مجتمع

بنكيران يذرف الدموع بجنازة بوغضن.. ويصرح: كنت أطلب منه أن يعلمني بعض الأشياء (فيديو)

شُيعت ظهر اليوم الخميس بمدينة تيزنيت، جنازة الطالب الباحث والكاتب أيوب بوغضن الذي توفي عن سن يناهز الـ24 عاما، بعدما قضى أسبوعين في حالة غيبوبة بقسم الإنعاش بمستشفى التخصصات إبن سينا بالرباط، إثر حادثة سير خطيرة تعرض لها.

الجنازة عرفت حضور رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران، والناطق الرسمي السابق باسم الحكومة مصطفى الخلفي، وإبراهيم بوغضن والد الطالب الراحل، وهو رئيس جماعة تيزنيت وبرلماني عن حزب العدالة والتنمية، إلى جانب أقارب وأصدقاء ومحبي أيوب الذين أتوا من عدة مدن.

المشيعون أدوا صلاة الجنازة على الراحل بمسجد السنة بتيزنيت، قبل أن ينطلقوا في موكب مهيب نحو مقبرة “الرحمة” بالمدينة ذاتها، فيما ذرف بنكيران الدموع إلى جانب والد الراحل أيوب بوغضن، أثناء إلقائه كلمة تأبينية في حق الطالب الباحث الذي أثار رحيله حزنا في نفوس محبيه.

وأيوب بوغضن هو باحث وكاتب ومحاضر رغم صغر سنه، حيث أصدر عدة كتب منها ”هموم تلميذ” سنة 2014 و”العمل الطلابي: تاريخ ومسار” سنة 2016، ثم ”تأملات” في عام 2017، وكان يحاضر بمجموعة من الندوات والملتقيات العلمية والأكاديمية خاصة بالجامعات، كما يداوم على كتابة مقالات بشكل مستمر.

“عالِم الشباب”

بنكيران اعتبر في كلمته أثناء مراسيم الدفن، أن هذه الجنازة لها خصوصية تميزها عن باقي الجنائز، نظرا لكون المتوفي “ليس شيخا هرما أخذ حقه من الدنيا وأخذت حقها منه، وليس مريضا ترجى الناس له الموت ليستريح ويستريحوا منه، إنما هو شاب في عنفوان شبابه لم يصل بعد الـ25 سنة”.

وقال بنكيران إن الراحل “كان في هذا العمر عالم الشباب وشاب العلماء، عاش كريما وبارا بوالديه”، مضيفا: “كان رجلا صغيرا لكن عالما حقيقيا لا يزال يسير في طريق العلم، وكان له التمييز ولا يبالي بخزعبلات المناصب والمكاسب، وكان عفيفا عن المال”.

وأضاف مخاطبا بوغضن من قبره: “حزينون جدا لأنك لم تكن شابا في مقتل العمر فقط، يرجى لك عمر طويل وأن تحقق منافع ومكاسب لنفسك ولأهلك وتأسس بيتا ويكون لك أولاد، بل لأنك أولا كنت رجلا مسلما ملتزما صالحا، ولم نسمع عندك مثقال ذرة من سوء”.

وشدد المتحدث على أن بوغضن كان من “العلماء الذين ترتجي الأمة خيرهم في التأليف بين أفرادها ومواطنيها وتياراتها، فقد كان يحبه ويعترف به المتدينون واليساريون، فكل من عاشره أعجب بهذا الشاب الذي لم يتجاوز 24 عاما وأصدر 6 كتب لم تكن عادية، فهي ممتلئة بمعاني العلم الصحيح والخير للمجتمع خاصة كتابه الأخير: تأملات”.

وأردف بالقول: “لقد أديت رسالتك، باركا عليك بلا ما تعذب معنا فهاذ الدنيا، لقد ذهبتَ عند الكريم وتركت لإخوانك معالم الصراط المستقيم بسلوكك وحياتك التي ستُدرَّس، فقد تركت دليلا على أن الشباب ليس بالضرورة أن يكونوا منشغلين باللهو والفساد، لذلك يجب أن يكون شباب الأمة مثلك”.

وتابع: “أعترف أمام العالم أنني كنت أطلب منك أن تعلمي وتوضح لي بعض الأشياء التي فاتتني أو لم يكن عندي الوقت لأطلع عليها بالشكل المطلوب، كنت أقول له ماذا يقول محمد عابد الجابري في مسألة ما، فيأتيني بأوراق مكتوبة في الموضوع، ثم عن العروي ويأتيني بخلاصات من ذاكرته، وهكذا”.

درس للمسؤولين

واعتبر بنكيران أن موت أيوب يجب أن يكون “درسا للشباب لكي يعرفوا أنه لا ضمانة لهم بأن يستمروا في الحياة إلى النهاية، بل يمكن أن يغادروها في أي لحظة، فقد ترك درسا للشباب لكي يجتهدوا ويخدموا وطنهم وأنفسهم وأهلهم، وترك درسا للكبار والشيوخ والمسؤولين ليراجعوا أنفسهم ويصححوا مواقفهم ومقامهم وعباداتهم وسلوكاتهم، وإن كانوا يقومون بشيء غير لائق في دين الله أن يبتعدوا عنه”.

وأشار الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، إلى أن قبر بوغضن “يستحق أن يكون مزارا لأنه كان رجلا صالحا”، مضيفا: “رحل بدون ذنب حسب ما نعلم، هكذا نحسبه عند الله ولا نزكيه على أحد، رحل بعدما بدأ مساره العلمي منذ سن الـ16 عاما، يقرأ ويكتب ويعطي المثال بسلوكه القويم، نتمنى أن يكون أبناء المسلمين مثله”.

وتابع قوله: “لو أردنا أن نحزن عليه حُق لنا ذلك لأنه شاب، ولكن ماذا نقول إذا كان الرسول قد توفي له 3 أولاد، ولم يبلغنا عنه أنه كان يزيد عن قول: إن العين تدمع وإن القلب يخشع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون”.

ووجه بنكيران رسالة إلى المشيعين بالقول: “لا تنتظروا حتى يأتي الموت، عليكم بمراجعة أموركم، فنحن مشغولون بالمال والجاه والسلطة والمناصب، لكن ليس لهذا السبب خلقكم الله، بل من أجل واجب العبادة، والباقي مجرد وسيلة وامتحان، فلا تجعلوا الوسائل تصبح أهدافا لأن كل شيء يزول من منصب ومال وجاه ويبقى الكفن والقبر”.

مسار بوغضن

وأثارت وفاة بوغضن حالة حزن في صفوف زملائه ومحبيه، حيث نعاه العشرات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، فيما افتتح المجلس الجماعي لمدينة تيزنيت اجتماعه أمس الأربعاء، بقراءة سورة الفاتحة ترحما على روحه.

والراحل هو من مواليد مدينة تيزنيت عام 1996، حيث حصل على شهادة البكالوريا شعبة العلوم الرياضية 2014، وعلى شهادة البكالوريا الثانية مسلك العلوم الإنسانية 2015. وفي عام 2017 حصل على شهادة الإجازة في العلوم الاقتصادية بجامعة محمد الخامس بالرباط 2017، وهو طالب باحث في سلك الماستر تخصص ”الاقتصاد وتقييم السياسات العمومية” بكلية الحقوق أكدال بالرباط.

وكان أيوب بوغضن قيد حياته قياديا طلابيا، حيث شغل عضوية المجلس الوطني لمنظمة التجديد الطلابي وكاتبها المحلي السابق بالرباط، وعضو اللجنة التنفيذية للرابطة المغربية للأمازيغية، كما أنه ابن رئيس جماعة تيزنيت والبرلماني عن حزب العدالة والتنمية إبراهيم بوغضن.

ووفق مقربين من الطالب الراحل، فإن أيوب تعرض لحادثة سير بالرباط حين كان على متن دراجته النارية، ما أدى إلى دخوله في غيبوبة لأسبوعين، قبل أن يفارق الحياة صباح اليوم، وسيُشيع جثمان الراحل ظهر غد الخميس بمقبرة الرحمة بتيزنيت، فيما ستُقام صلاة الجنازة بمسجد السنة.

وفور سماعهم نبأ وفاته، احتشد عدد من زملاء ومعارف بوغضن أمام مستشفى التخصصات بالرباط، أمس الأربعاء، فيما حضر إلى عين المكان قياديون بحزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح ومنظمة التجديد الطلابي، من بينهم عبد الإله ابن كيران وعبد الرحيم شيخي وحمزة إدام.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *