سياسة، ملف

أبرزها عزوف الناخبين .. 5 تحديات صعبة تواجه “قيامة 2021”

تؤرق انتخابات 2021 الدولة والأحزاب على حد سواء، خصوصا أنها ستجري في ظل سياق مختلف عن سابقاتها، أبرز سماته تنزيل النموذج التنموي الجديد الذي لم تتضح معالمه بعد، ناهيك عن غياب قطبية حزبية قادرة على إشعال المنافسة، وعرض سياسي واضح سواء لدى الدولة أو الأحزاب.

العزوف والوضع الداخلي للأحزاب وتجديد منظومة القوانين الانتخابية والبحث عن نخب قادرة على الرفع من مستوى الممارسة السياسية، كلها تحديات تواجه الدولة والأحزاب لإجراء انتخابات 2021.

العزوف

تشير الكثير من المؤشرات إلى أن المغرب مقبل على تسجيل نسبة عزوف كبيرة في الانتخابات التشريعية المقبلة، خصوصا في ظل غياب قطبية حزبية تؤجج الصراع وتساهم في استقطاب الأصوات، كما حدث في 2016 بين حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، حسبما يرى الفاعل الحقوقي والسياسي خالد بكاري.

وقال بكاري في تصريح لجريدة “العمق” إن العزوف السياسي تحد تواجهه الدولة والأحزاب على حد سواء، مضيفا أن الانتخابات التشريعية المقبلة ستشهد نسبة عزوف أكبر من انتخابات 2016.

وأضاف المتحدث أن العرض السياسي للأحزاب “تقليدي لا ينتظر منه جديد”، مشيرا إلى أن هناك “سخط كبير على أداء حكومة العثماني”، ناهيك على “السخط العارم من دعم الدولة لحزب التجمع الوطني للأحرار.. وهي الورقة التي احترقت قبل أوانها”، بحسب تعبيره.

في الاتجاه ذاته ذهب المحلل السياسي محمد زين الدين، قائلا إن عوامل متعددة تغذي هذا العزوف من بينها التجاذبات بين الأحزاب السياسية وضعفها والتحولات على مستوى العالم، بالإضافة إلى “الأداء الحكومي الضعيف”.

واستدرك زين الدين، في تصريح لجريدة “العمق” بأن تكاثف جهود الدولة والأحزاب والإعلام، بإمكانه “أن يقلص هذا العزوف بنسب معقولة”، مشيرا إلى أن “هذا التحدي يبقى هاجسا كبيرا أمم انتخابات 2021”.

ويبقى لنسب لمشاركة السياسية في الانتخابات دلالات كثيرة، كما قال المحلل السياسي محمد الأمين بوخبزة لـ”العمق”، مضيفا أنها “تعطي الشرعية للمؤسسات المنتخبة” كما أنها “مرتبطة بوعي المواطنين وبأداء الفاعلين”.

تصدعات داخلية

تعيش الكثير من الأحزاب السياسية أوضاعا داخلية مرتبكة تطورت عند بعضها إلى صراعات وتراشقات طفت إلى السطح، أبرزها حزب الأصالة والمعاصرة، ثاني قوة سياسية بالبلاد، الذي عاش ما يقارب السنة من الصراع المحتدم.

حزب العدالة والتنمية أيضا عاش على وقع ارتجاجات داخلية منذ إعفاء أمينه العام السابق من تشكيل الحكومة، كما يعيش أيضا كل من حزب الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري، على وقع صراعات داخلية تتفاوت حدتها من حزب لآخر.

كل هذه التطاحنات حسب زين الدين من شأنها أن تجعل من امتحان الانتخابات التشريعية عسيرا، سواء على الأحزاب أو على الدولة، وهو الاتجاه الذي ذهب فيه أيضا بوخبزة قائلا “إن التصدعات الداخلية التي تعيشها العديد من الأحزاب تجعلها غير قادرة على خوض الانتخابات بشكل سليم”.

أين النخب؟

الوضع الداخلي للأحزاب السياسية له ارتباط وثيق بمسألة إنتاج أو استقطاب النخب، حيث يدفع واقع الصراعات الداخلية التي تعيش على وقعها العديد من الأحزاب، الكثير من النخب إلى النأي بنفسها عن العملية السياسية عموما والعملية الانتخابية على وجه الخصوص.

وفي هذا الصدد تساءل يوخبزة “هل ستعمل الأحزاب على صناعة النخب أو استقطابها، والقطع مع ممارسات جلب الأعيان؟ وهل الأحزاب بمقدورها إنتاج برامج انتخابية تتضمن عرضا سياسيا مقنعا؟”.

وواصل بوخبزة تساؤلاته “هل استطاعت الأحزاب توفير رصيد مهم من النخب؟” واسترسل “إذا استمرت الأحزاب في تقديم نفس الوجوه في اللوائح الانتخابية وأبانت عن عجز عن بلورة عينة جديدة من الكفاءات فإن ذلك يضر بالعملية الانتخابية ويغذي العزوف”.

منظومة القوانين الانتخابية

كلما اقترب موعد الانتخابات كلما تجدد فتح النقاش في القوانين الانتخابية، وطريقة التصويت والتقطيع الانتخابي، و”هو ما يعطي الانطباع على أن الممارسة الانتخابية أمر جديد على المغاربة”، حسب محمد الأمين بوخبزة.

وأضاف بوخبزة “في كل مناسبة يتم طرح نفس القضايا من قبيل التقطيع الانتخابي وطريقة التصويت ومن يشرف على الانتخابات مع العلم أننا لسنا وافدين جدد على العملية الانتخابية”، مؤكدا أنه “مررنا بمحطات كبيرة ولدينا رصيد انتخابي مهم”.

لكن زين الدين قال إن منظومة القوانين الانتخابية تشكل هاجسا للدولة والأحزاب “لكن بوقع أقل مقارنة بتحدي العزوف”، وتابع المحلل السياسي كلامه لـ”العمق” قائلا إن “منطق التوافقات هو الذي سيحكم نقاش القوانين الانتخابية”.

ورغم أن الأحزاب السياسية في البداية تطرح النقاش في البداية بصيغة تضمر الابتزاز “إلا أن الأمر ينتهي في النهاية بالتوافق بعدما تظهر الأحزاب قدرا كبيرا من المرونة”.
واسترسل: “هي توافقات صعبة بطبيعة الحال تتسبب في هدر الزمن الانتخابي”، داعيا إلى فتح نقاش وطني في هذا الأمر قبل موعد الانتخابات، معتبرا أن نقاش الأحزاب في هذا المستوى “مسألة عادية”.

“هاجس البيجيدي”

بعدما تصدر حزب العدالة والتنمية الانتخابات التشريعية خلال محطتين متتاليتين، تسعى السلطة إلى الحد من تصدر إخوان العثماني لانتخابات 2021، حسبما يرى الفاعل السياسي والحقوقي خالد بكاري.

وأضاف بكاري أن تصدر العدالة والتنمية للانتخابات التشريعية القادمة، من شأنه أن يعطي لهذا الحزب شرعية كبيرة جدا، وهو ما تسعى الدولة إلى الحيلولة دون حصوله، مشيرا إلى أن العدالة والتنمية يتوفر على قاعدة انتخابية صلبة لا يؤثر فيها العزوف بشكل كبير.

وتابع المتحدث “لكن تبقى الطريقة التي ستتصدى بها الدولة للبيجيدي لحدود الساعة غير واضحة”، متسائلا “هل ستلجأ إلى احتياطي الأعيان؟”، مبرزا بأن أمر اللجوء إلى التزوير الفاضح في الصناديق، للحد من الزخم الانتخابي للبيجيدي، يبقى مستبعدا جدا، لكن “إمكانية تصدره للانتخابات التشريعية القادمة هاجس يؤرق الدولة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *