مجتمع

جمعية “وهمية” دعمها مجلس مجاهد بـ70 مليونا تثير جدلا بدمنات

أثارت قضية “الجمعية الوهمية” بدمنات والتي فجرها رئيسها بعد إعلانه على حسابه الفايسبوكي استدعاءه من طرف الفرقة الوطنية على خلفية شكاية تتهمه بتأسيس جمعية وهمية واختلاس المال العام، (أثارت) جدلا واسعا لدى الرأي العام الدمناتي بين مطالب بمواصلة التحقيق وكشف كل الذين تورطوا في هذا الملف وبين مطالب بالتركيز على الفساد المستشري بعدد من الجماعات الترابية بالإقليم.

بداية القضية

بالرغم من انتشار قضية “الجمعية الوهمية” بدمنات منذ مدة إلا أنها أخذت بعدا آخر بعد تدوينة لرئيس الجمعية عبدالرحيم بديع الذي يشغل في الوقت نفسه منصب مستشار بالمجلس الجماعي بدمنات، والتي أخبر فيها الرأي العام بأن رئيس جماعة دمنات ونوابه وبعض الموظفين أرسلوه إلى الفرقة الوطنية في قضية تتعلق بتأسيس جمعية وهمية واختلاس المال العام.

وأضاف في التدوينة ذاتها أنه لم يكن ينتظر مراسلة الفرقة الوطنية حول الموضوع، مشيرا إلى أنه لم يفكر يوما أن يؤذي أحدا في الجماعة، وأنه كان يقوم فقط بالواجب أو ما يسمى بالمعارضة البناءة.

وفيما يشبه محاولة لتبرئة الذمة عبر “فايسبوك” نشر رئيس الجمعية التي تحمل اسم “جمعية التنمية والرياضة والثقافة والفن بدمنات” تدوينة أخرى جاء فيها: “حسبو معايا عفاكوم أن الجمعية تالتنمية والرياضة ديالنا تلقات دعم ديال71مليون في ثلاث سنوات وغادي نصرفها على الجمعية الرياضية لكرة القدم وجمعية الكرة الحديدية لمدة ثلاث سنوات حسبوا مزيان عفاكوم وضربو التحت كاع للعام الواحد ديال المنافسة في البطولة الوطنية لكرة القدم… وحسبو مزيان عاوتاني عفاكوم الكونكور الوطني ديال الكرة الحديدية لي تايجيو المشاركين من أنحاء الوطن تقريبا وتايشاركو معانا…. ضربوا كاع التحت وتقشفوا مزيان”.

ردود أفعال

لم يتأخر رد فعل رئيس الجمعية والمستشار الاستقلالي فقد أعلن يوم الجمعة 28 فبراير المنصرم، دخوله في إضراب مفتوح بمقر الجماعة للمطالبة بفتح تحقيق حول ما وصفها بالخروقات داخل جماعة دمنات من لدن الفرقة الوطنية.

وقد ظهر المستشار في صور قام بنشرها عبر الفايسبوك وهو معتصم داخل مقر جماعة دمنات وبجانبه مجموعة من الأوراق التي كتب عليها شعارات من قبيل “العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم” وهو الشعار الذي يؤكد أن اعتصام المعني بالأمر هو رد فعل مباشر ضد من اتهمهم بتقديم شكاية، بحسب وصف متتبعين.

وجاء في تدوينة أخرى للمستشار حول نفس الموضوع “ياك عطيتك بالتساع ألرايس ودابا جبتيني.. يلاه دابا غاندوزوا كاملين عند الفرقة الوطنية ولا الوكيل العام للملك ولا المجلس الجهوي للحسابات فينما عجبك نمشيو ولي عندوا شي ملفات فساد اجبدهوم”، وفق تعبيره.

وطالب “بديع” عبر الفايسبوك الذي اتخذه منصة لإصدار مواقفه كل السلطات المحلية والإقليمية لإحضار الفرقة الوطنية للتحقيق في “خروقات الجماعة”، مضيفا ” أن أكفس شهر غادي يدوزو الرايس وصحابوا فحياتهوم.. والمشكل العويص والكبير ماتيعرفونيش مزيان.. أن الدقة لي ماتقتلني غادي غير تقويني. وأن السجن كاع غادي يكون ارحم بي من هاد الحياة التي لاترحم الصغير ولا الكبير الفقراء منهم طبعا”.

حزب الميزان الذي ينتمي إليه المستشار بديع بدوره أصدر بيانا تضامنيا قال فيه إن “المستشار بديع الذي اختار المعارضة داخل المجلس الجماعي لدمنات وللانتقام منه فقد تم اتهامه بتكوين جمعية وهمية واختلاس أموالها”، مشيرا إلى أنه أدلى بكل الوثائق للفرقة الوطنية التي تثبت وتؤكد شرعية ومشروعية تلك الجمعية وما تقوم به من أنشطة.

وأعلن حزب بركة عبر مفتشه بأزيلال التضامن المطلق مع عبدالرحيم بديع في “موقفه الشجاع والجريء والتاريخي”، في إشارة منه إلى الاعتصام داخل مقر الجماعة ومطالبته المجلس الأعلى للحسابات وجميع المسؤولين بفتح تحقيق حول ما وصفها بخروقات داخل جماعة دمنات.

رئيس جماعة دمنات يدخل على الخط

وكما كان منتظرا فقد أصدر رئيس جماعة دمنات بيانا ضد تدوينات المستشار الاستقلالي والتي يتهمه فيها بتحرير شكاية ضده، حيث وصف هذه التدوينات بأنها “تحركات بهلوانية فارغة هدفها تغليط الرأي العام وتحويل اهتمامه عن القضية الأساس التي هي استدعاء الفرقة الوطنية للمعني بالأمر على خلفية تأسيس جمعية وهمية واختلاس المال العام”.

وأشار الرئيس المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة في بيان تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه إلى أن المتتبع العادي لخرجات المستشار الاستقلالي”بديع” سيلاحظ أنه لا يستقر على حال، كما سيلاحظ التناقضات الصارخة في تدويناته نتيجة الاتهامات الموجة إليه.

ونأى “الغوات” في البيان ذاته بالجماعة ورئيسها عن موضوع متابعة المستشار الاستقلالي في القضية التي تحقق معه بشأنها الفرقة الوطنية، موضحا أن إقحامه في هذه القضية ما هو إلا لتغليط الرأي العام لكسب تعاطفه بالرغم من كون التهمة واضحة وضوح الشمس التي تتعلق باختلاس المال العام”، وفق تعبيره.

مطالب بتعميق البحث وفتح التحقيق

عبدالجليل أبوالزهور فاعل جمعوي بدمنات نشر على حسابه الفايسبوكي تفاصيل دقيقة، أشار فيها إلى أن الجمعية المعنية عقدت آخر جمع لها بتاريخ 23 أكتوبر 2017 على الساعة الثالثة بعد الزوال وكان جمعا عاما استثنائيا بحيث أن الجمعية كانت تسمى قبل هذا الجمع الاستثنائي جمعية التنمية الرياضية بدمنات، مؤكدا على أن الجمع العام الاستثنائي لم يعقد بمقر الجماعة بل لم يعقد في الأصل.

وتعليقا على موضوع عدم انعقاد الجمع العام للجمعية، قال أبو الزهور في تديونته المطولة إن “هذا يدل على كون السلطة المحلية بدورها متورطة في تسليم وصل ايداع الملف القانوني للجمعية نظرا لكون الجمعية يوجد من ورائها شخص لا يعرف كلمة المستحيل لأنه يعرف ويعلم علم اليقين نقط ضعف منعدمي الضمير من رجال السلطة الذي يسيرون على بطونهم”.

وأضاف الفاعل الجمعوي ذاته أن جمعية التنمية والرياضة والثقافة والفن أسست فقط لجلب المنح من مجلس الجهة ومن المجلس الاقليمي وإدخالها في حساب الجمعية وحتى يسهل التصرف في هذه الأموال بشكل سلس وسهل.

واستنادا إلى مصادره “فرئيس الجمعية يسلم الشيكات للعضو المؤسس الفعلي للجمعية الذي هو بالمناسبة عضو مجلس جهة بني ملال حنيفرة، وأن هذا الأخير يقوم بمد أمين المال ببعض الفتات ليوقع الشيكات الى جانب رئيس الجمعية”.

وزاد قائلا: “فالثلاثي (رئيس الجمعية والرئيس المؤسس الفعلي لجمعية التنمية الرياضية بدمنات ورئيس الجمعية الرياضية) يضحون من مال الجمعية ومصاريف العزاء حين وفاة أحد أقارب الرئيس الفعلي تسلم هذا الأخير مبلغ 50000,00 درهم من مقاول وسلم له شيك الجمعية، والمقاول خوفا من كل مساءلة أحدث شركة لتنظيم الحفلات ليبرر كون المبلغ المسلم هو لتمويل نشاطين رياضيين واحد بدمنات والآخر بأزيلال”.

وفي ختام تدوينته عبر عبد الجليل أبو الزهور عن أمله في تعميق البحث في هذه القضية من طرف النيابة العامة المختصة لتصل إلى كل المتلاعبين والمستفيدين دون وجه حق من الدعم المخصص لهذه الجمعية الوهمية، وفق تعبيره.

أما الجبهة الاجتماعية المحلية وفي إطار تفاعلها مع الموضوع فقد طالبت في بيان حصلت العمق على نسخة منه بالاستماع للمستشار المعني وكل من له علاقة بملفات الفساد التي يقول إنها يتوفر على ادلة حولها، معتبرة إياه في وضع التبليغ عن جريمة تتعلق بالمال العام، وشددت على ضرورة أخذ تصريحاته بشكل قانوني ورسمي نظرا لوضعه القانوني كمستشار بجماعة دمنات.

وطالب بيان الجبهة بالكشف عن الحقيقة فيما يتعلق بالأموال العمومية التي تم ويتم صرفها بدمنات سواء من ميزانية الجماعة أو غيرها وتزويد الرأي العام بكافة المعلومات بشأن ذلك.

وأشار المصدر ذاته إلى أن “هذا الملف لم يكشف وحسب عن كيفيات تدبير الأموال العمومية، بما فيها التحايل على القانون لتمويل جمعيات، لا يمكنها قانونا الاستفادة من الدعم العمومي، بل عن كيفية التستر عن الاختلالات التدبيرية واستغلالها لتصفية الحسابات في إطار ضيق من الابتزاز وتبادل المنافع”، وفق تعبير البيان.

النقاش الدائر حول الجمعية دفع مواطنين دمناتيين إلى مطالبة رئيس الجمعية بنشر تفاصيل صرف الميزانية التي توصلت بها جمعيته، مستغربة في الوقت ذاته تصريحاته حول صرف جزء من هذه المنحة في أنشطة تعود لجمعيات أخرى.

إقصاء بسبب غياب مبررات الصرف

محمد اوهنين رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والثقافية والتعليم والتكوين بمجلس جهة بني ملال خنيفرة أكد أن اللجنة وضعت معايير أمام الجمعيات التي ترغب في الاستفادة من دعم مجلس الجهة، مؤكدا أن الجمعيات المعنية احترمت كل الشروط.

وقال المتحدث في تصريح لجريدة “العمق” إنه ليس من صلاحيات اللجنة التأكد من عقد الجمعيات جموعاتها العامة، وما يهمها هو الوصل النهائي الذي تسلمه السلطات المعنية”، في إشارة منه إلى وصف الجمعية التي أثارت الجدل بالوهمية.

وأضاف أن هذه الجمعية استفادت في عهد الراحل “الكرومي” الذي كان يترأس اللجنة من منحة قدرت بـ 50 مليون سنتيم وفي عهده تم تقليصها إلى 20 مليون سنتيم، مؤكدا أنها الجمعية الوحيدة التي لم تستفد هذه السنة بسبب عدم تقديمها مبررات صرف المنحة السابقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *