية الزَّلل.. سويعات قليلة، وتعود ريما إلى عادتها القديمة!

نفس الباكين خشوعا قد يتشاجرون في موقف السيارات حين التسابق للمغادرة، غير بعيد عن المسجد!

نحن متشبِّثون بالشق العقائدي من الدين.. فقط!

مجتمع محافظ في مظهره وكلامه…ونواياه!

انَّنا أبطال النوايا.. والسلوك المزدوج، لأنَّ الطبيعي والمعقول والمنسجم، هو أن تنتشر الفضيلة والصدق واحترام المواعيد وإتقان العمل، والنبل والبر والرفق، ونبذ العنف.
امَّا ونحن نعيش سكيزوفرينيا القيم، فإن تديُّننا يبقى تديُّن نوايا…!

وكأنَّنا نعيش في “جمهورية كأنَّ” التي تحدَّث عنها علاء الأسواني في رواية له تحمل نفس العنوان، يقول الأسواني:

يعيشون في جمهورية كأنَّ، يعيشون في مجموعة أكاذيب تبدو كلها كأنها حقيقة، يمارسون طقوس الدين فيبدون كأنهم متدينون، لكنهم في الحقيقة فاسدون…
كل شيء يبدو كأنه حقيقي..

لكنه كذب في كذب..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *