أخبار الساعة، مجتمع

بعد حملة “زيرو ميكة”.. هل اعتاد المغاربة على البدائل الإيكولوجية؟

*

شرع المغرب ابتداء من فاتح يوليوز 2016، في منع الأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال اليومي، من خلال تفعيل القانون رقم 15. 77 الذي يمنع تصنيع أو ترويج أو استيراد أو استعمال الأكياس البلاستيكية، وبالرغم من الحملات التحسيسية والعقوبات الزجرية لمنع هذه الأكياس، فإنها باتت جزءا مهما في حياتنا اليومية، رغم الأخطار التي تسببها لبيئتنا وتهديدها لصحتنا. ووفق احصائيات وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، فان الاستعمال المفرط للأكياس البلاستيكية بالمغرب، يصل إلى أكثر من 26 مليار كيس، أي ما يعادل 800 كيس للفرد، ويحتل بذلك المرتبة الثانية عالميا.

أضرار الأكياس البلاستيكية

هل استطاع قانون منع الأكياس البلاستيكية الأحادية الاستعمال والحملات التحسيسية أن يحدثا تغييرا إيجابيا في سلوكيات المواطنات والمواطنين للحد من انتشارها؟ كان هذا هو السؤال الذي انطلقنا منه في انجاز هذا الروبورتاج الذي بدأ بجولة بالحي الفلاحي بخنيفرة، إلتقينا مجموعة من السكان الذين أكدوا لنا في تصريحات متطابقة، أن هذه الاكياس يستعملونها بشكل يومي في التسوق وحفظ المواد الغذائية وجمع النفايات، نظرا لمتانتها وخفة وزنها وانخفاض سعرها.

فاطمة ربة بيت تقطن بنفس الحي قالت بنبرة تفاؤلية، إن الأكياس البلاستيكية بدأت تتقلص منذ حملة “زيرو ميكا” وخاصة الأكياس السوداء”، قاطعتها شابة وهي تلوح بيديها قائلة” نحن مازلنا نستعمل تلك الأكياس يوميا رغم أنها أصبحت قليلة” وفق تعبيرها.

سلوكات صديقة للبيئة

وفي هذا السياق، قال المنسق الإقليمي للبيئة بالمديرية الإقليمية للتربية الوطنية العربي وخلو، إن هذه الأكياس مصنوعة من مواد نفطية يتطلب تحللها في الطبيعة مئات السنينط و تترتب عن ذلك عدة أخطـار علـى البيئـة ومواردهـا الطبيعيـة وعلـى صـحة الإنسـان وسـلامته.

و نبه الفاعل البيئي في حديثه، إلى أن التخلص غير السليم منها ومعالجتها بطريقة عشوائية يتسبب في أضرار بيئية كبيرة، داعيا المستهلكين إلى تغيير بعض سلوكياتهم”الخاطئة كالإستخدام غير الرشيد لهذه الاكياس، والتحول إلى مواطنين بيئيين يستعملون البدائل” على حد قوله.

بدائل مستدامة

و قد عاينا ونحن نقوم بجولة بأحد المراكز التجارية الممتازة التي توجد في وسط المدينة، استعمال الزبناء للأكياس البلاستيكية البديلة.

هذا الانطباع، أكده لنا أيوب وهو شاب يبلغ من العمر ثلاثون سنة مكلف بالمرفق الخاص بالخضر والفواكه، إذ قال “إنه منذ تفعيل قانون “منع الميكا”، شرع المتجر في تقديم أكياس بديلة تحمل علامة المتجر وهي قابلة للتحلل وصحية لحفظ المواد الغذائية وغيرها من المواد المصنعة وتستجيب للقانون، إلى جانب الأكياس الورقية الخاصة بحفظ الفواكه وغيرها من المواد السريعة التلف.

ولفت المتحدث ذاته، الإنتباه إلى تزايد إقبال الزبناء على اقتناء هذه الأكياس بعدما كانوا في البداية يستاؤون من دفع ثمنها الذي يتراوح بين درهم وخمسة دراهم، يردف أيوب.

وبعيدا عن المتجر المذكور، كانت وجهتنا الموالية جولة بسوق أسبوعي يقام كل يوم أربعاء في حي مجاور يسمى لاسيري، أول ما أثار انتباهنا مع بداية ولوجنا لمدخل السوق، الانتشار الواسع للمعروضات البلاستيكية، وفي الوقت ذاته تتعالى صيحات بائعي”الميكا” وغالبيهم أطفال وشباب يحملون بين أيديهم وعلى أكتافهم أكياسا بلاستكية، وعايننا وجود عدة نساء يستعملن حقائب تسوق وأكياس من القماش وأخرى متعددة الاستعمال، وفي سؤالنا لسيدة أربعينية حول استعمال الأكياس البديلة، وهي تمشي بخطى متثاقلة وتجر حقيبة تسوق وتتصبب عرقا، وبعد تردد استشارت مرافقها، ثم قالت باعتراف رافقته بابتسامة ” إني أستعمل هذه الحقيبة دائما لكافة مشترياتي لسهولة التنقل بها داخل السوق وخارجه، وأحضر معي دائما أكياس قماش تسلمتها من احدى الجمعيات البيئية، وتخليت عن استعمال “الميكا “بسبب روائحها الكريهة ومخاطرها الصحية والبيئية”، من جهة ثانية تحدث مرافقها عن أكياس أخرى يستعملها بعض المتبضعين، وهي مصنوعة إما من النيلون أو من النباتات مثل قفف الدوم وسلال القصب التي كانت تستعمل في الماضي من أجل التسوق، مشددا في هذا الشأن” بأن الحد من استعمال الأكياس البلاستيكية يتطلب منا إعادة النظر في عاداتنا في التسوق كتغيير نمط الاستهلاك، واستعمال الاكياس البلاســـتيكية الكبيرة الحجم التي يمكن استعمالها عدة مرات عند التسوق ” وفقا لقوله.

وعي بيئي

بعد ذلك انتقلنا لمركز التربية البيئية الذي يوجد وسط المدينة القديمة، للتعرف على مساهمة الفرع المحلي لجمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب للقضاء على الأكياس البلاستيكية، حيث قمنا بجولة مرفقة بشروحات حول معرض للنفايات البلاستيكية تحت شعار” البحر…المحطة الأخيرة؟”.

وفي هذا الصدد، أوضح منسق مشروع الإنتاج المشترك للنظافة بالجمعية حوسى جبور، أن الجمعية تنظم ورشات تكوينية لفائدة الجمعيات والأندية البيئية ، وحملات لمنع الاكياس البلاستيكية وجمع هذه الأكياس المتناثرة ببعض المواقع الطبيعية كغابة الأرز وجنبات بحيرة اكلمام ازكرا وتحسيس الزوار بعدم استخدام الأكياس البلاستيكية، واستعمال الأكياس البديلة الايكولوجية”.

وزاد قائلا” لا بدَّ من العمل على توعية المستهلكين بضرورة فرز النفايات في المنازل وتوفير حاويات خاصة بكل صنف لتسهيل نقلها للمطارح او لمراكز الطمر والتثمين لتتم معالجتها وفق المعايير البيئية ”

واستغرب المتحدث نفسه، من قيام بعض المستهلكين الذين يقومون برمي الاكياس البلاستيكية في الأوساط الطبيعية والفضاءات العمومية، وختم حديثه، بدعوة المستهلكين إلى ترشيد استعمالها للمحافظة على البيئة والصحة العامة.

تجربة رائدة

إن عمليـة الـتخلص ومعالجة الأكياس البلاستيكية تطرح عدة صعوبات، وفي هذا الشأن، قمنا بزيارة لمركز الطمر والتثمين بمنطقة “فارة “على بعد كلمترين عن المدينة في الجهة الجنوبية الشرقية، وقد عايننا ونحن نقوم بجولة رفقة بعض المشرفين على المركز، أعمال الفرز اليدوي وتدوير وتثمين النفايات البلاستيكية وعملية الطمر.

وفي هذا السياق، قال مدير مشروع طمر وتثمين النفايات محمد بوسدرة ، إن المركز يجد صعوبة في معالجة هذه الأكياس مقارنة مع باقي أنواع البلاستيك الأخرى القابلة للتدوير والتثمين، موضحًا أنه يتم التخلص منها بدفنها مع باقي النفايات داخل أحواض الطمر وفق معايير بيئية”.

من جهته، أشار مدير المركز عبد الله،إلى أن المركز سيعمل مستقبلا على تنظيم تجميع الأكياس البلاستيكية من أجل نقلها لمصنع الاسمنت ببني ملال من أجل حرقها واستعمالها كوقود بديل مما سيساهم في ترشيد الطاقة التي يفتقر إليها المغرب” وفق تعبيره.

* الربورتاج من إنجاز تلاميذ ثانوية طارق التأهيلية بمدينة خنيفرة، في إطار برنامج الصحافيون الشباب من أجل البيئة 2020.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *