سياسة، مجتمع

الأطباء الداخليون والمقيمون ركيزة أساسية بالمستشفيات لا تنال حقوقها

يعد الأطباء الداخليون والمقيمون أحد الركائز الأساسية للمراكز الاستشفائية الجامعية، والتي تجمع بين صفة الطبيب الممارس الذي يتكفل بالمرضى وصفة الطالب الباحث المواصل لمساره الدراسي والعلمي، كما أنه يعد مؤطرا مباشرا في الحصص التطبيقية لفائدة الطلبة الأطباء ومتدربي التمريض، غير أنه رغم أهمية هذه الفئة في المنظومة الصحية إلا أنها تعد من أكثر الفئات التي “تعاني” من جملة من المشاكل والتحديات.

في هذا السياق كشف المنسق الوطني للأطباء الداخليين والمقيمين ياسين أوفقير، في حديثه لجريدة “العمق” أن الطبيب الداخلي والمقيم هو جزء أساسي من الكوادر الطبية، وأنه “تسند له مهام العمل اليومي لعلاج المرضى، ومهام الحراسة في المستعجلات، والحراسة في المصالح الاستشفائية، وكذا مهمة تأطير الطلبة، وفي نفس الوقت هو في مرحلة التكوين ويعد هو التعبير عن الوظيفة التكوينية للمستشفى الجامعي”.

وتابع أوفقير أن الأطباء المقيمون والداخليون تم ابتلاءهم بما أسماه “مصيبة الحراسة”، موضحا أن إطلاقه مصطلح “مصيبة” على الحراسة يرجع إلى “الوتيرة المرتفعة التي تجعلها تصبح شيئا غير إنساني”، كما أبرز أنها “لا يطبق خلالها حق الراحة التي يفرضها القانون مما يؤثر على تركيز الطبيب ويعرضه أكثر إلى الأخطاء الطبية”.

أوفقير الذي حل ضيفا على اليوم الدراسي للجامعة الوطنية للصحة حول موضوع “موقع المراكز الاستشفائية الجامعية بالمغرب في المنظومة الصحية وانشغالات وانتظارات الأطر الصحية”، أبرز في مداخلته أن “الأطباء الداخليون يؤدون الحراسة في المستشفيات الجامعية ولا يستفيدون من أي تعويض، شأنهم شأن أطباء المستشفيات العسكرية، والأطباء الأجانب مما يسيء إلى صورة المغرب في الخارج”.

مضيفا أن تعويض الحراسة “رغم هزالته” حتى من يستفيد منه يعاني من “التأخر الكبير”، مشير إلى أن أفضل مستشفى الجامعي في تسوية ملفات التعويض عن الحراسة هو مستشفى ابن سينا بالرباط الذي صرف تعويض سنة 2018 ومازال لم يصرف بعد تعويضات سنة 2019، كما عرج على المستشفى الجامعي لمدينة وجدة الذي أكد أنه “لم يصرف هذا التعويض منذ سنة 2011”.

من جهة أخرى أفاد المتحدث أن الأطباء غير المتعاقدين مع المراكز الاستشفائية الجامعية يعانون من إشكالات عدة على مستوى التغطية الصحية والتأمين الصحي، حيث أن المراكز الاستشفائية “تتعاقد مع شركات التأمين” وأن “هذا التأمين لا يتم تطبيقه بشكل جيد”.

وأشار إلى أن أجور المقيمين والداخليين لم تتغير من سنة 2008 أي ما يزيد عن 12 سنة، وأن الأطباء المقيمين غير المتعاقدين والأطباء الداخليون لم يستفيدوا من الزيادات التي شملت الموظفين السنة الماضية التي أقرها الحوار الاجتماعي بين المركزيات النقابية والحكومية.

أوفقير أبرز في عرضه المعنون بـ”وضعية الطبيب الداخلي والمقيم في المستشفى الجامعي.. الإكراهات والتحديات”، أن هذا هذه الفئة تعبير عن مرحلة عبور، وأن صفة الطالب تبقى لصيقة بهم، مشيرا إلى أن هذا الأمر يسبب “مجموعة من ممارسات الحيف من طرف أطر آخرين وبعض مسؤولي المصالح الذين يرون الداخليين والمقيمين بنظرة دونية لكونهم مازالوا مواصلين لتكوينهم العلمي”.

وواصل أوفقير عد الإكراهات اللصيقة بهذه الفئة من الأطباء، مشيرا أن “الولوج إلى الإقامة يتم بمسطرة غير تشاركية ويؤدي إلى العديد من الاختلالات”، وأوضح أنه من بين هذه الاختلالات بقاء مناصب مالية دون مرشحين بسبب عدم رغبة خريجي كليات الطب في التخصصات المفتوح بها تلك المناصب، وكذا زيادة نسبة الاكتظاظ حيث تم الانتقال من أستاذ طبيب لكل طالبين وطبيبين إلى أستاذ واحد مكلف بتأطير أزيد من 15 شخص.

وأضاف أن بين الاختلالات في نظام الإقامة كذلك، “أن نجد في 15 طبيبا مقيما في تخصص لا يتجاوز عدد المرضى به 20 مريضا، فيما تخصصات أخرى يوجد بها مرضى بالعشرات لا يتوفرون على العدد الكافي من الأطباء المقيمين”، معتبرا أن هذا ينعكس على جودة التكوين.

ودق أوفقير ناقوس الخطر الذي يتهدد المنظومة الصحية المغربية بسبب المشاكل التي يعانيها التكوين بالمستشفيات الجامعية، معتبرا أن المركز الاستشفائي الجامعي هو صمام أمان أي منظومة صحية.

أما فيما يخص ولوج طلبة كليات الطب الخاصة إلى نظام الإقامة بالمستشفيات الجامعية العمومية، أكد المتحدث أن طلبة العمومي “ليسوا ضد ولوج زملائهم من الكليات الخاصة إلى جانبهم، ولكن المشكل يكمن في أن الحكومة لم تحرص على شروط دخول مؤسسات التعليم الخاص في نظام الإقامة”.

وأبرز أن هذا “القرار غير المدروس” والذي “لم تتخذ بشأنه خطوات لتوفير ظروفه”، سيؤدي إلى رفع نسبة الاكتظاظ في عدد الطلبة والأطباء المقيمين والداخليين لدى كل أستاذ طبيب، “هذا في الوقت النسبة مرتفعة جدا في الأصل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *