أخبار الساعة

“لغات السرد وأنساقه” موضوع مائدة علمية بمراكش

احتضن مقر جمعية النخيل بمراكش، السبت الماضي، مائدة علمية في موضوع: “لغات السرد وأنساقه: آفاق جديدة للبحث والتأويل” نظمها “مركز عطاء للبحث في اللغة وأنساق المعرفة” شارك فيها كل من الباحث الأكاديمي والقاص محمد زوهير، و الباحث الأكاديمي والمتخصص في التحليل النفسي حسن المودن، والباحث الأكاديمي والمتخصص في الأنساق السردية جمال بندحمان.

استُهلت المائدة العلمية التي أشرف على تسييرها محمد فتح الله مصباح بكلمة لمدير المركز هشام فتح، رحَّب فيها بالضيوف أساتذة وطلبة وباحثين، وأعرب عن شكره الخاص لجمعية “النخيل” الحاضنة للنشاط، ولكافة أعضاء مركز عطاء الذين أسهموا في تنظيم هذا اللقاء، مبرزا أهمية مثل هذه الأنشطة في تنمية البحث العلمي وتطويره في مجال اللغة وأنساق المعرفة، وأنّ افتتاحها بتيمة السرد افتتاحٌ استراتيجي؛ إذ الافتتاح الوجودي كان سرديا.

وبعد ذلك مهّدَ “فتح الله مصباح” للمائدة العلمية بطرح مجموعة من الأسئلة المتعلقة بلغات السرد وأنساقه من قبيل: ماذا نقصد بلغات السرد؟ وما هي أنساقه؟ وهل المقصود باللغات والأنساق تلك الشفرات الداخلية، وتلك الخطاطات العميقة والأنحاء الكونية التي تنبني عليها النصوص السردية في جميع اللغات والثقافات؟ أم أنّ المقصود بها تلك الحكايات البنيوية التي تشكل مضمون هذه النصوص، والتي انشغل بها التحليل النفسي في العصور الحديثة؟

ولأجل الإجابة عن هذه الأسئلة، التأمت محاور المائدة العلمية من محاور ثلاثة، عُني أولها بالأبعاد الدلالية للغات السرد، من حيث هي ممارسة كلامية شفهية مسموعة أو مكتوبة مرئية، وانكب ثانيها على دراسة الأنساق السردية من حيث الأجناس وأنماط المحكي، وانصرف ثالثها إلى تناول لغة السرد من حيث هي شفرة داخلية وخطاطة عميقة ونوع من نحو الخطاب.

ونبّه محمد زوهير في مداخلاته إلى أنَّ السردَ أنواع، وأنَّ لكل فئة اجتماعية طريقتها في السرد (سرد الحِرفيين، سرد الإعلاميين، سرد الشعراء …)، كما أوضح أن لكلِّ أمة تاريخها في السرد، وأنّ التاريخ ينبني على السرد؛ فهو حالة وجودية، والخطوة الأولى لدراسته هي إدراكُ كونه لصيقا بالتاريخ الإنساني، والوجود اليومي، والإيمان بتعدد لغاته.

أما حسن المودن، المتخصّص في التحليل النفسي، فتناول تيمة السرد من منظور المقاربة اللسانية البنيوية (السرديات الكلاسيكية) التي اهتمت بالبحث في السرد بصفة عامة، وبخاصية السردية فيها، ثم انتقل للحديث عنها من منظور لسانيات الكلام (سرديات ما بعد الكلاسيكية)، التي تميزت بتعدّد الأشكال السردية، وبالانفتاح على المجالات المعرفية الأخرى؛ مبينا أهمية التحليل النفسي في كشف بنيات بعض النماذج السردية؛ ومنبها إلى ضرورة التمييز بين مفهوميْ “السرديات” و”نقد السرديات”.

وفي نفس السياق، طرح جمال بندحمان مجموعة من الأسئلة المتعلقة بموضوع المائدة، من قبيل: هل السرد خصيصة حكائية؟ وما الذي يميز السرد: هل هو متنُه أم لغته؟ مبرزا بعض الإشكالات المنهجية المترتبة عن اعتبار السرد خصيصة حكائية، ومقدِّما إجابتين في الآن ذاته، إذ تستند أولاهما إلى التصور القديم الذي يقوم على الفصل بين الأجناس، فيما تندرج الإجابة الثانية ضمن التصور الجديد للنظرية الأجناسية القائمة على خاصية التداخل. كما أكدَّ فضيلته ضرورة تحديد لغة للسرد تكون ذات طبيعة كلية، ومؤهلة لدراسة الخطاب الإبداعي المشترك.

وقد تخللت هذه المداخلات مجموعة من النقاشات، والأسئلة، والملاحظات التي أغنت موضوع المائدة. ثم اختُتمت فعاليات النشاط بتسليم شواهد تقديرية للأساتذة المُحاضرين، والاحتفاء بضيف الشرف الدكتور مولاي المامون المريني، المتوَّج حديثا بوسام ملكي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *