منوعات

اختراق علمي جديد .. باحثون يطورون خوارزمية تتنبأ بالزلازل المدمرة

تعتبر الزلازل الأخطر بين الكوارث الطبيعية لأنه يتعذر علينا التنبؤ بموعد حدوثها، إلا أن دراسة نشرت بدورية “إيرث آند بلانيتاري ساينس ليترز Earth and Planetary Science Letters” في عددها رقم 536 لفبراير الحالي استطاعت أن تغير هذا التصور.

وتشرح الدراسة خوارزمية طورها فريق من الباحثين من مركز هلمهولتز بوتسدام- مركز جي إف زد الألماني للبحوث الجيولوجية لحساب “الإشارات السريعة للجاذبية المرنة- PEGS” بدقة عالية ودون جهد كبير.

وقد أظهر الباحثون أنه يمكننا الاعتماد على هذه الإشارات في استنتاج ميكانيزمات وشدة ومدة الزلازل المدمرة.

إشارات الجاذبية الأرضية

من المعروف أنه عند وقوع زلزال ما تصدر إشارات زلزالية تنتشر بسرعة الضوء (300 ألف كيلومتر في الثانية) ويمكن تسجيلها في وقت مبكر أكثر من زمن وصول الموجات الزلزالية البطيئة نسبيا (بسرعة حوالي ثمانية كيلومترات في الثانية).

تنتج هذه الإشارات السريعة عن تغيرات مفاجئة في نطاق الجاذبية الأرضية نتيجة تغيير توزع الكتل في الطبقات التكتونية. وقد سميت “الإشارات السريعة للجاذبية المرنة- PEGS”.

ولا تقتصر هذه الإشارات على بؤرة الزلزال فحسب، وإنما تتولد أيضا مع انتشار الأمواج الزلزالية في أعماق الأرض.

وقد قدم مركز هلمهولتز بوتسدام- مركز جي إف زد الألماني للبحوث الجيولوجية- سبقا علميا بتطويره لخوارزمية قادرة على حساب هذه الإشارات مما يعد بإمكانية التنبؤ بوقوع زلزال مدمر أو موجات تسونامي.

وأشار الباحثون إلى أنه يمكن حساب هذه الإشارات للزلازل المدمرة فقط ذات الشدة العالية، وذلك لأن تأثير تغير الجاذبية في هذه الإشارات يكون صغيرا جدا حيث يصل إلى أقل من مليار من جاذبية الأرض.

خوارزمية التنبؤ بتسونامي

يغير الزلزال ألواح الصخور في باطن الأرض بشكل مفاجئ، وبالتالي فإنه يغير التوزيع الشامل للكتل في الأرض.

وهذا يعني أن كل زلزال سيولد تغييرا بسيطا ولكنه فوري في الجاذبية، مما سيؤدي إلى تغيير كثافة الصخور وبالتالي تغيير الجاذبية لفترة قصيرة، مما يعني أن جاذبية الأرض تتذبذب إلى حد ما بالتزامن مع الزلزال مما يسفر عن توليد موجات زلزالية ثانوية أيضا.

ويمكن رصد بعض هذه الموجات الزلزالية الثانوية الناتجة عن الجاذبية حتى قبل وصول الموجات الزلزالية الرئيسية.

وواجه الباحثون صعوبة في فرز وتمييز إشارات الجاذبية السريعة عن الأنواع الأخرى من الهزات الزلزالية المترافقة معها، لتقديم تقديرات وتوقعات أكثر دقة حول قوة الزلزال.

اختبار مصداقية الخوارزمية

للتحقق من صحة الخوارزمية قام الباحثون بتطبيقها على بيانات الرصد الزلزالي الخاصة بزلزال توهوكو الذي ضرب اليابان عام 2011، والذي كان أيضا سببا في حدوث تسونامي فوكوشيما. وقد كان هناك تطابق تام ما بين النتائج الحاسوبية وبيانات الرصد الحقلي.

وهذا أضفى مصداقية لإمكانية استخدام هذه الخوارزمية الجديدة للتنبؤ بالزلازل المستقبلية الأخرى من خلال تقييم التغيرات في الجاذبية على بعد مئات الكيلومترات من بؤرة الزلزال السطحية، كما يمكن استخدامها أثناء حدوث الزلزال للتحقق مما إذا كان سيتسبب بحدوث تسونامي.

في حين أن أدوات الرصد الزلزالي المتوفرة اليوم ليست حساسة بعد بما فيه الكفاية، أضف إلى ذلك أن الإشارات التي تتولد عنها كثيرة جدا كما أنها تتداخل معا بحيث يصعب تمييزها بشكل مباشر ضمن هذه المنظومة.

غير أن هذه الدراسة تمهد الطريق أمام مزيد من الأبحاث المكثفة والضرورية لإعداد نظام متكامل مبكر ودقيق للزلازل المدمرة وتسونامي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *